الحكومة الجزائرية تُصر على تعديل "التقاعد".. والعمّال يضربون

16 أكتوبر 2016
العمل مدة 32 عاما تسمح بالتقاعد قبل الستين حاليا(Getty)
+ الخط -

 

تُصر الحكومة الجزائرية على تعديل نظام التقاعد، يسمح بوقف المعاشات قبل بلوغ سن الستين عاماً لتوفير موارد مالية، بينما يُقدم تكتل نقابي على إضراب عام في عدة قطاعات يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين، لإثناء الحكومة عن توجهها، فيما تتصاعد حرب الأرقام بين الطرفين حول الأعداد الحقيقية للمتقاعدين وكلفتهم المالية.

ويعرض محمد الغازي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي اليوم الأحد، على البرلمان مشروع قانون التقاعد، الذي صادق عليه مجلس الوزراء في يوليو/تموز الماضي.

ويشترط مشروع القانون، الذي سيدخل حيز التنفيذ، في يناير/كانون الثاني 2017، أن يصل المتقاعد إلى سن 60 سنة بالنسبة للرجال و55 سنة للمرأة على الأقل، في حين يمكن للعامل أن يضيف 5 سنوات أخرى بموافقة صاحب العمل.

ولكي يستفيد العامل من التقاعد قبل السن المحدد، يشترط القانون أن ينتمي المستفيد إلى فئة "الأعمال الشاقة" حسب القوائم التي ستعد سلفاً.

وأرجعت الحكومة إقرار تعديلات في قانون التقاعد، إلى ضرورة إقامة "عدالة اجتماعية" بين الأجيال، من خلال إطالة عمر الصندوق الوطني للتقاعد والصناديق المتفرعة منه، وذلك للحفاظ على التوازنات المالية المهددة بفعل تزايد عدد طلبات الذهاب إلى التقاعد بمختلف أنواعه، وسط مخاوف من إفلاس المؤسسات بعد اشتداد الأزمة التي تعصف بالاقتصاد.

وتقول الحكومة الجزائرية إن هناك 2.1 عامل لكل متقاعد، وإن حوالي 890 ألف متقاعد يستفيدون من التقاعد قبل الـ 60 عاما، بنسبة 52% من العدد الكلي لمعاشات التقاعد المباشرة، بتكلفة مالية سنوية تفوق 405 مليارات دينار ( 4 مليارات دولار)، غير أن النقابات تصف هذه الأرقام بـ"المستحيلة".

ويرى نور الدين بوضربة، الخبير في الشؤون الاجتماعية ، أن "الأرقام التي طرحتها الحكومة حول وجود عاملين لكل متقاعد أمر لا يتطابق مع الواقع".

ويقول بوضربة لـ"العربي الجديد"، إن تحديد سن التقاعد يتم في كل بلدان العالم بالنظر إلى النموذج الديموغرافي الموجود في الدولة، مشيرا إلى أن فرنسا قررت عام 1982 تخفيض سن الإحالة على التقاعد من 65 عاما إلى 60 عاما، حيث كان من يبلغ 60 عاما يعادل 17% من سكان فرنسا، أما في الجزائر فإن عدد من يبلغ 60 عاماً يمثلون 8.7% من عدد سكان البلاد في 2015، "وبالتالي فإن الرقم الذي حددته الحكومة بـ 2.1 عامل ناشط مقابل متقاعد واحد هو رقم خاطئ".

والرقم الحقيقي حسب بوضربة، النقابي السابق في مجال المحروقات هو " ثلاثة عمال مقابل متقاعد واحد في الجزائر، وذلك بالاستناد إلى الأرقام الأخيرة التي كشف عنها صندوق الضمان الاجتماعي بوجود 5.1 ملايين عامل جزائري مصرح به رسميا، مقابل 1.7 مليون متقاعد، مشيرا إلى أن هذه الأرقام لا تتضمن العمال غير المصرح بهم؛ والذين يمثلون 82% في القطاع الخاص.

وفي خضم الجدال القائم في الجزائر حول تعديل نظام التقاعد وأعداد المتقاعدين، ينتظر أن يقدم وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، اليوم الأحد تفسيرات وإجابات عن الأسئلة التي ستُطرح في البرلمان عن سبب لجوء الحكومة لتعديل نظام التقاعد، وتأخر الحكومة في الإفراج عن قائمة "المهن الشاقة" المعفية من قانون التقاعد الجديد.

وقال مسؤول حكومي، في تصريح خاص، إن الحكومة تُصر على تعديل نظام التقاعد. ورفض رئيس الوزراء، عبدالمالك سلال، في عدة مناسبات سابقة التراجع عن مشروع القانون، وقال إنه ليس جديداً وكان مطبقاً قبل العام 1996 وفرضته الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وتعاني الجزائر وهي دولة نفطية من تراجع لعائدات النفط بنسبة فاقت النصف منذ انهيار أسعاره في السوق الدولية قبل عامين. وتعتبر السلطات أن نظام التقاعد الحالي يؤثر على الموازنة العامة للبلاد.

وبموجب النظام المطبق حالياً، يمكن لأي شخص عمل في المجموع 32 عاماً التقاعد من دون انتظار السن القانونية لذلك المحدد بستين عاماً.

وفي مقابل الإصرار الحكومي لتمرير تعديل نظام التقاعد، ينظم تكتل من 17 نقابة مستقلة غدا الإثنين وبعد غد الثلاثاء إضرابا عاما، يمس مختلف القطاعات كالتعليم والصحة والنقل من أجل الضغط على الحكومة.

وقالت لويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال اليساري، في تصريحات سابقة، إن الحكومة تحاول "المساس بحق مكتسب لتغطية فشلها في تسيير شؤون البلاد". وتعاني الجزائر من ضغوط مالية كبيرة جراء تراجع أسعار النفط بأكثر من النصف منذ منتصف عام 2014.

المساهمون