على جانب طريق وادي الضباب -تعز- تقف بعض الفتيات مع سلالهن يبعن الخبز للقادمين.
كان الثمن زهيداً بالنسبة لمذاقه اللذيذ والنادر، والمجهود الذي تبذله النسوة في إعداده، من طحن حبّات الذرة والغرب والدخن والشام، انتهاء بصناعتها على أشكال أقراص دائرية أنيقة، لونها أقرب الى الصفرة.
لكن أزمات اليمن تسبّب غلاء الدقيق، وخلال الأسبوع الأول من "عاصفة الحزم" ارتفع سعر قرص الرغيف الواحد من عشرة ريالات إلى عشرين ريالاً يمنياً، ما دفع اليمنيين إلى تخزينه، وربما أيضاً تخزين ذكرياتهم معه في مكان آمن من وجدانهم.
اقرأ أيضاً: مخابز عدن تغلق أبوابها
طعم الحنين
"كنتُ أعود من المدرسة وأقصد المطبخ مباشرة، أنتظر أوّل رغيف خبز، تعمله أمي في التنور البلدي، أحرص على تناوله ساخناً وأكتفي به وحده أحيانا". هكذا تجتمع في ذاكرة الدكتور محمد عبد الله (40 عاماً) رائحة الخبز وذكرى أمّه المتوفاة قبل سنوات، وقد رجا زوجته أن تتعلّم من والدته صناعة خبز الملوح، كي تعدّه كلّ يوم. من هنا، ينطلق خوف اليمنيّ في الحروب والأزمات على "لقمة العيش".
جميع النساء في المناطق الريفية اليمنية، يجمعن الحطب، ويحملنه على رؤوسهن إلى المنازل، من أجل استخدامه في طهو الخبز في تلك الأفران الحجرية، مرتاحات إلى أنّ الحرب لن تحرمهن هذا الوقود، على الأقلّ.
تتعدّد أشكال الخبز اليمني، وأحجامه وفق ذوق كلّ أسرة، ووفق ما ورثته.
تقول سهام محمد، طالبة جامعية، إن والدتها تعودت أن تقدّر ما تحتاج إليه كلّ يوم من الخبز، بشكل يضمن ألا تفيض الكمية عن الحاجة وتفسد لاحقاً، وهذه طريقة تفيد النسوة حالياً في أيام الأزمات.
بين المرأة اليمنية والخبز تاريخ طويل. فبفضل بيع ما صنعنه من خبز تمكنت نساء كثيرات من إعالة أسرهن. لذا لا يمكنهن التخلي عن صناعته، أو تفضيل أي وجبة أخرى عليه.
كبائعات الخبز الأخريات، تقضي فاطمة (45 عاماً) 3 ساعات كلّ يوم على كرسيها، في أحد الأسواق الشعبية بمحافظة تعز، تبيع خبز الملوي - اللحوح، ولن تتخلى عن هذا لأيّ سبب أمني.
خبز الطاوة، أو ما يطلق عليه بالخبز اليافعي، وجدناه في بوفية الريان، وسط شارع جمال بمحافظة تعز. مع كل مساء يتدفق الناس إليها لتناول وجبة العشاء، أكثر ما يثير شهيتهم هي الحركات السريعة التي يقوم بها سامي، الخبّاز، على الفرن.
يتناول سامي قرص العجينة الجاهزة، ويتلاعب بها راقصاً، ويقوم بتشكيلها على أشكال مربعات مستوية، ويضيف البيض ثم الزيت ويقلبها بسرعة وهو يغني.
يؤكّد أنّه سيبقى يغنّي وهو يعمل، فأي تغيير سيؤثر على مذاق خبزه، كما سيحرم اليمني نفسه من وجبات أخرى لصالح شراء الخبز، كما يقول.
قضى أحمد (60 سنة) عقوداً في السعودية، استعان خلالها بالخبز اليمني، الذي يباع بوفرة هناك، على تحمّل مرارة الغربة. اليوم هو في الوطن ويشعر بالمرارة نفسها، لذا فإنّه يحرص على تأمين الدقيق والحطب لإعداد الخبز في المنزل.
