بعد أعوام من الحروب الدامية بين القوات الأميركية وحلفائها من جهة وحركة "طالبان" من جهة ثانية، وبعد أن توصلت كل من الولايات المتحدة الأميركية والحكومة الأفغانية بل وجميع أطراف المعضلة، إلى أن الحل يكمن في الحوار، خصوصاً بعد فشل الخيار العسكري، كانت المشكلة الرئيسية والسؤال الأبرز آنذاك، وتحديداً بعد نحو عقد على الحرب، من سيمثل "طالبان"؟ ومن سينوب عنها في المفاوضات مع كابول وواشنطن؟
وكانت الجهات المعنية جميعاً، الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، تصرّ على أن يكون لـ"طالبان" مكتب سياسي ينوب عنها في الحوار، وطُرحت في حينه عدّة خيارات، أخذت نقاشا مستفيضا، حول مكان هذا المكتب؛ بأن يكون في إحدى الدول الثلاث تركيا أو المملكة العربية السعودية أو دولة قطر.
ونظراً لدورها الحيادي ولنجاحها كوسيط في العديد من الأزمات العالمية، منها أزمة إقليم دارفور السوداني، والأزمة بين حركتي "فتح" و"حماس"، وأزمة الشيشان، وسياستها الحيادية والتوفيقية، وقع الخيار على قطر.
اقــرأ أيضاً
في هذا الصدد، يقول المحلل السياسي الأفغاني إسماعيل عندليب، إن "دور دولة قطر في أفغانستان منذ الغزو السوفييتي وإلى الآن معروف بأنه لصالح الشعب الأفغاني وأنه لا ينحاز إلى أية جهة، لذا كان المكتب هو المكان المفضل لأن يكون مقراً لجميع الأطراف الأفغانية، وباتت جهوده لبنة أساس لجميع الجهود التي بذلت بهذا الشأن".
وبعدما تمكّنت دولة قطر بفضل جهود حثيثة وبالتنسيق مع الجهات المختلفة والولايات المتحدة الأميركية، من فتح المكتب السياسي لحركة "طالبان" في يونيو/حزيران من عام 2013، وجّهت بعض الجهات من داخل الحكومة الأفغانية اللوم للدوحة، ولكن تلك الجهات نفسها اعترفت في ما بعد بمدى نجاح هذه الخطوة.
ورغم انزعاجه في البداية من خطوة فتح مكتب لحركة "طالبان" في الدوحة، غير أنّ الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي، أكّد على ضرورة الحوار لحلّ الأزمة الأفغانية التي طال أمدها وراح ضحيتها الآلاف، مشيراً إلى أن "طالبان من بني جلدتنا وأن الحوار معها هو لحل المعضلة"، معتمداً على مكتب الحركة في الدوحة لدفع جهود المصالحة، في الفترة الأخيرة من ولايته.
وكانت تلك الخطوة الجريئة لبنة أساسية لكافة جهود المصالحة الأفغانية، وهو ما اعترفت به "طالبان" بدورها. ووفق تصريحات رئيس المكتب السياسي لـ"طالبان" سابقاً، طيب آغا، فإن المصالحة الأفغانية كانت بحاجة إلى أن يكون للحركة عنوان تتحدث من خلاله، وهذا العنوان كان مكتبها في الدوحة.
كما أشار إليه الإعلامي الأفغاني، قريب الرحمن شهاب، قائلاً: "لولا مكتب طالبان في الدوحة، لما تمكن ممثلو الحكومة الأفغانية ولا خبراء القضية وزعماء القبائل من الجلوس مع ممثلي الحركة على طاولة واحدة ومعرفة وجهات نظرهم حيال القضية الأفغانية".
وفي العام التالي، في شهر يونيو/حزيران، تم تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة الأميركية و"طالبان"، حيث تم الإفراج عن خمسة من قيادات الحركة مقابل الإفراج عن جندي أميركي يدعى بروغدال (28 عاماً)، وقد جرت صفقة تبادل الأسرى بجهود قطرية وبالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أكده الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما.
كما أثبتت مجريات المصالحة الأفغانية ودور مكتب "طالبان" في الدوحة أن القادة المفرج عنهم تسببوا في تقوية الوجه السياسي للحركة، وأنهم أكثر من يدعون إلى عملية المصالحة. لذا رأى مراقبون أن صفقة تبادل الأسرى كان لها أثر إيجابي على المصالحة الأفغانية.
ولم تقتصر الجهود القطرية لحلحلة الأزمة الأفغانية عبر الحوار على هذا، بل استضافت اجتماعات عقدت بشأن الحوار الأفغاني، وقدمت كل الإمكانيات للأطراف الأفغانية للجلوس إلى طاولة الحوار ومناقشة أبعاد الأزمة في ما بينهم، بهدف إيجاد حل للمعضلة التي باتت تحصد الأرواح بلا هوادة.
اقــرأ أيضاً
وبفضل تلك الاجتماعات، تمكّن ممثلو الحكومة الأفغانية وزعماء القبائل ووجهاء البلاد من أن يجلسوا مع ممثلي "طالبان". وفي هذا السياق، قال زعيم قبلي شهير في أفغانستان، قيوم كوشي، وهو عمّ الرئيس الأفغاني، بعد مشاركته في اجتماع عقد بين ممثلي الحركة ومندوبي الحكومة تحت إشراف مؤسسة "بغواش" الكندية في الدوحة في مايو/أيار عام 2015، إن "الجلوس مع ممثلي طالبان على طاولة واحدة كان مثمراً للغاية".
