15 نوفمبر 2024
الخطف السعودي والصمت التركي
يوماً بعد آخر، يزداد الغموض حول قضية الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، والذي لم يعد هناك مجالٌ للشك في أن السلطات السعودية اختطفته بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول يوم الثلاثاء الماضي، على الرغم من أنه لم يكن، ولا هو يعدّ نفسه، من المعارضين للنظام في بلاده، لكنه اختار أن يكون نقدياً ومحاولاً تصويب المسارات التي يقود فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان البلاد. غير أنه، في هذا العهد السعودي، لا مجال لأي صوتٍ يغرّد خارج سرب "طاعة ولي الأمر". الخطف والقتل نهج سعودي قديم، لكنه كان مقتصراً على المعارضين الفعليين للنظام في المملكة، غير أنه اليوم بات عاماً، إذ لا مجال بالنسبة إلى بن سلمان لأي موقفٍ لا يمجّد "الإجراءات التصحيحية" التي يرى أنه يقوم بها، ولا "الرؤية" التي يقود السعودية على هديها، وهي تُثبت فشلها مع مضي الأيام، وباعتراف خبراء اقتصاد غربيين كثيرين.
ولكن، بغض النظر عن "رؤية" بن سلمان، والتي ليست موضوع المقال، بات مؤكدا أن جمال خاشقجي مخطوفٌ من السلطات السعودية، وأصبح من شبه المؤكد أنه وصل إلى الرياض، بالاستناد إلى تقارير وتغريدات أشارت إلى هذا الأمر، ولا سيما حساب "معتقلي الرأي"، والذي كان سبّاقاً إلى كشف اعتقالاتٍ عديدة في السعودية، وأظهر مصداقية كبيرة في هذا الأمر.
وبالتوازي مع هذه القرصنة السعودية المعلنة والمفضوحة، يبرز الموقف التركي في التعاطي مع القضية، والذي يمكن القول إن علامات استفهامٍ كثيرة تدور حوله. إذ إن الصمت الرسمي هو سيد الموقف بالنسبة إلى أنقرة، سواء على صعيد الدوائر السياسية أو الأمنية. فلم يخرج أي مسؤول رسمي تركي بأي موقفٍ بالنسبة إلى ما حدث لجمال خاشقجي، وحتى استدعاء القائم بالأعمال السعودي إلى وزارة الخارجية التركية، لم يخرج بعده تصريحٌ أو موقفٌ يوضح ملابسات ما حدث علنا، وظل الأمر في إطار التسريبات والمصادر التي ترفض الكشف عن اسمها. الأمر نفسه بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية التركية، والتي لم تُصدر أي بيانٍ رسميٍّ يشرح إجراءات التعاطي مع المسألة، على الرغم من الاكتفاء أيضاً بتصريحات مصدرٍ مجهول في الشرطة التركية، يقول فيها إن خاشقجي لا يزال في القنصلية السعودية في إسطنبول.
يؤشّر هذا الصمت التركي إلى حالٍ من الإحراج تعتري السلطات في أنقرة إزاء ما يمكن اعتباره خرقاً أمنياً فاضحاً، وخصوصاً إذا صحّت الروايات أن خاشقجي صار في السعودية. ويبدو أن محمد بن سلمان أراد، في مقابلته مع شبكة بلومبيرغ، زيادة الحرج التركي، حين أعلن استعداد بلاده لفتح القنصلية السعودية أمام الشرطة التركية للتفتيش، وهو ما لم تتلقفه الشرطة، حتى الآن، إذ لم تُبد رغبتها في القيام بهذا التفتيش. ربما يكون عدم إبداء الرغبة نابعاً من امتلاك معطياتٍ بأن خاشقجي فعلاً لم يعد في القنصلية، وهو مطابقٌ لما قاله بن سلمان، حين أشار إلى أن الكاتب السعودي خرج من القنصلية، من دون أن يوضح الجهة التي خرج إليها.
