صراع القضية الفلسطينية أوضح ما يكون اليوم ضد "الحلّ الأمني" الإسرائيلي. مع "اتفاقيات أوسلو" قبل عقدين كان الحلّ الأمني هو مضمر الاتفاقية، أما اليوم فيُطرح الحل الأمني السافر بلا مواربة كحل أول ووحيد من قبل النظام الاستعماري الإسرائيلي، بعد أن قضى الأخير فعلياً بالاستيطان على ما كان يسمّى بـ"حل الدولتين".
الاحتلال الآن بحاجة إلى "رجل أمن" مخلص، له صلاحيات وامتيازات رئيس بلدية فاسد ومسمّى "رئيس سلطة وطنية فلسطينية"، وبالطبع له من الصلاحيات الأمنية ما يريد في ما يخص "ضبط" شعبه وحماية "أمن إسرائيل". ولا عجب هنا أن تكون أبرز الأسماء المتداولة أو المطروحة على طاولة "خلافة رئيس السلطة" أسماء أمنية لها رصيد كبير في "التنسيق الأمني" وقمع المواطنين الفلسطينيين في عقدي أوسلو المشؤومين.
ولا عجب أن يحظى أحد الأسماء بـ"غطاء عربي" هو في الحقيقة غطاء أنظمة منضوية مع الرؤية الإسرائيلية للمنطقة و"متفهمة" أشد التفهم لـ الحل الأمني الصهيوني للقضية الفلسطينية. والبائس أن بعض هذه "الأطراف العربية" تنظر إلى فرص تقتنصها من هذا "الحل" الذي يشطب حقوق الشعب الفلسطيني ويحيلها إلى اتفاقية أمنية سيعجز أي شرطي/رئيس مخلص عن الإيفاء بها.
بالطبع هذه رغبات المستعمِر وبرامجه، وتقابلها بل تواجهها إرادة الشعب الفلسطيني، الإرادة التي لم تكسر عبر قرن كامل من الهيمنة الاستعمارية. حجم الطموح الاستعماري الإسرائيلي يتجاوز كل خيال، وإن كانت الأمور سارت كما رُسم لها منذ مسار أوسلو التفريطي، فلا ضمانات في الواقع. لا ضمانات للمشروع الاستعماري في أن يستمر في تثبيت نفسه، كما لا نستطيع كشعب يقاوم الاستعمار أن نرتكن إلى قوة الحق والتاريخ. فالأخير أثبت أن لا قانون يحكمه وأن القوة هي واحدة من ضمانات الحق الأساسية.
على المسار الاستراتيجي للقضية الفلسطينية، ليس ثمة فرق كبير بين الذين يتنافسون على تنفيذ الحل الأمني، ما دام هذا الرئيس/ "التشيرمان" سيؤدي الدور المطلوب بطريقة أو بأخرى.
الفرق سيكون في مستوى الجريمة والضرر الذي سيدفع ثمنه مواطنو "السلطة الوطنية الفلسطينية" (قرابة 4 % من مساحة فلسطين) هؤلاء الذين سيصبحون رهائن لدى "الرئيس" الجديد ومليشياته في المرحلة الجديدة من الحل الأمني، التي تتطلب مواجهة أكثر قمعاً لأي بادرة مقاومة وتحرر.
العدد بصيغته الورقية