تشهد الأسابيع القليلة المقبلة مداخلات لأعضاء الحكومة البريطانية توضح رؤيتهم لـ"بريكست"، إذ سيكون وزير الخارجية، بوريس جونسون، أول المتحدثين، بعده رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ومن ثم وزير البريكست، ديفيد ديفيس، فوزير التجارة الدولية، ليام فوكس، ثم القائم بمهام نائب رئيسة الوزراء ديفيد ليدنغتون.
وفي حين سيقدم جونسون الشكل الليبرالي لبريكست، والذي يستقطب الجمهور المؤيد للاتحاد الأوروبي ويهدئ من مخاوفهم في كلمته المنتظرة الأربعاء، ستكون مداخلة ماي الأولى حول العلاقات الأمنية مع أوروبا في مؤتمر الأمن في ميونخ، على أن يتحدث ديفيس عن مستقبل الأعمال مع الاتحاد الأوروبي، ويقدم فوكس مستقبل الصفقات التجارية الدولية. أما ليدنغتون فسيتحدث عن تأثير بريكست على كل من اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، وتختتم ماي هذه المداخلات بكلمة أخيرة تهدف لـ"وضع النقاط على الحروف" حيال بريكست.
وأكدت وزيرة التنمية الدولية، بيني موردونت، هذه الخطابات، التي تهدف لبلورة موقف موحد لحزب "المحافظين" بعد أسابيع من النزاعات الداخلية، أنها ستحدد "رؤية" بريكست الخاصة ببريطانيا.
وقالت موردونت، في تصريحات لمحطة "بي بي سي": "سيشمل ذلك في نهاية المطاف أن تقوم رئيسة الوزراء بشرح صورة الشراكة الجديدة، ولكنها أيضاً ستعطي بعض التفاصيل عن طموحاتنا وعلاقاتنا التجارية، وحول شكل توزيع السلطات والعديد من الملفات الأخرى".
ويبرز غياب الوزراء المؤيدين للاتحاد الأوروبي عن هذه السلسلة من المداخلات، باستثناء ليدنغتون، حيث لن يلقي وزير المالية، فيليب هاموند، أو وزيرة الداخلية، آمبر رود، أي خطاب في هذه المرحلة عن تصورهما لطبيعة بريكست، بينما سيكون هاموند في جولة لمدة 10 أيام يجوب فيها عدداً من الدول الأوروبية، مثل لوكسمبورغ وإسبانيا والسويد والنرويج.
وعلق وزير العدل، ديفيد غوك، على استبعاد هاموند بأن "غيابه لا يعني تكميم صوته"، إذ قال، في لقاء مع محطة "آي تي في"، إن هاموند "ليس جزءاً من الكلمات المنتظرة والتي تم الإعلان عنها، ولكن ذلك لا يعني أن وزير المالية لا يعبر عن آرائه داخلياً في النقاشات الحكومية، وخارجياً أيضاً".
وينظر جمهور بريكست نظرة ريبة إلى هاموند، وخاصة بعد تصريحاته الأخيرة في دافوس السويسرية الشهر الماضي، عندما قال إن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد البريكست ستشهد "تغييرات طفيفة" فقط على الوضع الحالي.
وبينما تنطلق سلسلة المداخلات بكلمة جونسون، التي تهدف إلى طمأنة الجمهور المؤيد للاتحاد الأوروبي، ستشمل كلمة ماي، المنتظرة يوم السبت المقبل في ميونخ، إعلانها رغبة بريطانيا في الحفاظ على عدد من أوجه التعاون مع الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك العضوية في اليوروبول ومذكرة التوقيف الأوروبية، والعضوية في وكالة تطبيق القانون الخاصة بالاتحاد، غير أنه ينتظر أيضاً أن يضغط مؤيدو البريكست في البرلمان البريطاني بألا تشمل هذه العضوية أي انتماء لمحكمة العدل الأوروبية في المستقبل.
وتأتي هذه الجهود المنسقة بين أعضاء الحكومة البريطانية بعد أن حث أحد المانحين والداعمين الكبار لحزب المحافظين رئيسة الوزراء على اتخاذ موقف أكثر حسماً في قيادتها للحزب، وإلا فإنها ستواجه هزيمة ساحقة في الانتخابات العامة.
وقال جون هول، والذي تبرع بنحو نصف مليون جنيه إسترليني للحزب منذ عام 2007، إنه "يجب على ماي أن تحزم أمرها وأن تقنع الجميع بأنها تستطيع أن تكون الزعيمة القادرة على البقاء".
وتخوض بريطانيا حالياً مفاوضات حول المرحلة الانتقالية التالية لخروجها من الاتحاد الأوروبي، وينتظر أن تصل هذه المحادثات إلى نهايتها في 22-23 مارس/ آذار المقبل، بينما يتوقع أن تحسم الدول الأوروبية رأيها في شكل العلاقة التي تنتظرها من بريطانيا بعد موعد بريكست، ليدخل الطرفان في إبريل/ نيسان المقبل في المفاوضات التجارية التي سترسم العلاقات المستقبلية بينهما.
ومع حلول 18-19 أكتوبر/تشرين الأول، يحل الموعد النهائي لاتفاقية انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث يتم الانتهاء من التفاوض على تفاصيلها وتحويلها إلى البرلمانات الأوروبية والبرلمان البريطاني للمصادقة عليها، بينما تستمر المفاوضات التجارية بين الطرفين.
وبحلول بداية العام المقبل، إن جرت الأمور كما ينبغي، يحل الموعد النهائي للتصديق على اتفاق بريكست، الذي سيحدث في 29 مارس/آذار 2019.
وتنتهي المرحلة الانتقالية في اليوم الأخير من عام 2020، لتدخل بريطانيا عام 2021 في علاقة جديدة مع الاتحاد الأوروبي.