أمضى يوسف سلامة الدقس أكثر من ثلاثين عاماً يجمع المقتنيات والآثار التاريخية والأدوات المستخدمة قديماً من كلّ المدن الفلسطينية، داخل قطاع غزة المحاصر حيث يعيش، وفي الضفة الغربية، وحتى في الداخل الفلسطيني. الرجل الذي يبلغ من العمر اليوم 57 عاماً، تربى في بيئة بدوية تؤمن بالحفاظ على تراث الفروسية وقيمها.
يتحدر الدقس من مدينة بئر السبع المحتلة، وهو أب لـ12 ابناً. هو واحد من أهم رجال القبائل البدوية التي لجأت إلى قطاع غزة، وهو متمسك بشدة بالعادات والتقاليد. له حضوره البارز في مجالس العشائر والمخاتير في غزة، فهو أول من أسس نوادي الفروسية الفلسطينية، ومن مؤسسي مؤسسة التراث الفلسطيني وملتقى أبناء البادية، بالإضافة إلى توليه العمل مستشاراً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في شؤون الفروسية.
بدأ الدقس قبل ثلاثين عاماً في جمع البكارج (غلّايات القهوة) وصبّابات القهوة الكبيرة القديمة في منزله. ثم انتقل إلى البنادق والسيوف، وكثير من المقتنيات والأدوات الأثرية. بعضها كان يأتيه بها مسافرون وزائرون يقصدونه في منزله من كلّ مدن فلسطين.
يقول لـ"العربي الجديد": "أسعى دائماً للحصول على أول نسخة تاريخية ابتكرت من الغرض أو الأقرب إلى تلك البداية. أعشق عملية البحث عنها، وأدفع المال في سبيلها. وفي كثير من المرات أضحي بالكثير لأشتري الغرض الأثري".
بعض المقتنيات الثمينة التي جمعها الدقس تعود إلى العصور الفرعونية، وهي من الأدوات الطينية التي كانت تستخدم في الإنارة. كذلك، يملك مسدساً استخدم في حملات نابليون بونابرت على بلاد الشام ومصر، بالإضافة إلى جميع أنواع البارود المنتشرة في ذلك الوقت.
أما السيوف التي تعتبر أهم الأدوات التي استخدمها أجداد الدقس البدو، فلديه مجموعة كبيرة منها، بعضها يعود صنعه إلى نحو 800 عام. وهي سيوف هندية محنية الرأس، ومصنوعة بالفولاذ الصلب بيد من الفضة. أما البكارج فقد اشتراها من عائلات مختلفة، وهي من الأنواع التي استخدمتها القبائل التاريخية للبدو والفلاحين في فلسطين.
يملك الدقس كلّ ما يفتقده الفلسطينيون من أدوات قديمة ومقتنيات بائدة. لديه أجهزة راديو عمرها أكثر من 100 عام. ولديه ما يعرف بلوح الدراس، وهي سبّورة كان تلاميذ السنوات التي سبقت القرن العشرين يستخدمونها في دراستهم. ولا تقتصر مقتنياته على فلسطين وتراثها بل لديه أيضاً أغراض من أمم وحضارات أخرى، من ذلك كرباج سوداني تاريخي.
لدى الدقس مجموعة من السكانين والخناجر أيضاً يعود تاريخها إلى أكثر من 250 عاماً. ولديه عملات ورقية ومعدنية وحجرية عمرها أكثر من ألف عام. ولديه أيضاً قطع أثرية يونانية وبيزنطية، خصوصاً من الأدوات البحرية.
يقول: "أحافظ على هوية وطني وعلى تراثه. الإسرائيليون يحاولون سرقة التاريخ والآثار، لكنّهم لم يعثروا على شيء يدلّ عليهم في التاريخ. بالنسبة لي أقوم بدوري في حماية تراثنا. أتحدى الإسرائيليين بجمع كلّ شيء في فلسطين يثبت وجود شعبنا هنا منذ العصور القديمة".
في هذا الإطار، تضم مجموعات الدقس آثاراً كنعانية أيضاً. فقد حصل قبل عشرين عاماً على حجارة صلبة غنية بالمعادن النادرة، قدّر مؤرخون وعلماء آثار أنّها تعود إلى الكنعانيين.
بالإضافة إلى هذا الشغف والهواية العريقة لديه، ورث الدقس العلاج بالرقية الشرعية والحجامة من أجداده، ومارسهما بشكل أوسع بعد تقاعده من العمل. وبالفعل، أسس مركزاً للعلاج بالرقية الشرعية والحجامة، يضم معالجين وممرضين، وقسماً خاصاً بطب الأعشاب. يقدم المركز أنواعاً عديدة من العلاج البديل في مختلف الأمراض، ومنها مشاكل القولون العصبي، والصدفية، وأمراض المعدة، وأورام الغدد، ومشاكل السمع، بالإضافة إلى جلسات العلاج الطبيعي.
كذلك، يعدّ الدقس وصفات من الأعشاب الطبيعية لعلاج كثير من الأمراض. يقول: "تعلمتها من الجيل الأكبر. كنت أتابع كيف يداوون المرضى ويعدون الأعشاب الطبية وتركيباتها العديدة النافعة".
يعتبر الدقس أنّ تربية أولاده هي استثمار أساسي في حياته، فهو يحثهم على الحفاظ على الآثار التي جمعها في الجزء الأكبر من عمره، بالرغم من اختلاف اختصاصاتهم وبعدها عن عمله وشغفه، فمنهم الطبيب والمهندس والمخرج. مع ذلك، علمهم من صغرهم على الفروسية كأول مبدأ لتعلم الشجاعة وحماية التراث. يطمح الدقس لإنشاء متحف فلسطيني يعرض فيه كلّ ما جمعه في مسيرته الطويلة، مع تخصيص زوايا تتحدث عن تلك المقتنيات من مختلف الجوانب.
