يطلق الآباء الجزائريون على أبنائهم وبناتهم الذين اختاروا الهجرة غير الشرعية لأوروبا تعبيراً جميلاً هو "الحَرْقة"، الحَرْقة التي تصيبهم من جراء خسارة أبنائهم ومن خوفهم من هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر والتي تنبعث منها رائحة الموت. القليلون هم من ينجحون في الانتقال إلى الضفة الشمالية المتوسطية حيث يواجهون الحياة بعيداً عن مساندة الأهل ورعايتهم، ثم إن الكثيرين من المهاجرين غير الشرعيين يلقون حتفهم في قوارب الموت، وهكذا تتبدد الثروة الجزائرية التي يمثلها عنصر الشباب.
والجزائر مثلها مثل العديد من الدول العربية تشهد فورة سكانية منذ عقود، فعلى المستوى الديمغرافي تضاعف عدد سكانها أربع مرات منذ سنة 1966 ليبلغ منذ عامين 40.4 مليون نسمة. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل البطالة في الجزائر سيصل إلى 11.16 في المائة في 2018 و12.91 في المائة في 2020.
وتوقعت دراسة صادرة عن المديرية العامة للخزينة الفرنسية اتجاه معدلات البطالة نحو الارتفاع، فقد بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15 - 24 سنة)، حسب تقديرات منظمة العمل الدولية، 23.87 في المائة في 2017، وقدر المعدل بين الذكور من الفئة العمرية نفسها بـ20.71 في المائة مقابل 39.05 في المائة بين الإناث.
ويعزى السبب إلى تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع في السنوات المقبلة، وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو بلغ 1.98 في المائة في 2017 ولن يتجاوز الـ1.84 في المائة في 2020 و0.66 في المائة في 2022، ما يعني ملايين الشباب العاطلين من العمل وتزعزع استقرار البلاد وأمنها.
ورغم الامتيازات الكبيرة التي منحتها الحكومة للشباب من خلال تيسير القروض للمشاريع الصغيرة، إلا أن العديد من المستفيدين تخلوا عن مشاريعهم، وهناك مستفيدون آخرون ما زالوا في نزاع مع البنوك بسبب عدم سداد الأقساط، بعدما تراجعت أسعار النفط، رافق ذلك تجميد التوظيف في القطاع العام، وهكذا وصلت الحكومة إلى مفترق طرق يصعب فيه الجمع بين السياسات الهادفة إلى تفادي الغليان الشعبي الذي قد يفجر انتفاضة تضاف إلى غيرها وبين ثبات الاقتصاد واستقراره.
وأفادت دراسة صادرة عن المديرية العامة للخزينة الفرنسية بأن المنظومة الجامعية الجزائرية بحاجة ماسة لإصلاحات جذرية، لأن مخرجاتها لا تنسجم إطلاقاً مع احتياجات سوق العمل، حيث أشارت تلك الدراسة إلى أن التحاق 65 في المائة من الجامعيين بكليات العلوم الاجتماعية والإنسانية أمر يفوق إمكانات أي سوق عمل، وبالطبع لا يلبي الاحتياجات الحالية للاقتصاد الذي يطلب جامعيين في تخصصات وفروع أخرى.
اقــرأ أيضاً
وهكذا أدت الاستثمارات الكبيرة في التعليم العالي، والتي تلتهم كميات ضخمة من ميزانية الدولة، وفي غياب خطط استراتيجية، إلى اتساع الفجوة بين رأس المال البشري ومتطلبات سوق العمل، ما يقود بالتالي إلى تفشي البطالة بين خريجي الجامعات. كما أن هذه الأخيرة ترجع أيضاً إلى قلة التدريب الذي جعل من الخريجين أقل تكيفاً مع احتياجات سوق العمل.
