الحكومة اللبنانية تنتظر التماس طريق التفاوض مع خاطفي العسكريين

09 أكتوبر 2014
ينتظر الأهالي قبول الحكومة بالمقايضة (حسين بيضون)
+ الخط -
انتقل أهالي العسكريَّين اللبنانيين المخطوفين إلى ساحة رياض الصلح، في قلب العاصمة اللبنانية بيروت، وذلك بعد أسبوعين من قطع طريق ضهر البيدر في محافظة البقاع، شرقي لبنان.

وقطع الأهالي عدداً من الطرقات الرئيسة للضغط على الحكومة اللبنانية بهدف "الإسراع في إطلاق أبنائهم من خلال المقايضة مع الخاطفين"، قبل أن ينقلوا إعتصامهم من "ضهر البيدر" (مدخل محافظة البقاع، شرقي لبنان) لأسباب اقتصادية. وكان قطع الطريق الدولي أضرّ بحركة الشاحنات التجارية بين بيروت والبقاع ولاحقاً سورية.

ويُمثل وزير الصحة اللبناني وائل أبو فاعور صلة الوصل بين الحكومة اللبنانية والأهالي. وقد استطاع إقناعهم بنقل الإعتصام من ضهر البيدر إلى الساحة المقابلة للسراي الحكومي في بيروت، من دون تقديم أي جديد لهم.

ويحاول أبو فاعور الاختصار قدر الإمكان في تصريحاته الصحافية، موحياً بأنه لا يعلن كل شيء. لكنّ تصريحه الأخير من موقع الإعتصام، يشير إلى العكس، إذ أكّد أنّ "العمل جار لحلّ حلقة مفقودة في الملف، والحكومة اللبنانية لا تراوغ وتريد فتح خط اتصال جدي مع الخاطفين". ولدى سؤاله عن دور الوسيط القطري، اكتفى أبو فاعور بالقول إنه "لم ينجز الكثير".

ولم تتمكّن الحكومة اللبنانيّة خلال شهرين من إطلاق مفاوضاتها مع الخاطفين، فيما نجحت وساطة قادتها "هيئة العلماء المسلمين"، في إطلاق سراح خمسة عسكريين، قبل أن تعلّقها، "إفساحاً في المجال أمام أطراف أخرى قد تكون أكثر قدرة على تسوية الملف". وتقول مصادر في الهيئة لـ"العربي الجديد" إنّ "الدولة وضعتنا في الواجهة، من دون منحنا أي أوراق تفاوض". وجاءت حادثة إطلاق النار على وفد الهيئة في أغسطس/ آب الماضي في بلدة عرسال لتقفل ملف الوساطة المحلية. 


لا إجماع على المقايضة

في خيم أقيمت في ساحة رياض الصلح، بوسط بيروت، ترفع السيدات صور أبنائهن. وينتظر الأهالي زيارة المسؤولين الرسميين، علّهم يحملون إليهم خبراً جديداً.

واستغل الأهالي اليوم، تزامن جلستي مجلس النواب والوزراء لإيصال رسالتهم، في حين استغلّ بعض النواب وجود الأهالي للظهور الإعلامي. زارهم عضو تكتّل التغيير والاصلاح النائب آلان عون. وزار وفد من المعتصمين أمين عام مجلس النواب لنقل رسالتهم إلى رئيس المجلس نبيه بري. 

يطالب الأهالي زوارهم بالقبول بمبدأ المقايضة حتى تنتهي مأساة أبنائهم المهددين بالذبح. وعد المسؤولون خيراً، لكنّ المواقف السياسية لم تتغيّر كثيراً. يصرّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون على رفض المقايضة، مستفيداً من الحاجة إلى إجماع وزاري في تجميد الطرح. يقف عون في وجه الداعين للمقايضة، ومن أبرزهم الحزب التقدمي الإشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط ويدعو إلى "قبول مبدأ المقايضة لإنقاذ العسكريين"، في حين يتريث حزبا الكتائب والقوات اللبنانية في بناء موقفيهما، والأخير مرتاح لأنّ لا وزراء له في الحكومة.

وفي مقابل الخلاف السياسي على شكل المفاوضات التي لم تنطلق بعد، تخشى مصادر وزارية "تراجع أولويّة ملفّ المخطوفين، مع تصدّر التطورات الأمنية في جرود البقاع المشهد". وتشير المصادر إلى "استمرار رئيس الحكومة المفوّض من الحكومة بمتابعة الملف مع الأطراف الداخلية والإقليمية المؤثرة حتى يتم إطلاق العسكريين".


حرب نفسية على الأهالي

لم ينقل الأهالي خيم الإعتصام فقط من ضهر البيدر إلى بيروت، بل نقلوا هواجسهم معهم. نجح الخاطفون إلى حد بعيد في إبقاء حالة القلق مسيطرة بين الأهالي، من خلال سماحهم للعسكريين المخطوفين بالإتصال بذويهم. هي حرب نفسيّة يقودها الخاطفون بقوة الإتصالات المطولة التي يجريها المخطوفون بذويهم.

وتمتد بعض الاتصالات، وفق الأهالي، لعشرة دقائق، وأحياناً أكثر. تلقى شقيق العسكري خالد حسن اتصالاً منه صباح اليوم، "دعاني فيه إلى التحرّك والضغط في الشارع وإلا سيتمّ ذبحه بعد ثلاثة أيام". يتحدث أهل العسكريين الآخرين عن مُهل أقل، وأخرى أكثر. يشير والد أحد المخطوفين إلى أنّ "المطلوب أن نبقى متوترين، والحكومة لم تقدّم ما يخفّف عنا".


يحاول الوزير أبو فاعور طمأنة الأهالي بدعوته "الخاطفين إلى عدم تحميل الأهالي وزراً لا يستطيعون تحمّله، فلا هم ولا المخطوفون يمتلكون القرار". يكتفي أبو فاعور بالتأكيد أنّ "الحكومة جادّة في قرار التفاوض"، من دون أن يحدد ملامح هذا التفاوض أو الآليات التي ستعتمدها الحكومة. طلب أبو فاعور مهلة يوم واحد بانتظار ما سيصدر عن مجلس الوزراء، ووافق الأهالي. هي مهلة جديدة لأسر عالقة بين مهل الخاطفين ومهل الحكومة الحائرة.

المساهمون