أثار انتحار ما لا يقل عن ثلاثة مراهقين من طالبي اللجوء في بريطانيا في غضون الأشهر الستة الماضية، تساؤلات حول كيفية تعامل وزارة الداخلية والسلطات المحلية مع الأطفال والمراهقين من طالبي اللجوء في البلاد.
وبحسب صحيفة "ذا غارديان"، فإن الإجراءات الصارمة التي تمارسها وزارة الداخلية البريطانية، بحق طالبي اللجوء، تسببت في صعوبة تحمّل فترة الانتظارالطويلة لطلبات لجوئهم مع ما يرافقها من توتر وإرهاق نفسي، بعد وصولهم إلى بريطانيا واختبارهم مراحل عصيبة منذ مغادرتهم بلادهم وخلال فترة إقامتهم في مخيم المهاجرين في كاليه.
وبعد إجراء تحقيق في وفاة أحد هؤلاء المراهقين، تبين أنّه كان يعاني من تدهور حالته الصحية العقلية وأنّه على الرغم من إبلاغ خدمات الصحة العامة بحالته لم تتخذ الإجراءات المناسبة لمساعدته.
وفي ظل غياب نتائج التحقيقات الأخرى، يبقى من المستحيل تقييم الأسباب التي دفعت المراهقين الثلاثة الذين كانوا على معرفة ببعضهم البعض إلى إنهاء حياتهم. بيد أنّهم جميعاً مرّوا بتجربة مؤلمة للغاية بعد أن واجهوا مخاطر مختلفة وهم في طريقهم إلى المملكة المتحدة. ويقول آخرون ممّن عرفوهم إنّهم وجدوا عملية تقديم طلب للحصول على وضع لاجئ في البلاد طويلة للغاية ما أصابهم بتوتر شديد.
وتواصل "العربي الجديد" مع مكتب إعلام وزارة الداخلية، الذي أوضح أنّ المتحدث باسم الوزارة قال إنهم يدركون أن بعض طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم قد فروا من الاضطهاد في بلادهم الأصلية وواجهوا رحلات خطيرة قبل الوصول إلى المملكة المتحدة، مضيفاً أنّهم ملتزمون بالوصول إلى اتخاذ قرارات بأسرع ما يمكن مع ضمان النظر في الحالات المعقدة في الكثير من الأحيان.
وعن رعاية الأطفال غير المصحوبين بذويهم، أشار المكتب إلى أنّ خدمات السلطات المحلية تهتم بهم، ويطلب منها تقييم احتياجاتهم الفردية بما في ذلك الحصول على الدعم في حال تدهور الحالة النفسية أو العقلية، لافتاً إلى أنّه يتم النظر بعناية في جميع طلبات اللجوء، بما في ذلك طلبات الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وفقاً لالتزامات المملكة المتحدة بموجب اتفاقية اللاجئين والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأضاف أنّه "حتى إذا رفض طلب اللجوء، فإنّ سياسة وزارة الداخلية لا ترحّل أي طفل غير مصحوب بذويه إلى بلده الأصلي ما لم تكن على اقتناع بأنّه سيكون في أمان"، لافتاً إلى أنّه في عام 2017، كان هناك أقل بقليل من 15 ألف موافقة على طلبات اللجوء أو الحماية البديلة أو إعادة توطين، وكان من بينهم قرابة ستة آلاف طفل.
وتابع "قد يكون هناك عدد من الأسباب التي تجعل قرارات اللجوء تتطلب المزيد من الوقت وبعضها يكون خارج سيطرة وزارة الداخلية. على سبيل المثال، المخاوف التي تمنع إجراء مقابلة كونها تحتاج أحياناً إلى مداخلات متخصصة من وكالات أخرى، مثل أولئك الذين يقومون بإعداد تقارير الطب الشرعي لضحايا التعذيب".
وأوضح أنّهم لا يتعاملون مع أي فرد كشخص بالغ عندما يكون هناك شكوك حول ما إذا كان بالغاً أو طفلاً. وفي حال وجود شك، يتم تحويله إلى سلطة محلية للحصول على التزام قانوني دقيق ويتم التعامل معه كطفل إلى أن تصدر النتيجة.
أمّا الأطفال طالبو اللجوء غير المصحوبين بذويهم، فتتحمل مسؤولية رعاية صحتهم العقلية الهيئات القانونية مثل الخدمات الإجتماعية. وعند بلوغ الطفل السابعة عشرة ونصف من العمر، عليه أن يبدأ الاستعداد للعودة إلى بلده الأصلي في حال تم رفض طلب لجوئه مع بلوغه الثامنة عشرة من العمر أو تقديم طلب استئناف للبقاء. ويتم النظر في هذه الطلبات على أساس كل حالة وما يرافقها من ظروف.
إلى ذلك تعتقد الداخلية البريطانية أنّ البديل لذلك والسماح لجميع الأطفال غير المصحوبين بذويهم بالبقاء في المملكة المتحدة إلى أحل غير مسمّى، بغض النظر عن الأسس التي استندوا إليها للمطالبة بحمايتهم، من شأنه أن يشجّع عن طريق الخطأ عدداً أكبر من الأطفال على القيام برحلات خطيرة.