وأكدت دراسة المديرية العامة للخزينة الفرنسية أن بطالة الشباب من ذوي شهادات التعليم العالي تفوق مستوى جميع دول المغرب العربي بكثير تلك الخاصة بالأشخاص المتحصلين على شهادات تعليمية أقل، موضحة أن هذه النسبة بلغت خلال سنة 2016 في الجزائر 16.7 في المائة وتعد أعلى من مستوى ذوي التعليم الأقل (9.5 في المائة بالنسبة للتعليم الثانوي و10.6 في المائة للمراحل المتوسطة.
*باحث وأكاديمي
والجزائر مثلها مثل العديد من الدول العربية تشهد فورة سكانية منذ عقود، فعلى المستوى الديمغرافي تضاعف عدد سكانها أربع مرات منذ سنة 1966 ليبلغ منذ عامين 40.4 مليون نسمة. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معدل البطالة في الجزائر سيصل إلى 11.16 في المائة في 2018 و12.91 في المائة في 2020.
وتوقعت دراسة صادرة عن المديرية العامة للخزينة الفرنسية اتجاه معدلات البطالة نحو الارتفاع، فقد بلغ معدل البطالة للفئة العمرية (15 - 24 سنة)، حسب تقديرات منظمة العمل الدولية، 23.87 في المائة في 2017، وقدر المعدل بين الذكور من الفئة العمرية نفسها بـ20.71 في المائة مقابل 39.05 في المائة بين الإناث.
ويعزى السبب إلى تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع في السنوات المقبلة، وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن معدل النمو بلغ 1.98 في المائة في 2017 ولن يتجاوز الـ1.84 في المائة في 2020 و0.66 في المائة في 2022، ما يعني ملايين الشباب العاطلين من العمل وتزعزع استقرار البلاد وأمنها.
ورغم الامتيازات الكبيرة التي منحتها الحكومة للشباب من خلال تيسير القروض للمشاريع الصغيرة، إلا أن العديد من المستفيدين تخلوا عن مشاريعهم، وهناك مستفيدون آخرون ما زالوا في نزاع مع البنوك بسبب عدم سداد الأقساط، بعدما تراجعت أسعار النفط، رافق ذلك تجميد التوظيف في القطاع العام، وهكذا وصلت الحكومة إلى مفترق طرق يصعب فيه الجمع بين السياسات الهادفة إلى تفادي الغليان الشعبي الذي قد يفجر انتفاضة تضاف إلى غيرها وبين ثبات الاقتصاد واستقراره.
وأفادت دراسة صادرة عن المديرية العامة للخزينة الفرنسية بأن المنظومة الجامعية الجزائرية بحاجة ماسة لإصلاحات جذرية، لأن مخرجاتها لا تنسجم إطلاقاً مع احتياجات سوق العمل، حيث أشارت تلك الدراسة إلى أن التحاق 65 في المائة من الجامعيين بكليات العلوم الاجتماعية والإنسانية أمر يفوق إمكانات أي سوق عمل، وبالطبع لا يلبي الاحتياجات الحالية للاقتصاد الذي يطلب جامعيين في تخصصات وفروع أخرى.
وهكذا أدت الاستثمارات الكبيرة في التعليم العالي، والتي تلتهم كميات ضخمة من ميزانية الدولة، وفي غياب خطط استراتيجية، إلى اتساع الفجوة بين رأس المال البشري ومتطلبات سوق العمل، ما يقود بالتالي إلى تفشي البطالة بين خريجي الجامعات. كما أن هذه الأخيرة ترجع أيضاً إلى قلة التدريب الذي جعل من الخريجين أقل تكيفاً مع احتياجات سوق العمل.
وأكدت دراسة المديرية العامة للخزينة الفرنسية أن بطالة الشباب من ذوي شهادات التعليم العالي تفوق مستوى جميع دول المغرب العربي بكثير تلك الخاصة بالأشخاص المتحصلين على شهادات تعليمية أقل، موضحة أن هذه النسبة بلغت خلال سنة 2016 في الجزائر 16.7 في المائة وتعد أعلى من مستوى ذوي التعليم الأقل (9.5 في المائة بالنسبة للتعليم الثانوي و10.6 في المائة للمراحل المتوسطة.
*باحث وأكاديمي