لا يزال شأن الانتخابات المحلية ورقة سياسية محرجة يتقاذفها البرلمان والحكومة في ما بينهما، دون إرادة جلية للحسم في المسألة. غير أن وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض الموخر، أكد لـ "العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أن حكومة الوحدة الوطنية عازمة على إقامة الانتخابات قبل نهاية 2017.
وإذ لم تنجح الكتل النيابية في تحقيق التوافق بينها على صيغة ترضي الجميع لمشروع قانون الانتخابات والاستفتاء، حول إسناد حق الانتخاب في المحليات للأمنيين والعسكريين، وألقت المسؤولية في ذلك على الحكومة، فإن هذه الأخيرة ردت بدورها، إنها ليست "فضاءً للتوفيق بين الكتل البرلمانية".
وما انفكت اللجنة الانتخابية المختصة بتعديل وتنقيح القوانين الانتخابية في البرلمان تؤكد، أن النواب فقدوا حقهم في تقديم أي تعديل في مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء، لإدراج مقتضيات الانتخابات المحلية، طالما نقل الخلاف إلى الجلسة العامة، وسقطت بعض الفصول في التصويت، وفقاً لما ينص عليه النظام الداخلي للبرلمان.
ولم يدفع إلحاح المجتمع المدني ولا الحساسيات السياسية ولا الهيئة المختصة بالانتخابات على ضرورة التوافق حول منح الأمنيين والعسكريين الحق في المشاركة في الانتخابات المحلية، وهو أمر ترفضه حركة النهضة قطعاً في ما يتعلق بالعسكريين خوفاً من تسييس المؤسسة العسكرية الضامنة لاستقرار البلاد، والمحايدة تاريخياً عن كل الصراعات السياسية، فيما ارتأت أن يمنح الأمنيون هذا الحق، على أن يتم تفعيله وممارسته في الانتخابات المقبلة.
وتخلصت الكتل البرلمانية من الصراع حول هذا الحق أن صدّرته إلى الحكومة، وحمّلت وزير الشؤون المحلية والبيئة، رياض الموخر، (الجهة المخول لها تقديم مقترحات تعديل عند مناقشة المشروع في الجلسة العامة)، المسؤولية في البحث عن مقترح توافقي أو حاسم للإشكال.
ووجد بذلك الوزير نفسه في موقف محرج وفي مهمة صعبة للبحث عن تعديل يحصد رضا حزب النهضة وكتلته البرلمانية، ويبقي على إسنادها له، ويرضي بقية الأطراف الأخرى أيضاً، ذات الوزن البرلماني والحزبي.
وقال الوزير الموخر لـ"العربي الجديد" إن "حكومة الوحدة الوطنية عاقدة العزم على أن تقام الانتخابات البلدية قبل نهاية سنة 2017، وهي تبذل مساعيها من أجل إجرائها في هذا الموعد، غير أن المسألة تظل رهينة المصادقة على مشروع قانون تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء، ومشروع قانون الجماعات المحلية "، معتبراً أن "الحيز الزمني المتبقي كاف لذلك".
وأوضح الموخر أنه "طالما عرض المشروع أمام الجلسة العامة للتصويت عليه، فإنه لا يمكن للحكومة سحبه"، مشيراً إلى أن "حل الإشكال حول مسألة الأمنيين والعسكريين يجب أن يتم بين الكتل البرلمانية، ولا يمكن إعادته للحكومة مجدداً، إلا إذا تم إسقاطه في الجلسة العامة بالتصويت ضده".
ولفت وزير الشؤون المحلية إلى أن "الوزارة ستقدّم مقترحات للخروج من الأزمة، على الرغم من يقينها أن أي اقتراح من الحكومة لن ينال رضا الجميع".
في المقابل، اعتبر نائب رئيس كتلة "النهضة" بدر الدين عبدالكافي، أن "الحل الوحيد لتجاوز هذا التعطيل هو أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها، وتقدّم مقترحاً بما أنها صاحبة المبادرة التشريعية، أو أن تعلن خلال الجلسة العامة أنها لن تقدم مقترحاً جديداً وتعلّل للنواب هذا القرار".
وأشار عبدالكافي في تصريحه لـ"العربي الجديد" إلى أنه "على الحكومة أن تفصل في هذا الموضوع مهما كان القرار، فالبرلمان مجال لممارسة الديمقراطية، وليس مجالاً للتوافقات فقط، وإذا ما استحالت كما هو الأمر الآن، فعلى الحكومة أن تحسم الخلاف".