الدراما العربية: مخلوطة تسبب عسر الهضم

05 مارس 2015
ضاعت هوية كلّ بلد وتبخّرت خصوصيته
+ الخط -

الدراما العربية اليوم تبدو مثل صحن المخلوطة. أمّا المخلوطة فهي وصفة من المطبخ اللبناني لها قيمة غذائية عالية. ميزتها أنّها تجمع في صحن واحد أكثر من نوعٍ مفيد من الحبوب، مع العلم أنّ كلّ نوعٍ بحدِّ ذاته له أهمية كبرى (العدس، الفاصوليا، الحمّص...).

الدراما العربية اليوم باتت هي أيضاً، تجمع في صحنٍ واحد، أقصد في مسلسلٍ واحدٍ، مختلف الجنسيات العربية، حتّى نكاد لا نجد مسلسلاً لا "ضيوف شرفٍ" فيه من جنسيات مختلفة! منذ مسلسل "روبي" الذي لعبت بطولته سيرين عبد النور من لبنان، أمير كرارة من مصر، ومكسيم خليل من سورية، "كرّت" مسبحة ما عُرف بالدراما العربية.

قبله كنّا نجد مشاركات بسيطة من لبنانيين في مسلسلات سورية أو مصرية، أو من مصريين وسوريين في مسلسلات لبنانية. لكن معه انطلقت شرارة المزج بين الجنسيات في عمل واحد، فلا نعود نعرف هوية العمل الأساسية. المسلسل لاقى نجاحاً كبيراً، رغم الانتقادات، ومنذ تلك اللحظة تفتّحت العيون على وصفة "المخلوطة"!

صارت الأعمال المختلطة هي "الموضة"، وإسناد أدوار البطولة إلى نجومٍ يمثّلون مختلف البلدان هو الهدف. بدأ الأمر مع مثلّث: لبنان، مصر، سورية، ثمّ سرعان ما توسّعت الدائرة لتشمل ممثلين من الجزائر والكويت ومختلف دول الخليج العربي.

إذاً المطلوب: مسلسلات تجمع بين مختلف الجنسيات. المشكلة: كيف؟ الحل الأسهل: رجلٌ سوري تزوّج لبنانية، أولادهما يعملان في مصر. وهكذا يصبح سهلاً جداً إدخال خطوط درامية متعددة الجنسيات. الحلّ الأسهل سرعان ما صار "المشكلة الأكبر". ضاعت هوية كلّ بلد وتبخّرت خصوصيته، ثمّ ما عدنا نرى عائلةً عادية، فمعظم العائلات يتوزّع أفرادها بين لبنان ومصر وسورية!

"جذور"، "تحالف الصبّار"، "لعبة الموت"، "الإخوة"، "عشق النساء"، "فرصة ثانية"، "علاقات خاصّة"... كلّها مسلسلات نسمع في المشهد الواحد منها كلاماً عربياً بلهجات مختلفة. الأمر يصبح مزعجاً بعد فترة. ومن هنا وجه الشبه بينها وبين صحن "المخلوطة" الذي لا يمكن القول إنّه غير مغذٍّ، أو إنّ أحد مكوّناته غير لذيذ، ولكنّ تناوله بكثرة من شأنه أن يؤثّر في قدرة الجسم على هضمه.

خلاصة القول، إنّ الأعمال الدرامية العربية المشتركة اقتربت من أن تسبب للمشاهدين عسراً في هضم محتوياتها، وبالتالي ننصح بأن تبدأ تلك الموضة بالانحسار. 

المساهمون