الدنمارك... سحب إقامة من يرسل أبناءه للوطن الأم لتربيتهم وتثقيفهم

10 فبراير 2018
مخاوف من عرقلة اندماج المهاجرين(ناصر السهلي)
+ الخط -


تتجه أغلبية برلمانية دنماركية نحو سحب إقامة الأهل (من أصول مهاجرة) في حال إرسال أبنائهم إلى أوطانهم الأصلية بهدف ما يسمى "إعادة تربية وتثقيف" لدى الأقرباء. ويأتي ذلك على خلفية تقرير أصدرته وزارة الخارجية الدنماركية يشير إلى أن 38 مراهقاً اتصلوا بسفارات الدنمارك في بلدانهم الأصلية يطلبون العودة.

هذه الخطوة التشريعية في كوبنهاغن تذهب لفرض القرار على الحكومة لاتخاذ "خطوات جادة وتوجيه رسالة للأهالي بأن تصرفاتهم تلك ستؤدي إلى سحب الإقامة من الوالدين"، بحسب مقرر شؤون الدمج في حزب الشعب الدنماركي، مارتن هينركسن.

ويتفق اليسار واليمين بأن "إرسال الأطفال، ذكورا وإناثا، وانتزاعهم من محيطهم الدنماركي من قبل الوالدين اللذين لا يحملان جنسية الدنمارك يتجاوز مسؤولية الوالدين في التربية، ويعيق تماما اندماج هؤلاء الأطفال في المجتمع الذي يعيشون فيه (الدنماركي)"، بحسب ما يتفق عليه ثلاثة من الأحزاب التي تدفع نحو تبني مقترح القانون.

ويخشى ممثلو أغلبية الشعب الدنماركي أن "تصرفات هؤلاء الأهالي تمنع الأبناء من أن يكونوا كبقية الأطفال، دنماركيين في مجتمعهم"، بحسب هينركسن. في حين يرى يسار الوسط بأن "إرسال الأطفال إلى الأوطان الأصلية لإعادة تشكيلهم على مزاج الأهل، يجعل سير أمورهم في الاندماج كما حالة الأهالي الذين ظلوا خارج الاندماج في الدنمارك".

وتوافقت الأحزاب السياسية الدنماركية يوم أمس الجمعة على تمرير مشروع قانون "سحب الإقامة" في الدورة التشريعية الحالية (الممتدة حتى الإجازة الصيفية) باعتباره "قانونا يبعث رسالة لكل المهاجرين بأنه من غير المسموح إعاقة اندماج الأطفال واليافعين، وتبنيهم خيارات ليست شبيهة بالدنماركيين".

ويشبّه مسؤول اللجان البرلمانية في حزب الشعب الاشتراكي، كارستن هونغ، رفض المشرعين لتصرفات الأهل باعتباره "تدخلا ضروريا لحماية الأطفال كما نحميهم من اعتداء متحرشين جنسياً بحقهم"، وفقا لتصريحات نقلها التلفزيون الدنماركي اليوم السبت.

توافق برلماني على سحب إقامة المخالفين من الأهل(ناصر السهلي) 



ويربط هونغ القضية "بالقيم" ويقول: "علينا أن نرسل إشارة واضحة كمشرعين لكل من هو في الدنمارك بأن القيم الأساسية المنطبقة على الأطفال والشباب تشمل الجميع بلا استثناءات. فهذه الفئة (المراهقون) لها حقها في اختيار حياتها الخاصة دون أن يرمى بها إلى دول أجنبية لإعادة تشكيلها". ويوجه هذا المشرع الاشتراكي كلامه للأهل الذين يرسلون أطفالهم لأشهر عدة إلى بلدانهم الأصلية بهدف "إعادة التربية". ويضيف: "المجتمع سيتدخل لمنع هذه الممارسات، وأنتم (الأهل) حين تتصرفون هكذا فلا مكان لكم في هذا البلد".

هذه الرسالة القوية من شخصية يسارية تأتي في أعقاب سنوات من الجدل عن "السيطرة الاجتماعية" التي تتهم بها فئات مهاجرة بما يسمى "فرض قيم دول المصدر على الأبناء الذين يكبرون في الدنمارك".

يخشون تعليم المراهقين قيماً مخالفة لقيم الدنماركيين(ناصر السهلي) 


وساهم مجلس الإثنيات، بالتعاون مع وزارة الخارجية الدنماركية في رصد ومساعدة العديد من اليافعين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على السفر والإقامة عند أقارب دون رغبتهم، واختفاء الأطفال من مدارسهم الدنماركية.

وسجلت الدنمارك غياب عشرات الأطفال واليافعين خلال العامين الماضيين، وبعض هؤلاء المراهقين "تواصل في بلد الأهل الأصلي بسفارة الدنمارك طالباً المساعدة للعودة إلى الوطن (الدنمارك)"، بحسب تقرير للخارجية الدنماركية. وأشار التقرير إلى أن 38 مراهقا وجدوا أنفسهم في 2016 مجبرون على العيش في بلد الأهل، في حين استمر الوالدان في العيش بالدنمارك.

تقارير عن مراهقين أرسلهم ذووهم لبلدانهم الأم يريدون العودة إلى الدنمارك(ناصر السهلي) 


وتحاول الأحزاب التي تتبنى مشروع القانون الضغط على حكومة يمين الوسط، للتصويت لمصلحته بالاستناد إلى "خطة الحكومة والمشرعين لمنع نمو مجتمعات موازية على هامش المجتمع الدنماركي"؛ وهي خطة رسمية تسعى الحكومة الدنماركية من خلالها إلى إلغاء وجود مجتمعات تعيش بحالة عزلة عن المجتمع الدنماركي.

ويعتبر مقرر شؤون الدمج في حزب "فينسترا"، الذي يقود الائتلاف الحاكم، ماركوس كنوث بأن "المقترح هدفه جيد، لكننا نحتاج لنقاش معمق حول الحلول المتعلقة بتجريد الأهل من الإقامة في الدنمارك".​
المساهمون