تزداد وتيرة الخلافات بين كبار المسؤولين في الحكومة العراقية، حسبما علمت "العربي الجديد"، لوجود مصالح خاصة، أدت إلى تفاقم الصراع على الحكم، في مرحلة ما بعد الانتخابات، التي انتهت في عام 2014 بتولّي حيدر العبادي رئاسة الحكومة، خلفاً لنوري المالكي، الذي كان يبحث عن ولاية ثالثة.
لم تكتف الشخصيات السياسية الحاكمة بمناصب رفيعة، بل عزّزتها بقوة مسلحة، وهو ما ظهر من خلال مجموعة من المليشيات مدعومة من قبل شخصيات نافذة وأحزاب السلطة. ويكشف مقرّب من الحكومة العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات بين كبار السياسيين في الحكومة العراقية، تطوّرت بعد أن دخلت تلك الشخصيات والمليشيات مرحلة تحديد المصير، لوجود تدخّل أميركي، يُفضي إلى تغييرات في الحكومة، تحديداً الشخصيات المُمسكة بالملف الأمني في البلاد".
يلفت المصدر إلى أن "تلك الخلافات كانت موجودة في السابق، لكنها كانت تتلخص في عقود وحصص من مشاريع سابقة". يؤكد أن "لدى البعض منهم أدلة مادية على عمليات فساد، أو إرهاب، يستخدمونها لتهديد البعض الآخر". يضيف المصدر أن "ذلك يأتي في الوقت الذي طلبت فيه الولايات المتحدة من العبادي اتخاذ إجراءات بحق مسؤولين كبار في الدولة، وإنهاء الحشد الشعبي".
ويتابع "بعض الملفات التي تدين المسؤولين وصلت إلى شخصيات خارج الحكومة، ومنها شخصيات معارضة وأخرى إعلامية، لكن المدانين من المسؤولين هددوا في حال فتح الملفات باستخدام نفوذهم، وهو أمر ليس بالجديد، كون هناك الكثير من الصفقات، التي تتمّ منذ سنوات، لحفظ ملفات فساد وإلغائها". يُشدّد المصدر على أن "بعض المسؤولين المدانين تمّت تسوية ملفاتهم عبر التحفّظ عليها، وعدم فتحها مقابل مبالغ مالية ضخمة (لم يعلن عن مقدارها)، بالإضافة إلى معاهدات بتسليم عقود وصفقات تجارية في بغداد والمحافظات".
اقرأ أيضاً: مسلّحون يستولون على منازل المسيحيين في بغداد
لكن، والحديث للمصدر، إن "الخطر الأكبر الذي يحاول كبار المسؤولين في الحكومة تجنّبه هو الوجود الأميركي، الذي فرض رأيه أخيراً، مع وجود أكبر للقوات الأميركية، التي ازداد عديد أفرادها في الآونة الأخيرة". يردف المصدر أن "حراكاً مستمراً تشهده مكاتب ومنازل مسؤولين كبار في الحكومة (لم يُسمّهم)، من داخل البيت الشيعي، سعياً للوصول إلى اتفاق أو تفاهم مشترك، بعد أن أيقنوا بوجود قوة خارجية متمثلة بالولايات المتحدة، تسعى إلى إعادة هيكلة الحكومة، وإسقاط عدد من كبار القيادات والشخصيات السياسية والأمنية". ويشير إلى أن "المخاوف تنتاب حزب الدعوة من حصول تصفيات لبعض من كبار قياداته، من خلال تجريدهم من الصلاحيات وفرض إقامة جبرية عليهم".
في السياق، يرى مصدر من وزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد"، أن "الولايات المتحدة أبلغت العبادي بضرورة الإسراع في حل مليشيا الحشد الشعبي، وتغيير القيادات الأمنية". يتابع المصدر أن "كبار القادة الأمنيين وضعت أسماؤهم من ضمن المشمولين بالتسريح من الوظيفة، لوجود تأكيدات حول ارتباطاتهم الخارجية، تحديداً مع الحرس الثوري الإيراني".
وينوّه إلى أن "الدوائر الأمنية المهمة التي كانت تدار من قبل ضباط مهنيين، أصبحت تدار من قبل شخصيات دُربت في إيران، ولا تحمل مؤهلات عسكرية، بعد القيام بعمليات تصفية للضباط المهنيين من خلال القتل أو تحويلهم إلى دوائر أخرى مع تجريدهم من الصلاحيات".
يبدو القلق من القرارات الأميركية واضحاً على قيادات المليشيات في العراق، وهو ما اتضح من خلال تصريح قيس الخزعلي، الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق"، المقرّبة من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
يقول الخزعلي في تصريح له إن "الخطر الذي يتعرض له العراق هو بسبب دولة الشرّ الولايات المتحدة، التي أوجدت نظام المحاصصة، كتوزيع المناصب الحكومية بحسب المكونات الطائفية والعرقية، وما نتج عنه من فساد، وهي التي أوجدت الأداة العسكرية التكفيرية داعش كمحاولة لإشعال الفتنة الطائفية".
في هذا الصدد، يعتبر المحلل السياسي علي الصميدعي، بأن "كلام الخزعلي تأكيد على ما تشعر به المليشيات من محاربة وجودها على الأرض". لم يستبعد الصميدعي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، "أن تمارس هذه المليشيات نشاطات تخريبية لإشعال بلبلة وتحشيد قوات الحشد الشعبي للقيام بأعمال مسلحة، قد يكون من بينها اقتطاع مدن وجعلها تحت سيطرتها، لا سيما أن لها نفوذاً كبيراً في المحافظات الجنوبية". يلفت إلى أنها بذلك "تحمي السياسيين الذين يقفون وراء دعم المليشيات من المحاسبة، سواء على القيام بأعمال إجرامية أو عمليات الفساد الكبيرة، بعد افتضاح العديد من الملفات".
اقرأ أيضاً: دعوات لتشكيل حكومة طوارئ في العراق