قررت الحكومة الفلسطينية الاقتراض من المصارف المحلية للشهر الثاني على التوالي، لتأمين صرف 60% من رواتب موظفيها، نتيجة إصرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي، للشهر الثاني على التوالي، على احتجاز عائدات الضرائب للحكومة الفلسطينية التي تقدر بنحو 120 مليون دولار.
وصرح رئيس حكومة الوفاق الوطني، رامي الحمد الله، خلال كلمة له في حفل إطلاق مدونة السلوك الوظيفي، في رام الله، اليوم: "هناك دفعة قريبة من الرواتب للموظفين نتيجة الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة لتأمينها رغم الضائقة المالية التي تمر بها".
وأوضح أن "فاتورة رواتب للموظفين تكلف خزينة الدولة ما يقارب 850 مليون شيكل، حيث تشكل أموال الضرائب التي تحتجزها إسرائيل ما يزيد عن 60% منها".
وأشار الحمد الله إلى أن حكومته نجحت في خفض الدين العام بحوالى 400 مليون دولار.
وكان وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، قد أكد في تصريحات صحافية سابقة أن "الخيارات أمام حكومة الوفاق الوطني لتدبر أمر رواتب شهر يناير/كانون الثاني الجاري محدودة جدا".
وأضاف المالكي: "سنضطر هذا الشهر إلى الاقتراض من مجموعة من المصارف المحلية لدفع 60% من رواتب الموظفين للشهر الحالي، مما يعني عبئا ماليا كبيرا على السلطة في الأشهر القادمة".
وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة بعد قيام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقرصنة عائدات الضرائب، والتي تعتمد عليها السلطة بشكل كبير لصرف رواتب موظفيها.
وجاءت الخطوة الإسرائيلية ردا على انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد اقترضت من المصارف المحلية لسداد 60% من رواتب موظفيها خلال الشهر الماضي، بعد ثلاثة أسابيع من موعد صرفها.
ويبلغ عدد موظفي السلطة الفلسطينية 160 ألف موظف.
وأكد مصدر مسؤول، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال لن يقوم بتحويل عائدات الضرائب الفلسطينية إلا بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية في 17 مارس/آذار المقبل".
وتزداد الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة تفاقما بسبب عدم التزام الدول العربية بشبكة الأمان، التي كان من المقرر أن تؤمن لفلسطين 100 مليون دولارشهريا، حسب ما أقرت قمم عربية سابقة، وتعهدت به للسلطة الفلسطينية في حال قامت إسرائيل بمعاقبتها وفرض حصار مالي عليها.
وتتزامن هذه الأزمات مع أزمة ثالثة لا تقل خطورة، وتتمثل في إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، عن عدم قدرتها على دفع بدل إيجار للعائلات، التي فقدت منازلها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وذلك بسبب عدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية لإعمار قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية، المالكي، في تصريحات صحافية اليوم:" غالبية الدول لم تفِ بالتزامااتها المالية لإعادة الإعمار، وهذا أثر بشكل كبير ليس فقط على إعادة الإعمار، وإنما على عمل السلطة الفلسطينية".
ومن المقرر أن يقوم رئيس حكومة الوفاق الوطني، رامي الحمد الله، ووزير الاقتصاد، محمد مصطفى، بجولة خليجية تشمل السعودية والكويت، بهدف الحصول على مساعدات مالية للتخفيف من الأزمة المالية الحادة التي تمر بها السلطة الفلسطينية، وحث هذه الدول على صرف التزاماتها بإعادة إعمار قطاع غزة.
كما تقوم الخارجية الفلسطينية بجهود دبلوماسية مع الدول الغربية لحثها على الوفاء بالالتزامات المالية، التي تعهدت بها خلال مؤتمر إعادة الإعمار، الذي عقد في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.