يخشى القطاع الخاص في تونس من تراجع فرص حصوله على التمويل المصرفي، بعد أن ألقت الحكومة بثقلها على البنوك المحلية من أجل الاقتراض، لتزاحم بذلك الشركات والمؤسسات الخاصة الطامحة إلى توسيع أعمالها أو البدء في نشاطات جديدة.
وباتت البنوك تفضل إقراض الحكومة لضعف المخاطرة في التعاملات المالية معها، وارتفاع نسبة الفائدة التي تحصل عليها، ما يمكنها من تحقيق أرباح مضمونة.
لكن حمادي الكعلي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، قال، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن مؤسسات القطاع الخاص باتت تجد صعوبات كبيرة في النفاذ إلى القروض المصرفية، بسبب نقص السيولة، وتوجّه البنوك نحو تمويل الدولة.
وأضاف الكعلي: "لا يجوز مطالبة القطاع الخاص بالمساهمة في خلق الثروة وخلق فرص عمل، في غياب أذرع مالية صلبة توفر للمستثمرين التمويلات اللازمة لإنشاء مشاريع جديدة".
وتابع أن دور القطاع الخاص ريادي في الظروف الاقتصادية الحالية، ولابد من رفع كل العراقيل أمام المؤسسات، حتى تتمكن من القيام بواجباتها الاستثمارية، مشيرا إلى أن تسهيل الحصول على القروض المصرفية يتصدر شروط الاستثمار.
وفي صيف 2017، تمكنت الحكومة من الحصول على قروض داخلية بقيمة 250 مليون دولار من 14 مصرفاً محلياً، لتواصل اتجاهها نحو السوق المحلية أيضا هذا العام، لتدبير موارد بقيمة 5 مليارات دينار (2.08 مليار دولار من جملة احتياجات تمويلية بقيمة 12.9 مليار دينار (5.37 مليارات دولار) يتوجب على الحكومة توفيرها، وفق ما ورد في موازنة 2018.
وأكد خبراء اقتصاد أن المصارف تفضل الطريق الأقصر للكسب من خلال إقراض الحكومة، ما يمكنها من تحقيق أرباح كبيرة من دون حاجتها إلى تطوير خدماتها أو القيام بأي جهود للارتقاء إلى المواصفات البنكية الدولية "بازل".
وكان من المفترض، وفق وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي حكيم حمودة، أن تفسح الدولة المجال للبنوك لتمويل القطاع الخاص في الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أنها باتت منافسا شرساً له.
وقال حمودة، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن البنوك مؤسسات تجارية، والقاعدة الأساسية في عملها هي تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل نسبة مخاطرة، ما يجعلها تجنح إلى إقراض الدولة على حساب تمويل المشروعات الاقتصادية، مشيرا إلى أن نسبة الفائدة في القروض التي تسند للحكومة تناهز 8%، مقابل نسبة فائدة لا تتعدي 5.5% للمستثمرين.
وأكد ضرورة تقليص اللجوء الحكومي إلى السوق الداخلية للاقتراض، مشيرا إلى أن مواصلة العمل بهذا النسق ستؤدي إلى مزيد انحسار الاستثمار، وبالتالي مزيد من تعطيل عجلة الاقتصاد، وتأخر تحسين نسب النمو.
وكشفت دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية صادرة حديثاً، أن البنوك التونسية غير قادرة على لعب دورها في تمويل الاقتصاد، وأن مساهمتها لا تزال دون المعدلات المسجلة في البلدان المماثلة، على غرار المغرب والأردن.
وأشارت إلى سوء توزيع القروض، ما يتسبب في ارتفاع نسب الديون المصنفة ضمن خانة التعثر، خاصة في البنوك العمومية، وكذلك اتباع ما وصفته بسياسة إقراض "إقصائية" في بعض الأحيان للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بينما تساهم هذه المؤسسات بنسبة 40% من الناتج الداخلي الخام.
في المقابل، رأت مصادر مصرفية أنه لا توجد لدى الحكومة خيارات كثيرة في توفير موارد مالية للإنفاق، سوى الاقتراض المحلي أو الدولي، لاسيما في ظل ارتفاع كتلة الأجور وعدم المضي بشكل سريع في تقليص الدعم.
وكانت تونس قد اتفقت مع صندوق النقد الدولي على حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية. وفي 20 مايو/أيار 2016 وافق المجلس التنفيذي للصندوق على قرض لمدة 4 سنوات بقيمة 2.9 مليار دولار.
ومن المقرر أن يجري الصندوق مراجعة ثانية لما نفذته الحكومة من اشتراطات، مقابل منح هذا القرض في الربع الأول من العام الجاري 2018، قبل صرف شريحة جديدة من القرض، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة إلى حوالي مليار دولار.
ورغم تشديد صندوق النقد الدولي على تعزيز دور القطاع الخاص ضمن الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع الحكومة التونسية، إلا أن تفضيل البنوك المحلية الحكومة في تقديم القروض، يخالف ما ترمي إليه الإصلاحات.
وبحسب تقرير لصندوق النقد، بعنوان "أسئلة وأجوبة عن تونس"، نُشر على موقعه الإلكتروني، في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني الجاري، فإن القطاع الخاص هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تخلق كما كافيا من الوظائف عالية الجودة للقوى العاملة الشابة في تونس، ومن ثم تعتبر الإجراءات الرامية إلى تشجيع مناخ أعمال تنافسي من أولويات البرنامج الذي يدعمه الصندوق.
