أكد رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أنّ "موضوع اللاجئين والمهاجرين ليس مسؤولية الدولة التونسية وحدها، بل على كل الدول أن تتحمل مسؤوليتها"، مضيفا أنه سيدعو إلى جلسة مع وزارتي الخارجية والشؤون الاجتماعية ومحافظ مدنين وأطراف أخرى من الجهة، بغرض النظر في هذه المسألة والاستعداد الكافي، حتى لا تجد البلاد نفسها أمام وضعية صعبة لا تستطيع أن تتحمّلها وكمّ هائل من الوافدين".
وبحسب وكالة الأنباء التونسية، فإن تصريح الشاهد جاء في إطار الردّ على إشكالية طرحها رئيس بلدية مدنين، منصف بن يامنة، في جلسة انعقدت أمس الأربعاء بجرجيس حول متابعة قرارات أذن بها رئيس الحكومة سنة 2017 لفائدة الجهة تهم وضعية المهاجرين الذين يتواجدون في مدينة مدنين بأعداد كبيرة استوجبت نقل البعض منهم إلى جرجيس، أمام امتلاء مختلف الفضاءات المخصصة لهم، ووجود تخوفات من أن تتحول الولاية إلى مركز لإيواء المهاجرين.
وترتفع أعداد المهاجرين السريين بشكل واضح في الجنوب التونسي، خصوصا بمدنين، إذ يتم إنقاذ عدد من المبحرين تتعطل مراكبهم قبالة سواحل جرجيس وتضطر السلطات التونسية إلى إيوائهم بدوافع إنسانية، بالرغم من أنها غير مهيأة لوجيستيا لذلك.
وتتزايد أعداد هذه المراكب المعطلة، وتم أمس إنقاذ أربعة مهاجرين من جنسيات أفريقية قبالة سواحل جرجيس، فيما يبقى مصير زملائهم غامضا.
وشهدت المحافظة أيضا أزمة طويلة في ملف المهاجرين قبالة ميناء جرجيس، بعد 19 يوما قضوها عالقين على متن السفينة المصرية، ورفضت تونس دخولهم إلى أراضيها وطالبت بإعادتهم إلى بلدانهم.
وانتهت الأزمة بعد تدخّل العديد من المنظمات الدولية والتونسية وسفراء البلدان المعنية، حيث قبل هؤلاء المهاجرون بالعودة طواعية إلى بلدانهم، رغم رفضهم سابقا هذا المقترح، وهم 64 مهاجرا من بنغلادش و9 مصريين ومغربي وسوداني.
وكان محافظ مدنين، الحبيب شواط، أكد، في تصريحات سابقة، أن منطقته لم تعد قادرة على استقبال المزيد من اللاجئين والمهاجرين الذين أصبحوا يمثلون عبئا أمنيا واجتماعيا في جهة حدودية تواجه تحديات أمنية وسياحية كبيرة. مضيفا، في تصريح إذاعي منذ يومين، أنه من غير الممكن أن تستقبل ولاية مدنين بمفردها المهاجرين واللاجئين لأن أولويتها هي ضمان أمن الجهة رغم أهمية الدور الإنساني، داعيا بقية الولايات والمنظمات الإنسانية إلى تقاسم هذا العبء.
وتأتي تصريحات شواط بعد وصول 16 مهاجرا سريا على متن باخرة عسكرية إلى ميناء جرجيس، بعد نجاتهم من حادث غرق مركبهم في سواحل صفاقس وغرق أكثر من سبعين آخرين.
وكان رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، أكد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنهم ما فتئوا يؤكدون على أن تونس لا يمكن أن تصبح قاعدة خلفية لإيواء المهاجرين غير النظاميين القادمين من جنوب الصحراء والذين تكون وجهتهم الرئيسية عادة أوروبا، مضيفا أن تونس ليست أرضا جالبة للهجرة غير النظامية، ولكن موقعها الجغرافي يجعلها مرحلة من مراحل الهجرة تجاه أوروبا.
وأشار إلى أنّ عملية إنقاذ بحري لمهاجرين غير نظاميين حصلت الإثنين غرة يوليو/ تموز الجاري، إذ تم إنقاذ 65 مهاجرا غير نظامي بالمياه الاقليمية وأغلبهم من الجنسية الأفريقية، مضيفا أنه تم نقل 7 من بينهم إلى المستشفى.
وأوضح عبد الكبير أن هناك استراتيجية من دول أوروبية مثل مالطا وإيطاليا وغيرهما تقوم على إبقاء المهاجرين في تونس كي لا يصلوا إلى سواحلها، مضيفا أن عمليات الإنقاذ التي تعتبر إنسانية توقفت بإرادة أوروبية. وهناك باخرة رفضتها إيطاليا ومالطا العام الماضي وقبلت تونس إيواء مهاجريها الذين كانوا على متنها، مشيرا إلى أنه أمام تردّي الأوضاع في ليبيا فإن الآلاف من العمالة هناك من جنسيات أفريقية ستكون وجهتهم أوروبا وقلة منهم سيعودون إلى بلدانهم، وبالتالي فإن تونس أصبحت وكأنها مخيم لاستقبال المهاجرين.