الحكومة الفلسطينية تحيل لعباس قانون الجرائم الإلكترونية لإقراره... ومؤسسات حقوقيّة ترفضه

22 ديسمبر 2017
احتجاج سابق ضد القانون (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد قرار الحكومة الفلسطينية إحالة مشروع قانون الجرائم الإلكترونية وقوانين أخرى لإقرارها والمصادقة عليها من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تسعى عدة مؤسسات حقوقية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني لمواجهة هذا الإجراء، رافضة القانون بمسودته الحالية.

وقررت الحكومة الفلسطينية، في جلستها التي عقدتها يوم الثلاثاء الماضي (19 من الشهر الجاري) بمدينة رام الله، إحالة كل من مشروع قانون المالكين والمستأجرين لسنة 2017، ومشروع قانون التعليم العالي، ومشروع قرار بقانون الجرائم الإلكترونية، لوضعها في قالبها القانوني المناسب لإقرارها في الجلسة القادمة تمهيداً للتنسيب بها إلى الرئيس لإصدارها حسب الأصول. كما قررت إحالة مشروع نظام الأرقام المميزة للوحات تمييز المركبات، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراسته، وإبداء الملاحظات بشأنه، لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب، وفق بيان صادر عن الحكومة الفلسطينية وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد".

وتعتزم العديد من مؤسسات المجتمع المدني إصدار موقف بما جرى من قبل الحكومة الفلسطينية، داعيةً إلى اجتماع طارئ لتدارس الموقف.

ويرى المستشار القانوني لمؤسسة الحق الفلسطينية، عصام عابدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما جرى "تطور خطير"، مشيرًا إلى تقديم المؤسسات العديد من الملاحظات على مشروع القانون المعدل للجرائم الإلكترونية، "إذ توجد العديد من المواد التي لا تلتزم بالمعايير الكاملة وقدمنا ملاحظات عليها، وتم تجاهلها بالكامل في المقترحات التعديلية، بعد سلسلة حوارات ونقاشات بهذا الشأن".

ولفت عابدين إلى أن الأغلبية المكونة منها لجنة مواءمة التشريعات الفلسطينية، هي من الوزارات الرسمية والنيابة العامة الفلسطينية، وقد "رفضنا أن يتم التصويت على هذا القانون، لأن الحريات ليست عرضة للتصويت والمساومة، لكنهم أصروا على التصويت على مسودة القانون".

وتابع: "استخدمت لجنة مواءمة التشريعات جسرًا لتمرير ملاحظات المؤسسات الرسمية والنيابة العامة، وتم رفض معظم الملاحظات التي قدمتها مؤسسات المجتمع المدني، أبرزها ما قدمناه من رفض لامتلاك مختلف الأجهزة الأمنية صلاحية الاختصاص بالتعامل مع قانون الجرائم الإلكترونية رغم أن هذا الاختصاص من صلاحية جهاز الشرطة المدنية فقط، ولكنهم أصروا أن يكون القانون من اختصاص مختلف الأجهزة الأمنية، رغم تقديمنا لمعايير مستندة للمعايير الدولية، وبذا يكون ذلك مؤشراً أبعد من قانون الجرائم الإلكترونية بقدر ما ينال من حرية الرأي والتعبير".

وأشار كذلك إلى قضية الصلاحيات فيما يتعلق بحجب المواقع الإلكترونية، حيث رفضت اللجنة التشريعية ما يتعلق بقضية حجب المواقع وبقي النص كما هو، إذ يتم بالنص المقترح الحالي حجب الموقع خلال 24 ساعة، وهو ما لا يتم عبر إجراءات محاكمات عادلة.

ونبهت مؤسسات المجتمع المدني في ملاحظاتها على القانون إلى أن قضية الحجب في المعايير الدولية تسند إلى شرطين وهما: أن يكون هناك حكم صادر من  محكمة مختصة، وأن تشكل تلك الجرائم خطورة كما في استخدام المواقع الإلكترونية لاستغلال الأطفال في الأعمال الإباحية أو الاتجار بالبشر أو الترويج للبشر.

وقال عابدين إن "حجب المواقع الإلكترونية هو عملياً يتم حل مؤسسة إعلامية، علماً بأن الشرطين السابقين بما يتعلقان بحجب المواقع الإلكترونية ينطبقان وفق المعايير الدولية على حل المؤسسات الإعلامية كذلك".

وأوضح المستشار الحقوقي أنّ النص الحالي وفق قانون الجرائم الإلكترونية الذي تسعى الحكومة الفلسطينية لإقراره، يتيح حجب المواقع على معايير فضفاضة مخالفة للمعايير الدولية، فيما نوه كذلك إلى محاولة شرعنة حجب 30 موقعاً إلكترونياً قبل صدور هذا القانون قبل نحو ستة أشهر.

وبعد إصدار الحكومة الفلسطينية قانون الجرائم الإلكترونية، نفذت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وناشطون فلسطينيون سلسلة فعاليات رافضة للقانون بصيغته الحالية، علاوة على الدخول في حوارات ونقاشات مع الحكومة الفلسطينية حول هذا القانون، لكن بقيت حالياً معظم المسائل الجوهرية التي تم رفضها، وفق عابدين الذي لفت إلى أنه تم استخدام لجنة مواءمة التشريعات جسراً لتمرر نصوص قانونية تعارض الاتفاقات الدولية. وأكد على رفض أن تكون مؤسسات المجتمع المدني جسرًا لتمرير نصوص قانونية مخالفة للمعايير الدولية.

وحول عزم الحكومة الفلسطينية التوجه نحو المصادقة على قانون الجرائم الإلكترونية، أكد عابدين على أن مؤسسات المجتمع المدني سيكون لها موقف واضح بهذا الخصوص، وسيتم التواصل مع المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير، وإبلاغه بآخر النتائج حول قانون الجرائم الإلكترونية.

ولفت عابدين إلى أنه سبق أن أرسل المقرر الخاص بالأمم المتحدة قبل عدة أشهر، مذكرة إلى الحكومة الفلسطينية ذكر فيها النصوص المخالفة للمعايير الدولية. وتعهدت الحكومة الفلسطينية في 16 من أغسطس/ آب الماضي، للمقرر الخاص في ردها عليه بوجود تعهد من قبلها ومن قبل الرئيس الفلسطيني كما كانت بالبند 15 من ردها، بأن يتم تعديل أي نص لا ينسجم مع الاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق الإنسان. وقال عابدين: "نحن نطالبهم بتنفيذ هذا البند".

المساهمون