اقــرأ أيضاً
يتحدر الدقس من مدينة بئر السبع المحتلة، وهو أب لـ12 ابناً. هو واحد من أهم رجال القبائل البدوية التي لجأت إلى قطاع غزة، وهو متمسك بشدة بالعادات والتقاليد. له حضوره البارز في مجالس العشائر والمخاتير في غزة، فهو أول من أسس نوادي الفروسية الفلسطينية، ومن مؤسسي مؤسسة التراث الفلسطيني وملتقى أبناء البادية، بالإضافة إلى توليه العمل مستشاراً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في شؤون الفروسية.
بدأ الدقس قبل ثلاثين عاماً في جمع البكارج (غلّايات القهوة) وصبّابات القهوة الكبيرة القديمة في منزله. ثم انتقل إلى البنادق والسيوف، وكثير من المقتنيات والأدوات الأثرية. بعضها كان يأتيه بها مسافرون وزائرون يقصدونه في منزله من كلّ مدن فلسطين.
يقول لـ"العربي الجديد": "أسعى دائماً للحصول على أول نسخة تاريخية ابتكرت من الغرض أو الأقرب إلى تلك البداية. أعشق عملية البحث عنها، وأدفع المال في سبيلها. وفي كثير من المرات أضحي بالكثير لأشتري الغرض الأثري".
بعض المقتنيات الثمينة التي جمعها الدقس تعود إلى العصور الفرعونية، وهي من الأدوات الطينية التي كانت تستخدم في الإنارة. كذلك، يملك مسدساً استخدم في حملات نابليون بونابرت على بلاد الشام ومصر، بالإضافة إلى جميع أنواع البارود المنتشرة في ذلك الوقت.
أما السيوف التي تعتبر أهم الأدوات التي استخدمها أجداد الدقس البدو، فلديه مجموعة كبيرة منها، بعضها يعود صنعه إلى نحو 800 عام. وهي سيوف هندية محنية الرأس، ومصنوعة بالفولاذ الصلب بيد من الفضة. أما البكارج فقد اشتراها من عائلات مختلفة، وهي من الأنواع التي استخدمتها القبائل التاريخية للبدو والفلاحين في فلسطين.
يملك الدقس كلّ ما يفتقده الفلسطينيون من أدوات قديمة ومقتنيات بائدة. لديه أجهزة راديو عمرها أكثر من 100 عام. ولديه ما يعرف بلوح الدراس، وهي سبّورة كان تلاميذ السنوات التي سبقت القرن العشرين يستخدمونها في دراستهم. ولا تقتصر مقتنياته على فلسطين وتراثها بل لديه أيضاً أغراض من أمم وحضارات أخرى، من ذلك كرباج سوداني تاريخي.
لدى الدقس مجموعة من السكانين والخناجر أيضاً يعود تاريخها إلى أكثر من 250 عاماً. ولديه عملات ورقية ومعدنية وحجرية عمرها أكثر من ألف عام. ولديه أيضاً قطع أثرية يونانية وبيزنطية، خصوصاً من الأدوات البحرية.
يقول: "أحافظ على هوية وطني وعلى تراثه. الإسرائيليون يحاولون سرقة التاريخ والآثار، لكنّهم لم يعثروا على شيء يدلّ عليهم في التاريخ. بالنسبة لي أقوم بدوري في حماية تراثنا. أتحدى الإسرائيليين بجمع كلّ شيء في فلسطين يثبت وجود شعبنا هنا منذ العصور القديمة".
في هذا الإطار، تضم مجموعات الدقس آثاراً كنعانية أيضاً. فقد حصل قبل عشرين عاماً على حجارة صلبة غنية بالمعادن النادرة، قدّر مؤرخون وعلماء آثار أنّها تعود إلى الكنعانيين.
بالإضافة إلى هذا الشغف والهواية العريقة لديه، ورث الدقس العلاج بالرقية الشرعية والحجامة من أجداده، ومارسهما بشكل أوسع بعد تقاعده من العمل. وبالفعل، أسس مركزاً للعلاج بالرقية الشرعية والحجامة، يضم معالجين وممرضين، وقسماً خاصاً بطب الأعشاب. يقدم المركز أنواعاً عديدة من العلاج البديل في مختلف الأمراض، ومنها مشاكل القولون العصبي، والصدفية، وأمراض المعدة، وأورام الغدد، ومشاكل السمع، بالإضافة إلى جلسات العلاج الطبيعي.
كذلك، يعدّ الدقس وصفات من الأعشاب الطبيعية لعلاج كثير من الأمراض. يقول: "تعلمتها من الجيل الأكبر. كنت أتابع كيف يداوون المرضى ويعدون الأعشاب الطبية وتركيباتها العديدة النافعة".
يعتبر الدقس أنّ تربية أولاده هي استثمار أساسي في حياته، فهو يحثهم على الحفاظ على الآثار التي جمعها في الجزء الأكبر من عمره، بالرغم من اختلاف اختصاصاتهم وبعدها عن عمله وشغفه، فمنهم الطبيب والمهندس والمخرج. مع ذلك، علمهم من صغرهم على الفروسية كأول مبدأ لتعلم الشجاعة وحماية التراث. يطمح الدقس لإنشاء متحف فلسطيني يعرض فيه كلّ ما جمعه في مسيرته الطويلة، مع تخصيص زوايا تتحدث عن تلك المقتنيات من مختلف الجوانب.