الحكومة اللبنانية المتعثّرة... والسيناريو الأسوأ

29 يناير 2014
+ الخط -
لم يعد بإمكان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية، تمام سلام، الانتظار أكثر؛ فبعد أسبوع من اليوم، سيدخل سلام في الشهر العاشر على تسميته مكلفاً لتشكيل الحكومة، من دون أن يدخل السرايا الحكومية، ومن دون أن يكون له مجلساً يترأسه ووزراء يستمع إليهم وإلى نقاشاتهم. بعد حلّ عقدة الثلث المعطّل مع حزب الله، وبعد تخطي شرط مشاركة تيار المستقبل في "حكومة وفاق وطني" قبل خروج مقاتلي الحزب من سوريا، حطّت عقدة "مداورة" الحقائب الوزارية على طاولة سلام لتعيق تقدّم مساعي التأليف مرة جديدة.
في كواليس العملية الحكومية، يسأل الكثيرون: هل فعلاً يقف التشكيل على عقدة تولّي "تكتل التغيير والإصلاح"، الحليف الأقوى لحزب الله، حقيبة الطاقة؟ وهل صحيح أنه أمام كل العقد السابقة التي تمّ تجاوزها - بدءاً من شروط إسقاط سلاح حزب الله وانسحابه من سوريا واتهامه باغتيال الرئيس رفيق الحريري - تتوقف التشكيلة الحكومية أمام حقيبة النفط والماء والكهرباء؟
بالنسبة لكثيرين من متابعي هذا الملف، نقل تيار المستقبل وحزب الله حربهما المباشرة إلى مضمار الحلفاء. فباتت حرباً أعطيا وكالتها لكل من الرئيس سلام والعماد ميشال عون. سلام، النائب في البرلمان اللبناني على لائحة تيار المستقبل عن العاصمة بيروت، سبق له أن زار السعودية قبل تسميته في الاستشارات النيابية قبل تسعة أشهر، ومنها انطلق في مسار التشكيل الفاشل حتى الساعة. وكذلك عون، ممثل القوّة المسيحية الأساسية في قوى 8 آذار، يسارع إلى رفع راية "حقوق المسيحيين" عند كل استحقاق، ومن خلالها يتمكن من عرقلة سير كل العجلات السياسية.
وأشارت مصادر متابعة لـ"الجديد" إلى أنّ الرئيس سلام عرض على عون الحصول على حقيبة سيادية (الخارجية أو الداخلية أو المال أو الدفاع) إضافة لأخرى أساسية هي وزارة الأشغال، إضافة إلى جعل الحكومة اللبنانية مؤلفة من ثلاثين وزيراً، ما يرفع حصة عون في الحكومة إلى أربعة وزراء. 
ويأتي هذا العرض المستجدّ في وقت سوّق فريق عمل سلام لسيناريو جديد يندفع فيه الرئيس المكلف إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تتمثّل فيها كل القوى السياسية، فيوزّع سلام بنفسه الحقائب على الأطراف ويسمّي وزراءها من دون الرجوع إلى مرجعياتها. سيناريو من شأنه تعقيد الأمور أكثر، باعتبار أنّ معظم الكتل النيابية لم توافق عليه، وتحديداً تكتل العماد عون، الذي ستلحق به كتلة الوفاء للمقاومة وسائر قوى 8 آذار. وقد سارع التيار إلى مواجهة هذا الطرح، وإلى جانبه الكنيسة المارونية. ولفتت مصادر "الجديد" إلى أنّ اجتماعاً عاجلاً عُقد بين وفد من التيار والبطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، تم خلاله الاتفاق على رفض أي مساس بحقوق المسيحيين وبتمثيلهم، والتحذير من مصادرة القرار المسيحي والعودة إلى مرحلة الوصاية. كل ذلك في وقت يؤكد أحد المقربين من سلام أنّ "الرئيس المكلف خياراته مفتوحة، وبعد انتظار 9 أشهر على تسميته رئيساً، فإن اقتراح فرض الحكومة الوفاقية وارد كما سائر الاقتراحات، كالعودة إلى طرح الحكومة الحيادية". مع العلم أنّ عدداً من مستشاري سلام انشغلوا في الساعات الماضية بدراسة ردّ فعل القوى السياسية في الشارع، بعيداً عن المقاطعة أو المعارضة النيابية، كمثل اللجوء إلى تحريك القطاعات العمّالية كورقة أولى للضغط على سلام وحكومته.
هذا الكباش السياسي يمكن وضعه في خانة شراء الوقت بالنسبة لـ"المستقبل" وحزب الله وامتداداتهما الخارجية. فأفق مؤتمر "جنيف - 2" حول سوريا لم يتّضح بعد، وكذلك مصير العلاقات الإقليمية. ففي حال تذليل عقبة مداورة الحقائب، ستطفو على الواجهة عقدة جديدة، كالبيان الوزاري للحكومة العتيدة، ما يعيق التشكيل مرة أخرى.
المساهمون