الحفر على الخشب

05 ابريل 2015
من أعمال الفنان (العربي الجديد)
+ الخط -
قليلةٌ هي الحرف التي حافظت على رواجها في أيام التطوّر، يُعتبر الحفر على الخشب من الفنون الحرفيّة القديمة الحديثة التي حافظ قلّةٌ من الحرفيين على روتين نحتها وصناعتها، والترويج لها في العالم العربيّ.

بدأ العمل بهذه الحرفة بحفر الأشكال والتماثيل على شكل زخارف كانت تُحفر على الخشب الصلب والمتين والخالي من العُقد، شجر الجوز قديماً، واستُخدم الحفر أيضاً في زخرفة الأثاث المنزلي وبراويز الصور التي كانت رائجة سابقاً.

كان عبد الستار الفارس من منطقة درعا في سورية يملك مشغلاً لحفر الخشب في مخيم اليرموك، دُمّر مشغله خلال الأحداث، وانتقل مع عائلته إلى لبنان ليبدأ رحلة الحفر على الخشب من جديد.

يعمل الفارس في حفر الخشب منذ خمس سنوات، وفي حديث لـ "العربي الجديد"، قال: "كنت أهوى الأعمال والأشغال اليدوية منذ أيام الدراسة في المدرسة، وكانت هوايتي الخط العربي وطورتها وبدأت بالتخطيط، وعملت خطّاطاً لفترة ثم بدأت أكتب على الخشب، وكان الخط يعطي جمالية للخشب، فقد لاقى هذا الموضوع استحسان الناس، ثم اتجهت إلى الحفر على الخشب لأن الخشب فيه حنيّة؛ وهو قريب من الإنسان بعكس الحديد والنحاس، ويمكن التعامل مع الخشب بسلاسة أكثر".

ويضيف: "رغم أن طريقة الحفر على الخشب بالمعدات البدائية تستهلك وقتاً وجهداً أكبر، إلا أنني أستعمل آلة حفر يدوية، لكنها تعمل على الكهرباء، ويكون بذلك العمل أقل جهداً يحتاج لوقت أقل أيضاً".

يلفت الفارس إلى أنه يحفر على خشب الأرز والسرو، وبحسب طلب الزبون الذي يختار إمّا التخطيط أو الحفر أو الكلمات النافرة، هو يتقنها كلها. كما أنه يقوم بتطويع الخشب ليصنع منه مجسمات كشجرة الأرز المشهورة في لبنان، أو شجرة الزيتون التي ترمز إلى فلسطين.

ويُضيف الفارس: "أكثر اللوحات التي تلفت نظر الزبائن هي تلك المتعلقة بفلسطين حتى لو لم يكن الزبون فلسطينياً، فأنا أرسم خارطة وعلم فلسطين أو أكتب اسم فلسطين على الخشب، وأحياناً أضيف رسومات لها دلالات مثل حنظلة الذي كان يرسمه الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي، وهناك فئة أخرى من الناس تُفضّل الرموز الدينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية، كما أن كُثراً يحبّون شجرة العائلة المصنوعة من الخشب التي تلاقي رواجاً".

يعمل الفارس بصناعة المسابح من الخرز الملون التي يجمعها بألوان العلم الفلسطيني أو اللبناني، كما يقوم بصناعة علّاقات المفاتيح من الخشب، والتي يمكن حفر اسم الحبيب عليها أو عبارة معينة تتناسب مع مناسبة الهدية. ومن الهدايا المميزة تلك المصنوعة من الخشب لأنها تكون مشغولة يدوياً وبدقة، وقد تحمل اسماً أو شعاراً بحسب ذوق الزبون.

يؤمّن الفارس المواد الأولية التي يحتاجها للعمل على قطعه من محلات نجارة الأخشاب، ويقوم بتقطيع الجذع بالطريقة الملائمة للحفر عليها إن كان من ناحية الشكل أو الحجم، وبعد الكتابة أو الحفر على القطعة يقوم برشها بمادة "الورنيش" كي تحفظها من الخدوش، وتصبح مقاومة للماء كما أنها تُضفي لمعاناً مميزاً على الخشب.
المساهمون