تنشطُ فرق الدفاع المدني السورية في معظم المناطق المحررة. وعلى الرغم من كونها حديثة العهد، إلا أنها سجلت أرقاماً قياسية في عمليات الإنقاذ. وتُشارك عناصرها في جميع عمليات الإنقاذ والإطفاء والإسعاف، علماً أن قصف قوات النظام لهذه المدن والقرى يؤدي إلى مشاكل عدة تتطلب تدخل عناصر الدفاع المدني.
في السياق، يقول مدير الدفاع المدني في حلب، عمار السلمو، لـ "العربي الجديد"، إن أعداد الذين أنقذوا بجهود الدفاع المدني خلال السنتين الماضيتين تقدر بـ 12 ألفاً. ويوضح أن عناصر الدفاع المدني في حلب، وعددهم 520، يعملون لمدة 12 ساعة يومياً، ويستجيبون لنحو 900 حالة شهرياً"، لافتاً إلى أن "هذا الرقم يتجاوز معظم ما تقوم به فرق الدفاع المدني حول العالم".
يتابع أن "المتطوعين ساهموا في تأسيس هذه الفرق، وقد بدأنا العمل من دون معدّات. لكن خلال سنتين، تمكنا من أن نصير منظمين وأقوياء وقادرين على العمل في حالات الكوارث، على غرار التفجيرات وغيرها". ويشير إلى أن "الدفاع المدني هو جهة الإنقاذ الحيادية الوحيدة في مناطق سيطرة داعش".
من جهته، يروي أحد مدربي فرق الدفاع المدني في حلب، أسامة عربو، لـ "العربي الجديد" أنه "خلال المرحلة الأولى، اعتمدنا على الدراجات النارية خلال عمليات الإنقاذ، إلى أن تمكنا تدريجياً من الحصول على سيارات إسعاف وإطفاء". يضيف: "تعاني فرق العمل ضغطاً كبيراً طوال اليوم بسبب القصف المتواصل، ما دفعنا إلى تأهيل بعض المدنيين للمساعدة في إسعاف الأهالي خلال الأزمات".
تجدر الإشارة إلى أن الدفاع المدني السوري يعمل في إحدى أخطر بقاع العالم. ويؤكد عربو أن جميع العناصر يتمتعون بروح التضحية، وخصوصاً أنهم يواجهون أخطاراً كثيرة أثناء العمل. يضيف: "سقط ثمانية شهداء قبل فترة، بالإضافة إلى 26 شهيداً قضوا أثناء تأدية عملهم العام الماضي".
ويوضح أحد عناصر الدفاع المدني في حريتان، حسين المصري، أن الخطر الأكبر الذي يواجهونه يتمثل في أن "القصف يستهدف الأمكنة التي نعمل فيها. على سبيل المثال، عندما نبدأ عملية الإنقاذ، نعرف جيداً أن هناك احتمالاً كبيراً لسقوط برميل آخر أو قذيفة أخرى. لكن ما يدفعنا للمخاطرة هو وجود حالات خطرة لا تحتمل الانتظار".
ولا يتجاوز أجر عنصر الدفاع المدني السوري الـ 175 دولاراً شهرياً، إلا أن أحداً لم يتقاض راتبه منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
وتقول أم فاضل، وهي زوجة أحد العاملين، إن الراتب "لا يتناسب مع الخطر الذي يتعرض له زوجها أو بأهمية ما يقوم به". تضيف: "مع ذلك، توقفت الحكومة المؤقتة عن صرف راتبه منذ نحو ثلاثة أشهر، علماً أنه لم يتوقف عن القيام بعمله على أمل الحصول على مكافأة أو تعويض".
من جهته، يحذر السلمو من أن "مؤسسة الدفاع المدني باتت على وشك الانهيار بسبب توقف دفع رواتب العاملين". ويوضح إننا اتفقنا على "مشروع دعم من الحكومة المؤقتة استمر لمدة ستة أشهر، لكنهم توقفوا بعدها عن صرف الرواتب. وفي كل مرة نسألهم فيها عن الرواتب، يقولون إنهم لا يملكون المال".
في السياق، يقول وزير الإدارة المحلية، حسين بكر، لـ "العربي الجديد" إن "هناك ضائقة مادية تعاني منها الحكومة السورية المؤقتة"، مضيفاً أن "وزارته تعمل على تقديم الدعم للدفاع المدني من خلال شركائها في المنظمات الأخرى". ويلفت إلى أنها تنوي افتتاح مائة مركز للدفاع المدني في الداخل السوري، وتوظيف نحو 1600 عنصر.
وبسبب توقّف الرواتب، أطلق ناشطون من مدينة حلب حملة تبرع بهدف تأمين ما تيسر من مال لعناصر الدفاع المدني، بهدف ضمان بقائهم في العمل. ويقول السلمو، إن الحملة استطاعت جمع نحو 5 آلاف دولار، علماً أنها تكفي لتمويل مركز واحد فقط. ويضيف أن بعض عناصر فريقه اضطروا إلى بيع أثاث بيوتهم لتأمين المال وإعالة أسرهم، محذراً من أن "استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى خسارة كادرات بشرية مدربّة لا يمكن تعويضها بسهولة".
إلى ذلك، يُشير السلمو الى أن الدفاع المدني السوري قد رُشّح لجائزة نوبل للسلام، لافتاً إلى أن مجموعة من الإداريين يستعدون لزيارة عدد من الدول الأوروبية بهدف تسليط الضوء على الأعمال الإنسانية التي تقوم بها المؤسسة داخل سورية. ويصفُ فرق الدفاع المدني بالواجهة الإنسانية للثورة السورية التي أنشئت لأجل الإنسان.