الحياة في منتهى الكُفر

20 نوفمبر 2014
لا تنسَ كيف تقول لا (Getty)
+ الخط -

تدور في فلكك فقط، روحك وأفكارك ومشاعرك، كتنورة راقصة على مسرح أنت خشبته، دوامة صنعها الطواف داخلك، تشدك إليها كلما حاولت الخروج، حبيبتك التي طردتك أصبحت الآن مجرد سوط يضربك كلما غفوت عن ذكراها، اللانسيان يأخذك إلى عذاب أبدي، والنسيان حماقة لا يرتكبها إلا الأموات، لماذا تأخذنا الأقدار بعيدا عن أي شيء يستحق أن نحيا من أجله؟ لماذا يكره القدر كل شيء نحبه؟ ولماذا يعاند الحب كل شيء مقدور؟ هل هناك شيء اسمه القدر أصلا؟

لو كان موجودا فمن يصنعه؟ أنت؟ أم الله؟ لو كنت أنت الذي تصنعه، فماذا يصنع الله في هذه المعادلة؟ بمعنى آخر، هل أنت مخير أم مسير؟ لو كنت مخيرا كنت اخترت ألا تأتي أصلا، فأين الخيار؟ وما دمت مسيرا فلماذا تحاسب أنت على خيارات من بيده الريموت؟ لماذا تحاسب أنت على مشاريب طلبها لك صاحب المقهى؟ أنت محبوس هنا! عش ميتا، أو مت كافرا! فبأي منطق يحدثك شيخك عن الحرية التي من بها الله علينا منذ أن خلقنا؟ إذا كنت أنت لا تملك أبسط حقوقك، حق تقرير مصيرك، سمعت أحدهم يقول "الحياة هبة الرب"، إذن فلماذا يعذب من يرد الهبة.

يقول الله "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، فأين الاستغناء؟! كونه خلقك لسبب يخصه فهذا يضرب فكرة الاستغناء من الأساس، ثم أنك لا تثق في الأوراق، أنت في حاجة دائمة إلى أن تسمعه، لماذا توقف عن الكلام؟ التواصل بينك وبينه افتراضيا، أنت هنا، وهو هناك، وبينكما أول شبكة تواصل اجتماعي في الكون، افترض أنك تحدثه، وافترض أنه يسمعك، ثم افترض أن حديثك يعجبه، افترض أنه يكلمك، وافترض أنك تفهمه، ثم افترض أنك تعبده بالطريقة التي تروق له، وما دامت كل الفرضيات مفترضة، فلماذا لا تفترض أن الحياة منتهى الكفر وتقتل نفسك بوازع حفظ الدين وتحصين الإيمان؟

الفتاة التي تدعي حبك متقوقعة في بحر الملل، تخرج من صدفة الصمت لتقتل الخواء في صدفة الثرثرة، لن تحلق بك بعيدا عن دوامة الطواف حول الذات، ولن تدعك تطوف وحدك بلا وزر جديد، جريمة أنت شرعت فيها، ثم أجهزتها أشياء لا ترى بالنفس المسيرة، ثم إلى أين؟ كل الطرق تؤدي إلى النار، كل الطرق محملة بالأوزار، وزر التي أحبتها ثم قتلتها بمنطق الدبة التي قتلت صاحبها، ووزر التي أحبتك ولا شك أنك سوف تقتلها، إما بمنطق المستبد الأدرى بالمصلحة، وإما بمنطق أب دخل السجن ليضمن لأبنائه عيشة رغدة، ملاذك الوحيد هو موتك، فمت كافرا وتحمل وزرك وحدك، هذا إن سلمنا بأن الله خلقك ليكدرك في هذه الحياة، ثم يعذبك في الآخرة بأوزار ارتكبتها في حق آخرين.

ولا تنسَ كيف تقول لا..

المساهمون