لم تعد الحياكة في ألمانيا محصورة بالجدات أو ببعض نوادٍ خاصة. ففي الفترة الأخيرة، سُجّلت مبادرات فرديّة وجماعيّة على شكل نوادٍ خاصة تُدعى الشابات من خلالها إلى الاسترخاء، لا سيّما في فصل الشتاء.
تخبر إحدى المشتركات في هذه النوادي: "ذهبت إلى نادي الحياكة بهدف التسلية. لكنني وجدت فيه أكثر من ذلك. فالحياكة من ضمن مجموعة تنسي المرء همومه ومشكلاته اليومية".
من جهة أخرى، كانت مجموعة من الرجال في مدينة توبنغن (جنوب ألمانيا) قد أعلنت افتتاح نادٍ للحياكة خاص بالرجال، بعدما رفض مؤسسوه الخمسة فكرة أن الرجل يكتفي بشرب البيرة ومشاهدة التلفاز. فرفعوا شعار "الرجل يحيك أيضاً"، وروّجوا لناديهم عبر صفحة خاصة على موقع "فيسبوك". في البداية، لاقت المبادرة استهزاءً من قبل بعض النساء، لكن مع الوقت أبدين إعجابهنّ بالتجربة. وقد علّقت كثيرات منهن قائلات إن الرجل يبدو مثيراً عندما يحيك.
كذلك قام هؤلاء الرجال بنشر كتاب حول تعليماتهم الخاصة للحياكة معتمدين منهجاً جديداً يناسب ميول الرجل، وقد انتقدوا طريقة الجدات.
وفي مبادرة خاصة، قامت جوليا تول بتعليم سجناء في سجن تورنغن (وسط)، الحياكة. فتسجّل نحو 40 منهم للمشاركة، في حين قوبلت التجربة في البداية بسخرية النزلاء الآخرين. ويخبر أحد السجناء المشاركين أنه وبعد إنتاجهم قبعات مميزة، تغيّرت نظرة الآخرين. كذلك سُمح لهم بالحياكة في زنزاناتهم الانفرادية بعد انتهاء ورش العمل. من ثم راح هؤلاء يرسلون بعض منتجاتهم إلى أطفالهم كهدايا، وهو ما يجعل الأطفال يشعرون بالاعتزاز والفخر إذ هم يرتدون وشاحاً أو قبعة من صنع الوالد.
ولتسهيل ذلك، أنشئت أيضاً صفحة على "فيسبوك" لجمع الصوف من المتبرعين وتسليط الضوء على هذه التجربة المميزة.
تجدر الإشارة إلى أن هؤلاء السجناء حاكوا قبعات صغيرة وجوارب صوفيّة لحديثي الولادة في أحد المستشفيات. لكن الأخير رفض استلامها لأسباب صحيّة، إذ إنه يتوجّب غسلها على حرارة عالية قبل إلباسها لهؤلاء الصغار في حين أن الصوف المستخدم في حياكتها لا يتحمّل هذه الحرارة.
ويعلّق الطبيب المتخصص بالأمراض النفسية والعصبية يوغ بوغنر على هذه التجربة المميزة، قائلاً إن "الانشغال بهذه الأعمال من شأنه خلق أفكار إبداعية، وبالتالي يصبح تجاوب السجناء المرضى مع العلاج أفضل. كذلك يمنح الأمر السجين شعوراً بأنه منتج وفعال في مجتمعه، ويخلصه من شعور العزلة والوحدة التي يعاني منها أي سجين".