الخلية الإرهابية المتطرفة في ألمانيا... بروفة هجوم بذكرى الوحدة

02 أكتوبر 2018
خطر اليمين المتطرف يزداد بألمانيا (شين غالوب/ ألمانيا)
+ الخط -

اتضحت اليوم الثلاثاء تفاصيل جديدة بخصوص اعتقال السلطات الألمانية لخلية إرهابية يمينية متطرفة، وما كانت تحضر له من عمليات بحق مهاجرين وسياسيين، لاختراع ما يسمونه "ثورة سكسونيا أو كيمنتس"، لتحريض الشارع وافتعال مواجهات دموية.

بالنسبة لوزير الداخلية في ولاية سكسونيا، رونالد فوللر، فإن الأمر يدور حول "اعتقال حاسم وضربة موجعة للتطرف والإرهاب اليميني". وأهمية الكشف عن الخلية الإرهابية في سكسونيا تحديدا أنها الولاية التي وقعت فيها ما تسمى "أحداث مدينة كيمنتس" أواخر شهر أغسطس/ آب، حيث أظهر اليمين المتطرف سرعة وتنظيما في حشد جمهوره، ما أثار العديد من الأسئلة والمخاوف من تلك القدرات، إضافة إلى الشكوك حول دور الشرطة الألمانية، وما نجم عن اتهامات لرئيس جهاز الاستخبارات "المقال" أو "المنقول" غيورغ ماسن، وتسبب به من أزمة في الحكومة الألمانية، بعد تصريحات اعتبرها البعض تبرئة وتغطية لليمين المتطرف.

وفقا لموقع "زايت أونلاين" فإن الاعتقالات شملت 7 أشخاص، في سكسونيا وبافاريا. وأنشأ هؤلاء ما يسمى مجموعة "ثورة كيمنتس ".

وبحسب الادعاء الألماني فإن منتصف سبتمبر/ أيلول المنصرم كان نقطة تحول في تأسيس هذه الجماعة الإرهابية، بالاتفاق بين أعضاء في "الحركة النازية الجديدة" و"حليقي الرؤوس"، بقيادة ثلاثيني يدعى "كريستيان. ك"، محتجز لدى الأمن الألماني منذ نحو أسبوعين، بتهم تتعلق باستخدام العنف.

وما يثير في هذا الكشف، الذي عدته الصحافة والسياسيون "خطيرا"، أن المجموعة التي أوقفت كانت تتجهز للحصول على أسلحة نارية آلية لارتكاب عمل إرهابي يوم غد الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول، في ذكرى توحيد شطري ألمانيا.

المجموعة، وبحسب ماقاله أمس وزير الداخلية في سكسونيا، فوللر، ستعرض اليوم وغدا على قاضي التحقيق بتهمة التخطيط لعمل إرهابي بحق المهاجرين واللاجئين.

ولا تتردد الصحافة الألمانية، بإعادة الجدل حول رئيس جهاز الاستخبارات السابق، ماسن، الذي "خفف من وطأة ما جرى في كيمنتس، معتبرا أن أخبار المطاردة والهجوم العنيف على المهاجرين لم تكن سوى أخبار زائفة"، والتلميح إلى أن ماسن كان "يحمي المتطرفين"، مع الإشارة إلى علاقته باليمين المتطرف في حزب "البديل لأجل ألمانيا".

وذهبت وزيرة العدل، كاثرينا بارلي، من الحزب الديمقراطي المشارك في ائتلاف المستشارة أنجيلا ميركل الحكومي، إلى التحذير، بحسب "شبيغل أونلاين"، من أن "ثورة كيمنتس (الخلية الإرهابية) ليست حالة منعزلة، فالتهديد من الإرهاب اليميني المتطرف أمر حقيقي وشامل".

وتربط الصحف الألمانية، بعد الكشف عن الخلية، بينها وبين الأحداث التي وقعت في كيمنتس، وخصوصا ما شهدته المدينة يومي 12 و14سبتمبر/ أيلول الماضي من هجمات بحق لاجئين، وعلى الأقل مطعم يهودي من قبل نحو 12 شابا من الحركة النازية.

المعلومات الجديدة حول عنف وإرهاب اليمين المتطرف تعيد الأجهزة الأمنية، وساسة يمين الوسط، إلى حالة الخوف التي شاعت في فترة بداية الألفية بقيام مجموعات نازية بعمليات اغتيال لمهاجرين أتراك ويونانيين، ووجهت أصابع الاتهام رسميا إلى مجموعات ترتبط بالنازيين في "الحركة الاشتراكية القومية تحت الأرض".

 مخاوف اليسار الألماني عبرت عنها رئيسة المجموعة البرلمانية في حزب الخضر، كاترين غوينغ-أكاردت، بالقول إن " البديل يبدو أنه متضامن مع الإرهابيين المشتبهين، فهو نظم العديد من التظاهرات بالتعاون معهم ومع الجماعات اليمينية المتطرفة".

وتشير الصحف الألمانية إلى أن "منتصف سبتمبر شهد ما يشبه بروفة عامة للهجوم، فقد تسلح البعض (مع ذكر لبعض الأسماء الأولى للشبان) بسلاح أبيض وتعاونوا مع مجموعات متطرفة أخرى للقيام بهجمات بناء على فكرة الاقتصاص الذاتي". ويتخذ هؤلاء من حادثة مقتل شاب ألماني-كوبي طعنا في كيمنتس على يد طالبي لجوء مفترضين، عراقي وسوري، منطلقا للتحريض على "الاقتصاص الذاتي".

وبالرغم من كل الخلافات التي فجرتها أحداث كيمنتس، في أواخر أغسطس/ آب الماضي، بين وزير الداخلية هورست سيهوفر، وبعض أقطاب الائتلاف الحكومي، على خلفية مطالب إقالة رئيس جهاز الاستخبارات، يذهب سيهوفر اليوم للترحيب باعتقال الخلية الإرهابية. ويعتبر سيهوفر الاعتقال "دليلا على مبادئ عدم تسامحنا أبدا مع التطرف اليميني". وحذر بنفس الوقت من "بقاء التهديد الإرهابي في ألمانيا بمستوى مرتفع، وهذا يعني أن علينا توقع أي هجوم في أية لحظة"، دون أن يعطي الصحافة الألمانية تفاصيل ما يقصده بالهجوم في أية لحظة ونوع المخاطر التي يواجهها الشارع الألماني، لكنه يؤكد "كان من الضروري إظهار الحزم".

وتشير الأجهزة الأمنية والشرطة الألمانية إلى أنها وجدت بحوزة الخلية من بين أشياء أخرى "وسائل اتصال ومواد خطرة". وشارك أكثر من 100 ضابط في العملية، التي جاءت قبل يومين من موعد التنفيذ المفترض الأربعاء في ذكرى الوحدة الألمانية. وأكد فوللر، بوضوح أهداف المجموعة الإرهابية "فقد خططوا لمهاجمة الأجانب وموظفين عموميين وسياسيين وشخصيات أخرى، واكتشافهم في فترة مبكرة أدى إلى تحطيمهم".

وعلى الرغم من نجاح الأمن الألماني بتفكيك واعتقال هذه الخلية إلا أن التحذير من انتشار آلاف النازيين الجدد يبقى تحديا كبيرا لألمانيا، التي تحتفي بذكر وحدة شطريها بكثير من القلق الداخلي، وخصوصا في شرق البلاد، مع تقارير ودراسات متخصصة تفيد بتـراجع إيمان الألمان بالديمقراطية.

 

المساهمون