يجري في العاصمة القطرية، الدوحة، وضع اللمسات الأخيرة قبيل انطلاق المحادثات الأفغانية بين حركة "طالبان" وممثلي الحكومة الأفغانية، وذلك بعد تجاوز عقبة تبادل السجناء بين الطرفين وإرسال "طالبان" لوفدها المشارك في المحادثات، أمس الأول السبت.
وفي الوقت الذي لم يعلن فيه بعد الجانب القطري، الذي يرعى المحادثات، موعد انطلاقها، بعد حل إشكالية الإفراج عن كل السجناء البالغ عددهم 5 آلاف كما طالبت بذلك "طالبان" قبل المشاركة في أي حوار مع الحكومة، أوردت وكالة "رويترز"، اليوم الاثنين، عن مصدر حكومي وآخر دبلوماسي قولهما إن المفاوضين الأفغان أرجأوا زيارتهم المقررة إلى الدوحة بسبب عدم الانتهاء من الترتيبات الخاصة.
ووفق المصدر ذاته، فإن الفريق المفاوض عن الحكومة لن يغادر اليوم، الاثنين، إلا أن مسؤولا حكوميا كبيرا قال لـ"رويترز"، إن الوفد قد يتوجه إلى العاصمة القطرية غدا، الثلاثاء.
وأضاف أن سبب التأخير يرجع في جانب منه إلى وضع "طالبان" والمسؤولين في الدوحة للترتيبات النهائية الخاصة بمراسم الافتتاح، ومنها تحديد المتحدثين وكيفية ترتيب الأعلام.
وفضلت مصادر دبلوماسية قطرية، اتصل بها "العربي الجديد" لمعرفة موعد بدء المفاوضات، عدم التعليق على الأمر، فيما تستمر الترتيبات لعقد المؤتمر، والجلسة الافتتاحية، والاتفاق مع الطرفين على أجندة المفاوضات. كما لم يتأكد وصول 6 من السجناء من حركة "طالبان"، تم الإعلان أنه قد جرى التوصل إلى اتفاق يقضي بنقلهم إلى قطر ووضعهم قيد الإقامة الجبرية الأسبوع الماضي.
من جهته، أكّد نائب الرئيس الأفغاني أمر الله صالح، أمس الأحد، أن "مفاوضي الحكومة سيدفعون نحو التوصل لوقف إطلاق للنار عندما تبدأ المحادثات مع طالبان".
وقال صالح "لتولو نيوز"، أكبر شبكة تلفزيونية خاصة في البلاد، إنّ "الاختبار الأول لطالبان هو وقف إطلاق النار"، موضحا أنّ "الوفد الأفغاني سيتوجه إلى الدوحة بعد تسوية جميع القضايا اللوجستية".
وأشار صالح إلى أن بدء المحادثات تأجل بسبب معارضة إطلاق سراح بعض المسلحين، وقال "كان علينا التوصل إلى اتفاق مع حلفائنا بشأن 6 سجناء على القائمة السوداء"، في إشارة إلى فرنسا وأستراليا، اللتين اعترضتا عن الإفراج عن السجناء الستة لضلوعهم في قتل جنودهما.
وأضاف صالح أنه تم الاتفاق على أن هؤلاء الأسرى "سيرسلون إلى قطر لفترة محددة". واكتمل التبادل الأسبوع الماضي باستثناء إطلاق سراح سجناء "طالبان" الذين عارضت فرنسا وأستراليا الإفراج عنهم.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن مبعوث واشنطن الخاص إلى أفغانستان، زلماي خليل زاد، توجه إلى الدوحة، الجمعة الماضي، للدفع بجهود إطلاق المفاوضات بين الأطراف الأفغانية، مشيرة إلى أن الشعب الأفغاني مستعد لتطبيق حلّ سياسي يحد من الاشتباكات بشكل دائم، وينهي الحرب.
وكانت "طالبان" قد أعلنت، السبت، أسماء أعضاء وفدها المفاوض الذي سيشارك في محادثات السلام بالدوحة مع ممثلي الحكومة الأفغانية، لاستكمال الجزء الثاني المهم من اتفاق السلام الذي وقعته الولايات المتحدة مع "طالبان"، في فبراير/ شباط.
المفاوضات ستنطلق بأجندة سهلة ومقبولة للطرفين، وذلك للمساهمة في خلق أجواء ونتائج بناءة يمكن التوافق عليها وتساهم في خوض مسائل أكثر تعقيداً
وسمّت "طالبان" الشيخ عبد الحكيم رئيساً لهيئتها التفاوضية مع الحكومة الأفغانية، وشير محمد عباس ستانكزاي نائباً له.
وقال قيادي في حركة "طالبان"، طلب عدم ذكر اسمه، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إنه "مع انطلاق الحوار المباشر بين الأطراف الأفغانية، سيكون التركيز على نقاط أساسية وهي: وقف إطلاق نار شامل، والتغيير الجذري وإعادة النظر في دستور البلاد، وتشكيل حكومة إسلامية شاملة لجميع أطياف الشعب، تحل محل حكومة غني (الرئيس الأفغاني أشرف غني)"، معتبراً أن الحكومة الحالية شكّلتها الولايات المتحدة وليس الشعب الأفغاني.
وكان المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، مطلق بن ماجد القحطاني، قد أكد لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أن "المفاوضات ستنطلق بأجندة سهلة ومقبولة للطرفين، وذلك للمساهمة في خلق أجواء ونتائج بناءة يمكن التوافق عليها وتساهم في خوض مسائل أكثر تعقيدا".
ورعت قطر في شهر فبراير/ شباط الماضي التوقيع على "اتفاق الدوحة لإحلال السلام في أفغانستان" بين الولايات والمتحدة الأميركية و"طالبان"، تمخض عنه بدء انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الأفغانية، وعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، وإطلاق سراح الآلاف من سجون الحكومة الأفغانية وسجون حركة "طالبان".
كما استضافت الدوحة في شهر يوليو / تموز من العام الماضي حوارا أفغانيا-أفغانيا، برعاية قطرية ــ ألمانية، وبمشاركة 60 شخصية من حركة "طالبان" والحكومة الأفغانية والمعارضة والمجتمع المدني، شاركوا بصفاتهم الشخصية. ونجح الحوار بالخروج بورقة تفاهمات تمهّد، كما قال المشاركون، لتحقيق السلام، وذلك بالتأكيد على "إيجاد الجو الآمن والملائم لبدء المفاوضات المباشرة بين الأطراف الأفغانية"، وفق ما جاء في التوصيات الصادرة عنها.
وأكدت ورقة التفاهمات ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم الآثار المترتبة على الصراع العسكري، والعمل على عودة المهجرين ورفض تدخّل القوى الإقليمية في الشؤون الداخلية الأفغانية. كما شددت على الحفاظ على استقلال أفغانستان، وإجراء الإصلاحات اللازمة في بنية الحكومة الأفغانية، ومنع استخدام لغة التهديد والانتقام. وفي الوقت الذي أصرّت فيه حركة "طالبان" على أن تتضمن التوصيات التأكيد على الهوية الإسلامية للنظام الأفغاني، تعهّدت في الوقت نفسه بـ"ضمان حقوق المرأة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، وفقاً للإطار الإسلامي للقيم الإسلامية ".