ولعل أنقرة تُحاول، من وراء الكواليس، إنهاء الأزمة بأقل قدر من الأضرار بالنسبة إليها، أي احتواء الخرق الأمني، والإبقاء على سمعة قدرتها على حماية اللاجئين لديها، ولا سيما أنها تؤوي معارضين سوريين ومصريين عديدين، وفي الوقت نفسه، عدم تصعيد الأزمة مع السعودية، وخصوصاً أن العلاقات بين البلدين في أسوأ أوضاعها قبل قضية خاشقجي.
وما بين الخطف السعودي، المترافق مع الإنكار التام لامتلاك معلوماتٍ عنه، وهو ما بدا من مقابلة بن سلمان، والصمت التركي، يزداد الغموض بشأن وضع خاشقجي، وأي مصير يحضّره السعوديون له.
ولكن، بغض النظر عن "رؤية" بن سلمان، والتي ليست موضوع المقال، بات مؤكدا أن جمال خاشقجي مخطوفٌ من السلطات السعودية، وأصبح من شبه المؤكد أنه وصل إلى الرياض، بالاستناد إلى تقارير وتغريدات أشارت إلى هذا الأمر، ولا سيما حساب "معتقلي الرأي"، والذي كان سبّاقاً إلى كشف اعتقالاتٍ عديدة في السعودية، وأظهر مصداقية كبيرة في هذا الأمر.
وبالتوازي مع هذه القرصنة السعودية المعلنة والمفضوحة، يبرز الموقف التركي في التعاطي مع القضية، والذي يمكن القول إن علامات استفهامٍ كثيرة تدور حوله. إذ إن الصمت الرسمي هو سيد الموقف بالنسبة إلى أنقرة، سواء على صعيد الدوائر السياسية أو الأمنية. فلم يخرج أي مسؤول رسمي تركي بأي موقفٍ بالنسبة إلى ما حدث لجمال خاشقجي، وحتى استدعاء القائم بالأعمال السعودي إلى وزارة الخارجية التركية، لم يخرج بعده تصريحٌ أو موقفٌ يوضح ملابسات ما حدث علنا، وظل الأمر في إطار التسريبات والمصادر التي ترفض الكشف عن اسمها. الأمر نفسه بالنسبة إلى المؤسسة الأمنية التركية، والتي لم تُصدر أي بيانٍ رسميٍّ يشرح إجراءات التعاطي مع المسألة، على الرغم من الاكتفاء أيضاً بتصريحات مصدرٍ مجهول في الشرطة التركية، يقول فيها إن خاشقجي لا يزال في القنصلية السعودية في إسطنبول.
يؤشّر هذا الصمت التركي إلى حالٍ من الإحراج تعتري السلطات في أنقرة إزاء ما يمكن اعتباره خرقاً أمنياً فاضحاً، وخصوصاً إذا صحّت الروايات أن خاشقجي صار في السعودية. ويبدو أن محمد بن سلمان أراد، في مقابلته مع شبكة بلومبيرغ، زيادة الحرج التركي، حين أعلن استعداد بلاده لفتح القنصلية السعودية أمام الشرطة التركية للتفتيش، وهو ما لم تتلقفه الشرطة، حتى الآن، إذ لم تُبد رغبتها في القيام بهذا التفتيش. ربما يكون عدم إبداء الرغبة نابعاً من امتلاك معطياتٍ بأن خاشقجي فعلاً لم يعد في القنصلية، وهو مطابقٌ لما قاله بن سلمان، حين أشار إلى أن الكاتب السعودي خرج من القنصلية، من دون أن يوضح الجهة التي خرج إليها.
ولعل أنقرة تُحاول، من وراء الكواليس، إنهاء الأزمة بأقل قدر من الأضرار بالنسبة إليها، أي احتواء الخرق الأمني، والإبقاء على سمعة قدرتها على حماية اللاجئين لديها، ولا سيما أنها تؤوي معارضين سوريين ومصريين عديدين، وفي الوقت نفسه، عدم تصعيد الأزمة مع السعودية، وخصوصاً أن العلاقات بين البلدين في أسوأ أوضاعها قبل قضية خاشقجي.
وما بين الخطف السعودي، المترافق مع الإنكار التام لامتلاك معلوماتٍ عنه، وهو ما بدا من مقابلة بن سلمان، والصمت التركي، يزداد الغموض بشأن وضع خاشقجي، وأي مصير يحضّره السعوديون له.