الدراما الكورية تنافس التركية على الشاشات العربية

28 مارس 2015
+ الخط -

تربعت الدراما التركية ولسنوات على شاشاتنا العربية، في الوقت الذي كانت تسود علاقات الود والتفاهم بين تركيا والوطن العربي برمته، إذ استطاعت أعمالها أن تنشر صورة مشرقة وسياحية لتركيا عجزت عنها الوسائل الإعلامية الأخرى، بحيث أصبحت تركيا مقصداً يجذب العرب لزيارته ومشاهدة المواقع الخلابة التي كانت تعكسها الأعمال الدرامية المدبلجة.


وليس معروفاً على وجه الدقة إن كان وصول تلك الأعمال إلى الشاشات العربية، نتيجة حتمية للتفاهم العربي التركي، أم أن الصدفة لعبت دورها، حين قامت إحدى شركات الدوبلاج في سورية باستقطاب تلك الأعمال ودبلجتها باعتبارها الأسرع في عملية الربح الإنتاجي؟

في النهاية كان لتلك الأعمال دور كبير في الترويج السياحي لتركيا ولمدينة إسطنبول تحديداً، إضافة إلى أن دبلجة تلك الأعمال إلى اللهجة السورية المحكية، زاد من بريقها وجماهيريتها وتسويقها.


في مدينة طنجة المغربية، والتي يتقن سكانها، خصوصا كبار السن، اللغة الإسبانية بشكل أكثر طلاقة من إتقانهم للغة العربية، كانت سيدة بسيطة تعمل في فندق، تتعامل مع اللهجة السورية لبعض الزوار باعتبارها اللغة التركية، من شدة تعلقها بمشاهدة المسلسلات المدبلجة. ما يعني وبشكل مباشر نجاح تلك الأعمال.


تماهت اللهجة السورية بإتقان واحتراف مع الأعمال الدرامية التركية، لدرجة بات تغيير صوت مؤدي الشخصية أمراً يزعج الجمهور، كما حدث على سبيل المثال، مع الفنان التركي كيفانش تاتلوغ الذي قام بدور مهند في المسلسل الشهير "نور"، حين تخلى عنه صوتياً الفنان السوري مكسيم خليل في الأعمال اللاحقة.


لم تشتهر تركيا فقط ولكن اشتهر نجوم أعمالها الدرامية عربياً بشكل مبالغ فيه، فأصبحوا محط أنظار المهرجانات العربية على حساب النجوم العرب في بعض الأحيان، بل أكثر من ذلك، حيث حظيوا بفرصة قيامهم بالترويج للإعلانات لقاء مبالغ باهظة، وأضحى لهؤلاء النجوم قنوات خاصة تعرض أعمالهم، وظهر برنامج أسبوعي على إحدى القنوات الفضائية، يقدم للجمهور لمحة عن حياتهم الشخصية والعائلية.

الآن، تحلّ الدراما الكورية ضيفاً جديداً على الجمهور العربي، لتبدأ رحلة ثقافية جديدة في قلوب ووجدان المشاهد العربي الجاهز لقبول أي دراما، حتى ولو كانت (سنسكريتية) طالما تنطق باللغة العربية، في ظل تراجع الدراما العربية المتأثرة بتوابع الربيع العربي. وسواء أكان ذلك، بمحض الصدفة أم بإيعاز سياسي، أو حتى رغبة في زيادة الأرباح من قبل المنتجين، على اعتبار أن الدراما التركية الجديدة تباع بمبالغ مرتفعة الثمن بعد أن أصبحت مطلوبة.


وبعكس الدراما التركية والعربية، لم تروّج الدراما الكورية، للعلاقات الاجتماعية التي فرضتها العولمة، رغم فرضية وجودها بالفعل في كوريا، ولم تعرض بطلاتها أحدث صيحات الموضة في الأزياء، ولم تقدم كوريا كبلد صناعي أو حتى سياحي، رغم أنها تحتمل ذلك، بل اكتفت بالاقتراب من الحياة الاجتماعية الكورية، فقدمت نماذج للحياة الاجتماعية والطلابية والثقافية من خلال قصص رومانسية بسيطة.

وتروّج الدراما الكورية لثقافة شعبها وعاداته، بحيث أصبحت مستحبة وقريبة من المشاهد العربي أيضاً، خصوصاً الشباب، وحجزت لنفسها مقعداً على الشاشات العربية، ولكن الملفت للنظر، أن شركات الدوبلاج ذاتها التي كانت تلجأ للأصوات السورية على اعتبار أنها الأنسب والأقرب للبيئة التركية، لجأت هذه المرة إلى الأصوات اللبنانية وإلى اللغة العربية الفصحى المبسطة، من دون أن تشوبها اللهجة اللبنانية المحلية، بدعوى أن الأعمال الكورية، كما بقية مجالات الحياة في كوريا، منفذة بطريقة حازمة تستوجب معها لغة حازمة.

وتبقى لدينا التساؤلات: هل وراء دخول الأعمال الدرامية الكورية هدف أم أنه مجرد ملء فراغ؟ أم أن الربح هو أساس التحول من الأعمال التركية إلى الأعمال الكورية؟ وهل سيحجز النجوم الكوريون مقعداً أيضاً في مهرجاناتنا العربية وإعلاناتنا التلفزيونية؟ وهل ستبقى الدراما العربية متعثرة كما الربيع العربي؟

المساهمون