الحقوق ليست وجهة نظر

30 يناير 2015
+ الخط -
بروفايل نسائي1: يُسألن عن حقوقهن وأشكال التمييز التي واجهنها. تُجيب بعض النسوة أن حقوقهن بأفضل حال. يعتبرن أن الفروقات الموجودة بين النساء والرجال هي فروقات "طبيعية" ولا مانع من تكريسها. يؤكدن أنهن لسن بحاجة للمساواة لا سيما تلك التي تطالب بها المنظمات النسائية. يعتبرن أن المساواة شيء غريب عن مجتمعنا. "لا داعي للمساواة إذاً!"
لا تعرف هذه النساء ربما أن المساواة المراد تحقيقها هي التساوي في الحقوق والفرص والمسؤوليات والموارد.

بروفايل نسائي 2: تناقش بعض النساء في إحدى ورشات العمل أن المنظمات المطالبة بحقوق النساء "تزيدها". يعتبرن أن التمييز لم يعد قائماً بين النساء والرجال، والدليل تجربتهن الشخصية. هن نساء عشن في ظل ظروف لم يختبرن فيها التمييز، على حدّ قولهن. يحاججن بأن حقوق النساء مكرّسة بشكل كبير، والدليل على ذلك المناصب التي باتت النساء يحتللنها في المجتمع، والتحرر الذي يتمتعن به. بالنسبة لهن، لا داعي إذاً لاستثمار المزيد من الجهود وتكثيفها لتحصيل الحقوق. فالمساواة مكرّسة.
لا تعرف هذه النساء ربما أن "الجندر" معنيّ بدراسة وضع الأكثرية وليس الفئات الخاصة. لا يعرفن أن التمييز منظومة تُترجم في القوانين والدستور والمؤسسات وفي كافة أوجه الحياة.

بروفايل نسائي 3: تعيش بعض النساء "الأجنبيات" في لبنان. هن نساء متزوجات من لبنانيين. اجتمعن على فيسبوك. أوجدن مجموعة مغلقة حول أهمية الرضاعة الطبيعية. وضعت هذه النساء أهدافاً للمجموعة، أبرزها تثقيف باقي النساء في لبنان حول أهمية الرضاعة الطبيعية. لسنا نناقش أهمية الرضاعة الطبيعية لصحة الطفل والأم. الفكرة هي بأن هؤلاء النساء "الغريبات" ربما عن ثقافة مجتمعنا لا يعرفن أن أمهاتنا وجداتنا اعتمدن الرضاعة الطبيعية لأطفالهن لمدة سنتين وربما أكثر. الأفدح أنهن وضعن أنفسهن في موقع "المعلم" الأكثر دراية، والأوفر ثقافة، وأنهن جئن لينقذن نساء لبنان!

يربط بين هذه البروفايلات خيط واحد، يقع على أحد طرفيه من يظن أن منظومة المساواة والحقوق "غريبة" عن مجتمعنا، ليقابله من يظن أن نساء لبنان بحاجة إلى تنوير، وتوعية وإنقاذ. وبمقابلهم، هناك من يعيش حالة نكران، فالواقع وردي، ولا حاجة لتدخل.

يعيدنا هذا كله إلى تخوّف بعض التيارات الفكرية من المنظمات الحقوقية والدولية التي يعتقدون أنها تسعى إلى تغيير الإيديولوجيا وتثبيت منظومة ثقافية مختلفة بمبادئها وتفاصيلها الثقافة السائدة. ربما لم ينتبه هؤلاء إلى أن الحقوق عالمية ولا يمكن مساومتها على حساب الحساسية الثقافية.

(ناشطة نسوية)
المساهمون