الدبلوماسي نزاريوا: طرفا أزمة جنوب السودان يرفضان الحلّ

07 يونيو 2014
فرانسيس جورج نزاريوا (العربي الجديد)
+ الخط -
تقدّم الدبلوماسي الجنوب سوداني، فرانسيس جورج نزاريوا، المدير التنفيذي في مكتب وزير الخارجية، باستقالته، يوم الثلاثاء، وذلك بعد قرابة ستة أشهر من اندلاع الحرب في دولة الجنوب. بذلك، يكون نزاريوا أول مسؤول جنوبي يقدم على تلك الخطوة منذ بداية الحرب الأهلية في منتصف ديسمبر/ كانون الاول الماضي، احتجاجاً على استمرارها وعدم جدية الرئيس سلفاكير ميارديت، والمتمردين، بقيادة رياك مشار، في التوصل لاتفاق سلام، على خلفية خرق الطرفين للاتفاق الذي وُقّع في أديس أبابا.

وكانت حكومة جوبا قد أقالت نزاريوا من منصبه كنائب للسفير الدائم في مجلس الأمن الدولي، بسبب تصويته لصالح منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الامم المتحدة في العام 2012، بعكس إرادة بلاده.

وسبق للرجل أن عمل كدبلوماسي طيلة أيام التمرد، أي ما قبل اتفاقية السلام الشامل "نيفاشا"، وشغل منصب سفير في عدد من الدول الأوروبية في الفترة الانتقالية التي سبقت انفصال الجنوب عن الشمال.

ــ لماذا اتخذت قرار الاستقالة بعد مرور قرابة ستة أشهر من اندلاع الحرب في دولة الجنوب؟

* لأنني، بعد توقيع الرئيس سلفاكير ميارديت، مع زعيم التمرد رياك مشار، على اتفاقية وقف الأعمال العدائية وإطلاق النار في أديس أبابا خلال الشهر الماضي، لم ألمس جدية من الطرفين في الوصول لاتفاق سلام. وهناك تباطؤ من قبلهما بشأن تنفيذ القرار وهناك مؤشرات تؤكد رغبتهما الاستمرار في الحرب. 

ــ لماذا القرار في هذا التوقيت بالذات؟

* قرار الاستقالة فردي، وكان يمكن أن أتخذه قبل ذلك، ولكن الآن بالذات الوضع في دولة جنوب السودان متأزم جداً مع استمرار الحرب. كما أن هناك فئة معينة في الحكومة تهيمن وتسيّر البلاد بحسب أهوائها من دون فتح مجال للآخريين. وبما أنني فشلت في أن أحدث أي اختراق لحل الازمة، آثرت الخروج. 

ــ هل تقصد بتلك الفئة مجموعة مستشاري الرئيس تيلار دينق؟ وهل تعتقد أنها تشكل عائقاً أمام الوصول إلى اتفاق سلام يعيد الاستقرار للدولة الوليدة؟

* نعم، هي مجموعة تيلار دينق، وفي رأيي أنها السبب في عدم حسم قضية الجنوب سلمياً. 

ــ كيف تؤثر تلك المجموعة على المشهد الجنوبي؟

* عبر إعطاء نصائح خاطئة للرئيس سلفاكير، فجعلت منه شخصاً يشكك في كل الناس بما فيهم القيادة التاريخية لـ"الحركة الشعبية" (في إشارة إلى الأمين العام السابق للحركة باقان أموم، ومجموعة المعتقلين معه المفرج عنهم في الفترة الأخيرة). 

ــ عملياً، أين أصبح اتفاق السلام الذي وقعه مشار وسلفاكير في أديس ابابا؟

* الطرفان لا يحترمان ذلك الاتفاق، وهما أقدما على خرقه. 

ــ ذكرتَ في استقالتك أن أحد الأسباب التي قادتك لتقديمها هو تغوّل الأمن ومكتب الرئيس سلفاكير في عمل وزارة الخارجية.

* حقيقة الوضع أنه لا يوجد أي احترام لمؤسسات الدولة. وتحولت الدولة في الوقت الراهن إلى بوليسية لا صلة لها بالحريات. كما أن المجموعة الملتفّة حول الرئيس، تؤثر جداً على قراراته، ولا سيما أن تلك الفئة تُعدّ مؤثرة جداً على سلفاكير، الذي غالباً ما يأخذ بنصائحها.

ــ برأيك، ما هو الحل لقضية دولة جنوب السودان، وهل تعتقد أن إبعاد المجموعة التي تؤثر على الرئيس جزء من الحل؟

* الحل يكمن في جدية الأطراف للوصول لاتفاق سلام ينهي الحرب عبر مفاوضات تفضي إلى حكومة انتقالية، وأعتقد أن إبعاد المجموعة المحيطة بالرئيس، سيسهّل الوصول لإنهاء الحرب، وخصوصاً أن تلك الفئة لا مصلحة لها في الوصول لاتفاق سلام، لأنها بموجبه ستفقد السلطة وتخسر امتيازاتها.

ــ لماذا تمّت إقالتك من منصب نائب السفير الدائم لجوبا في الأمم المتحدة؟

* جاء القرار بإقالتي في العام 2012 على خلفية إقدامي، كممثل لدولة جنوب السودان، على التصويت لمصلحة منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة. أنا مقتنع تماماً أن القرار الذي صدر بإقالتي كان مجحفاً جداً وظالماً، وخصوصاً أن العقوبة على تلك الخطوة طالتني وحدي، على الرغم من أنني رتبت الأمر مع السفير فرانسيس دينق، كما أنني لم أكن رئيساً للبعثة، وطلب مني دينق، عند التصويت، أن أصوّت لمصلحة فلسطين. ولكن لأن الرجل محمي، فلم ينل جزءاً من العقاب. 

ــ ألستَ نادماً على تلك الخطوة وكيف تنظر إليها؟

* كان قرار التصويت سليماً، وأنا مقتنع بذلك على الرغم من أن جوبا ترى أن الخطوة تصبّ ضدّ حلفاءها، من بينهم إسرائيل. جنوب السودان دولة قرّرت مصيرها، فكيف نحرم غيرنا من ذلك الحق؟ كما أنه كان قرار كل الدول الأفريقية في حينها.

ــ هل ترى أنك كنت مستهدفاً؟

* نعم، القرار يؤكد أنني كنتُ مستهدفاً، فأيّ أزمة أو مشكلة إدارية إنْ وقعت، يُسأل عنها رئيس البعثة، وكان على جوبا في حينها أن توقّع العقوبات على السفير الدائم وليس عليّ وحدي.

المساهمون