كما سافر قادة الحركة من خلال المكتب في الدوحة إلى دول أوروبية عديدة، كاليابان وفرنسا وألمانيا، للمشاركة في مؤتمرات الصلح والحوار مع الحكومة.
ويبقى الدور القطري محطة مفصلية في الأزمة الأفغانية، باحتضانه اجتماعات المصالحة، التي باتت خياراً حتمياً لحلّ الأزمة بعد أكثر من 16 عاماً من الحرب.
وكانت الجهات المعنية جميعاً، الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي، تصرّ على أن يكون لـ"طالبان" مكتب سياسي ينوب عنها في الحوار، وطُرحت في حينه عدّة خيارات، أخذت نقاشا مستفيضا، حول مكان هذا المكتب؛ بأن يكون في إحدى الدول الثلاث تركيا أو المملكة العربية السعودية أو دولة قطر.
ونظراً لدورها الحيادي ولنجاحها كوسيط في العديد من الأزمات العالمية، منها أزمة إقليم دارفور السوداني، والأزمة بين حركتي "فتح" و"حماس"، وأزمة الشيشان، وسياستها الحيادية والتوفيقية، وقع الخيار على قطر.
ورغم انزعاجه في البداية من خطوة فتح مكتب لحركة "طالبان" في الدوحة، غير أنّ الرئيس الأفغاني السابق حامد قرضاي، أكّد على ضرورة الحوار لحلّ الأزمة الأفغانية التي طال أمدها وراح ضحيتها الآلاف، مشيراً إلى أن "طالبان من بني جلدتنا وأن الحوار معها هو لحل المعضلة"، معتمداً على مكتب الحركة في الدوحة لدفع جهود المصالحة، في الفترة الأخيرة من ولايته.
وكانت تلك الخطوة الجريئة لبنة أساسية لكافة جهود المصالحة الأفغانية، وهو ما اعترفت به "طالبان" بدورها. ووفق تصريحات رئيس المكتب السياسي لـ"طالبان" سابقاً، طيب آغا، فإن المصالحة الأفغانية كانت بحاجة إلى أن يكون للحركة عنوان تتحدث من خلاله، وهذا العنوان كان مكتبها في الدوحة.
كما أشار إليه الإعلامي الأفغاني، قريب الرحمن شهاب، قائلاً: "لولا مكتب طالبان في الدوحة، لما تمكن ممثلو الحكومة الأفغانية ولا خبراء القضية وزعماء القبائل من الجلوس مع ممثلي الحركة على طاولة واحدة ومعرفة وجهات نظرهم حيال القضية الأفغانية".
وفي العام التالي، في شهر يونيو/حزيران، تم تبادل الأسرى بين الولايات المتحدة الأميركية و"طالبان"، حيث تم الإفراج عن خمسة من قيادات الحركة مقابل الإفراج عن جندي أميركي يدعى بروغدال (28 عاماً)، وقد جرت صفقة تبادل الأسرى بجهود قطرية وبالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أكده الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما.
كما أثبتت مجريات المصالحة الأفغانية ودور مكتب "طالبان" في الدوحة أن القادة المفرج عنهم تسببوا في تقوية الوجه السياسي للحركة، وأنهم أكثر من يدعون إلى عملية المصالحة. لذا رأى مراقبون أن صفقة تبادل الأسرى كان لها أثر إيجابي على المصالحة الأفغانية.
ولم تقتصر الجهود القطرية لحلحلة الأزمة الأفغانية عبر الحوار على هذا، بل استضافت اجتماعات عقدت بشأن الحوار الأفغاني، وقدمت كل الإمكانيات للأطراف الأفغانية للجلوس إلى طاولة الحوار ومناقشة أبعاد الأزمة في ما بينهم، بهدف إيجاد حل للمعضلة التي باتت تحصد الأرواح بلا هوادة.
وبفضل تلك الاجتماعات، تمكّن ممثلو الحكومة الأفغانية وزعماء القبائل ووجهاء البلاد من أن يجلسوا مع ممثلي "طالبان". وفي هذا السياق، قال زعيم قبلي شهير في أفغانستان، قيوم كوشي، وهو عمّ الرئيس الأفغاني، بعد مشاركته في اجتماع عقد بين ممثلي الحركة ومندوبي الحكومة تحت إشراف مؤسسة "بغواش" الكندية في الدوحة في مايو/أيار عام 2015، إن "الجلوس مع ممثلي طالبان على طاولة واحدة كان مثمراً للغاية".
كما سافر قادة الحركة من خلال المكتب في الدوحة إلى دول أوروبية عديدة، كاليابان وفرنسا وألمانيا، للمشاركة في مؤتمرات الصلح والحوار مع الحكومة.
ويبقى الدور القطري محطة مفصلية في الأزمة الأفغانية، باحتضانه اجتماعات المصالحة، التي باتت خياراً حتمياً لحلّ الأزمة بعد أكثر من 16 عاماً من الحرب.