اقرأ أيضاً:
شباب اليمن.. حكايات الحب في زمن العاصفة
يمنيّون يحيون بالبدائل
كان الثمن زهيداً بالنسبة لمذاقه اللذيذ والنادر، والمجهود الذي تبذله النسوة في إعداده، من طحن حبّات الذرة والغرب والدخن والشام، انتهاء بصناعتها على أشكال أقراص دائرية أنيقة، لونها أقرب الى الصفرة.
لكن أزمات اليمن تسبّب غلاء الدقيق، وخلال الأسبوع الأول من "عاصفة الحزم" ارتفع سعر قرص الرغيف الواحد من عشرة ريالات إلى عشرين ريالاً يمنياً، ما دفع اليمنيين إلى تخزينه، وربما أيضاً تخزين ذكرياتهم معه في مكان آمن من وجدانهم.
اقرأ أيضاً: مخابز عدن تغلق أبوابها
طعم الحنين
"كنتُ أعود من المدرسة وأقصد المطبخ مباشرة، أنتظر أوّل رغيف خبز، تعمله أمي في التنور البلدي، أحرص على تناوله ساخناً وأكتفي به وحده أحيانا". هكذا تجتمع في ذاكرة الدكتور محمد عبد الله (40 عاماً) رائحة الخبز وذكرى أمّه المتوفاة قبل سنوات، وقد رجا زوجته أن تتعلّم من والدته صناعة خبز الملوح، كي تعدّه كلّ يوم. من هنا، ينطلق خوف اليمنيّ في الحروب والأزمات على "لقمة العيش".
جميع النساء في المناطق الريفية اليمنية، يجمعن الحطب، ويحملنه على رؤوسهن إلى المنازل، من أجل استخدامه في طهو الخبز في تلك الأفران الحجرية، مرتاحات إلى أنّ الحرب لن تحرمهن هذا الوقود، على الأقلّ.
تتعدّد أشكال الخبز اليمني، وأحجامه وفق ذوق كلّ أسرة، ووفق ما ورثته.
تقول سهام محمد، طالبة جامعية، إن والدتها تعودت أن تقدّر ما تحتاج إليه كلّ يوم من الخبز، بشكل يضمن ألا تفيض الكمية عن الحاجة وتفسد لاحقاً، وهذه طريقة تفيد النسوة حالياً في أيام الأزمات.
بين المرأة اليمنية والخبز تاريخ طويل. فبفضل بيع ما صنعنه من خبز تمكنت نساء كثيرات من إعالة أسرهن. لذا لا يمكنهن التخلي عن صناعته، أو تفضيل أي وجبة أخرى عليه.
كبائعات الخبز الأخريات، تقضي فاطمة (45 عاماً) 3 ساعات كلّ يوم على كرسيها، في أحد الأسواق الشعبية بمحافظة تعز، تبيع خبز الملوي - اللحوح، ولن تتخلى عن هذا لأيّ سبب أمني.
خبز الطاوة، أو ما يطلق عليه بالخبز اليافعي، وجدناه في بوفية الريان، وسط شارع جمال بمحافظة تعز. مع كل مساء يتدفق الناس إليها لتناول وجبة العشاء، أكثر ما يثير شهيتهم هي الحركات السريعة التي يقوم بها سامي، الخبّاز، على الفرن.
يتناول سامي قرص العجينة الجاهزة، ويتلاعب بها راقصاً، ويقوم بتشكيلها على أشكال مربعات مستوية، ويضيف البيض ثم الزيت ويقلبها بسرعة وهو يغني.
يؤكّد أنّه سيبقى يغنّي وهو يعمل، فأي تغيير سيؤثر على مذاق خبزه، كما سيحرم اليمني نفسه من وجبات أخرى لصالح شراء الخبز، كما يقول.
قضى أحمد (60 سنة) عقوداً في السعودية، استعان خلالها بالخبز اليمني، الذي يباع بوفرة هناك، على تحمّل مرارة الغربة. اليوم هو في الوطن ويشعر بالمرارة نفسها، لذا فإنّه يحرص على تأمين الدقيق والحطب لإعداد الخبز في المنزل.
اقرأ أيضاً:
شباب اليمن.. حكايات الحب في زمن العاصفة
يمنيّون يحيون بالبدائل