وأكد شهود عيان من المحافظة أن القوات التابعة لجماعة الحوثي وصالح، والمحيطة بالمدينة من أغلب الاتجاهات، فرضت حصارا خانقا على تعز ومنعت دخول أية بضائع للتجار، أو مساعدات إغاثية تقدمها منظمات محلية أو دولية.
وقال المواطن، فتحي عبد الولي، إنه "عجز عن إيجاد مياه للشرب في أحياء المدينة، إلا أن بعض أقربائه وفروا له كمية تكفي أسرته لأيام قليلة"، مضيفا لـ "العربي الجديد" أن أصحاب المحطات وصهاريج المياه يؤكدون أن الحوثيين يمنعون دخول الماء إلى المدينة منذ أيام، مما جعل أسعار الماء تصل لمستويات قياسية.
وأوضح عبد الولي: "إذا كنت محظوظا، وبعد وقوفك في طوابير لفترة طويلة، ستحصل على قنينة ماء 10 لترات، والتي يصل سعرها أحيانا إلى 400 ريال يمني (أقل من دولارين)"، لافتا إلى أن كثيرا من السكان يتحدثون عن قيام الحوثيين باحتجاز أو مصادرة المياه التي تحملها الصهاريج المتنقلة، أو إتلافها ورميها على قارعة الطريق أمام مداخل المدينة.
وسخر الإعلامي زكريا الكمالي من عدم السماح بدخول المياه إلى مدينته، مشيرا إلى أن الحوثيين ربما "يريدون فتح سوق سوداء للمياه أيضاً، إلى جانب السوق السوداء التي يبيعون فيها المشتقات النفطية"، متسائلا عن جدوى وأهداف منع دخول مياه الشرب إلى المدينة.
وأضاف الكمالي، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "يوم أمس الأربعاء، تواجد الماء في حارة واحدة فقط، وكان هناك طابور من الناس لساعات من أجل الحصول عليه"، مطالبا الحوثيين بالسماح للمواطنين على الأقل بـ"بلّ ريقهم جراء قذائفكم الانتقامية التي لا يتوقف تحليقها فوق سماء المدينة الحالمة بشربة ماء".
إلى ذلك، يؤكد عبدالحفيظ سلام (39 سنة) أن إحدى النقاط التابعة للحوثيين في منطقة الحوبان، شرق تعز، قامت بمصادرة أسطوانة "غاز الطبخ" التي حصل عليها بصعوبة شديدة، بعدما اتهموه بأنه يهدف إلى "تقديم الأسطوانة للمقاومين في المدينة ليستخدموها في عمليات التنقل"، مشيرا إلى أن الحوثيين رفضوا توسلاته مما جعله يدخل المدينة بدون غاز الطبخ، الذي كان قد وفره بأضعاف سعره الرسمي.
وتعاني الأسواق والمحلات التجارية في المدينة من انعدام أصناف من الأدوية والمواد الغذائية، على رأسها كافة أنواع الخضار، وفي حال وجدت فبأسعار مرتفعة جدا، بحسب شهادات الأهالي.
وكانت النقاط العسكرية التابعة للحوثيين على مدخل المدينة، (منطقة الحوبان)، قد صادرت عشر ناقلات محملة بمساعدات إغاثية قدمتها المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين، ومنظمة الهجرة الدولية، وبرنامج الغذاء العالمي، تحتوي على مواد غذائية وإيوائية وصحية، بعد احتجاز الناقلات التي تحملها لمدة ثلاثة أسابيع.
وتعاني محافظة تعز من حصار مطبق منذ أكثر من ستة أشهر، إلى جانب استمرار المواجهات المسلحة بين قوات الحوثي والرئيس السابق من جهة، والمقاومة الشعبية الموالية للحكومة الشرعية من جهة أخرى.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، فقد بلغ عدد الأشخاص المحتاجين لمساعدات إنسانية داخل مدينة تعز 1.8 مليون شخص من بين 3 ملايين شخص، في حين قتل في المدينة خلال شهر أغسطس/آب، أكثر من 100 شخص، بينهم 54 طفلاً و20 امرأة، وأصيب 129 مدنياً جراء تعرضهم للقصف العشوائي، بينما يؤكد آخر تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، وصول المساعدات الغذائية المقدمة من منظماتها إلى المدينة خلال الشهر الماضي واستهدافها 57.500 شخص لتغطي تلك المساعدات 3 في المائة فقط من الاحتياج الحقيقي.