اقــرأ أيضاً
وباتت البنوك تفضل إقراض الحكومة لضعف المخاطرة في التعاملات المالية معها، وارتفاع نسبة الفائدة التي تحصل عليها، ما يمكنها من تحقيق أرباح مضمونة.
لكن حمادي الكعلي، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، قال، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن مؤسسات القطاع الخاص باتت تجد صعوبات كبيرة في النفاذ إلى القروض المصرفية، بسبب نقص السيولة، وتوجّه البنوك نحو تمويل الدولة.
وأضاف الكعلي: "لا يجوز مطالبة القطاع الخاص بالمساهمة في خلق الثروة وخلق فرص عمل، في غياب أذرع مالية صلبة توفر للمستثمرين التمويلات اللازمة لإنشاء مشاريع جديدة".
وتابع أن دور القطاع الخاص ريادي في الظروف الاقتصادية الحالية، ولابد من رفع كل العراقيل أمام المؤسسات، حتى تتمكن من القيام بواجباتها الاستثمارية، مشيرا إلى أن تسهيل الحصول على القروض المصرفية يتصدر شروط الاستثمار.
وفي صيف 2017، تمكنت الحكومة من الحصول على قروض داخلية بقيمة 250 مليون دولار من 14 مصرفاً محلياً، لتواصل اتجاهها نحو السوق المحلية أيضا هذا العام، لتدبير موارد بقيمة 5 مليارات دينار (2.08 مليار دولار من جملة احتياجات تمويلية بقيمة 12.9 مليار دينار (5.37 مليارات دولار) يتوجب على الحكومة توفيرها، وفق ما ورد في موازنة 2018.
وأكد خبراء اقتصاد أن المصارف تفضل الطريق الأقصر للكسب من خلال إقراض الحكومة، ما يمكنها من تحقيق أرباح كبيرة من دون حاجتها إلى تطوير خدماتها أو القيام بأي جهود للارتقاء إلى المواصفات البنكية الدولية "بازل".
وكان من المفترض، وفق وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي حكيم حمودة، أن تفسح الدولة المجال للبنوك لتمويل القطاع الخاص في الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إلا أنها باتت منافسا شرساً له.
وقال حمودة، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن البنوك مؤسسات تجارية، والقاعدة الأساسية في عملها هي تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل نسبة مخاطرة، ما يجعلها تجنح إلى إقراض الدولة على حساب تمويل المشروعات الاقتصادية، مشيرا إلى أن نسبة الفائدة في القروض التي تسند للحكومة تناهز 8%، مقابل نسبة فائدة لا تتعدي 5.5% للمستثمرين.
وأكد ضرورة تقليص اللجوء الحكومي إلى السوق الداخلية للاقتراض، مشيرا إلى أن مواصلة العمل بهذا النسق ستؤدي إلى مزيد انحسار الاستثمار، وبالتالي مزيد من تعطيل عجلة الاقتصاد، وتأخر تحسين نسب النمو.
وكشفت دراسة للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية صادرة حديثاً، أن البنوك التونسية غير قادرة على لعب دورها في تمويل الاقتصاد، وأن مساهمتها لا تزال دون المعدلات المسجلة في البلدان المماثلة، على غرار المغرب والأردن.
وأشارت إلى سوء توزيع القروض، ما يتسبب في ارتفاع نسب الديون المصنفة ضمن خانة التعثر، خاصة في البنوك العمومية، وكذلك اتباع ما وصفته بسياسة إقراض "إقصائية" في بعض الأحيان للمؤسسات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بينما تساهم هذه المؤسسات بنسبة 40% من الناتج الداخلي الخام.
في المقابل، رأت مصادر مصرفية أنه لا توجد لدى الحكومة خيارات كثيرة في توفير موارد مالية للإنفاق، سوى الاقتراض المحلي أو الدولي، لاسيما في ظل ارتفاع كتلة الأجور وعدم المضي بشكل سريع في تقليص الدعم.
وكانت تونس قد اتفقت مع صندوق النقد الدولي على حزمة شاملة من الإصلاحات الاقتصادية. وفي 20 مايو/أيار 2016 وافق المجلس التنفيذي للصندوق على قرض لمدة 4 سنوات بقيمة 2.9 مليار دولار.
ومن المقرر أن يجري الصندوق مراجعة ثانية لما نفذته الحكومة من اشتراطات، مقابل منح هذا القرض في الربع الأول من العام الجاري 2018، قبل صرف شريحة جديدة من القرض، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة إلى حوالي مليار دولار.
ورغم تشديد صندوق النقد الدولي على تعزيز دور القطاع الخاص ضمن الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها مع الحكومة التونسية، إلا أن تفضيل البنوك المحلية الحكومة في تقديم القروض، يخالف ما ترمي إليه الإصلاحات.
وبحسب تقرير لصندوق النقد، بعنوان "أسئلة وأجوبة عن تونس"، نُشر على موقعه الإلكتروني، في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني الجاري، فإن القطاع الخاص هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تخلق كما كافيا من الوظائف عالية الجودة للقوى العاملة الشابة في تونس، ومن ثم تعتبر الإجراءات الرامية إلى تشجيع مناخ أعمال تنافسي من أولويات البرنامج الذي يدعمه الصندوق.