تقيم "جمعية استكشاف مصر" البريطانية يوماً دراسياً عند التاسعة من صباح السبت، 21 من الشهر الجاري، يتضمّن دراسات وأوراق عمل وندوات حول البعثات البريطانية الحالية في مصر والسودان، يشارك في المؤتمر باحثون من العمل الميداني وآثاريون ومتخصصون في المصريات.
في الصورة التي تروّج المحاضرة على صفحتها في فيسبوك لم يتغيّر شيء، ما زال الرجل الأبيض يمسك الأوراق ويفكر، وما زال الرجل الأسود ينبش الأرض في المكان الذي يطلب منه، الفرق الوحيد أن الصور القديمة كانت بالأبيض والأسود، أما صور اليوم فهي ملوّنة.
وفي حين أن العمل الأركيولوجي مرتبط بشكل عميق بالتاريخ الاستعماري للتاج البريطاني، لكن الجمعية تزعم أن "التراث الفريد في مصر يتجاوز الحدود السياسية الحديثة ويجمع خبراء من مجموعة متنوّعة من المجالات الأثرية لتبادل خبراتهم ومعارفهم"، بحسب بيانها.
على مدار اليوم سيستمع الحضور إلى قادة المشروعات الآثارية المختلفة، وتُعرض مجموعة من الصور والوثائق والملصقات حول البعثات التنقيبية الراهنة.
التظاهرة التي تتواصل حتى الثامنة مساء تستدعي التوقف عند الظلّ الاستعماري الذي يخيّم إلى اليوم على الكثير من العلوم، ومن بينها الآثار وعلى وجه الخصوص المصريات. فإذا عدنا إلى تاريخ أهم علماء المصريات في العالم لن نجد من بينهم مصرياً واحداً أو عربياً، فقد ارتبط الاهتمام بتطوير هذا العلم بعد الحملة الفرنسية التي تلاها العصر الذهبي للاكتشافات في مصر.
وقد شكّل حجم المكتشفات دافعاً كبيراً حدا بالمؤسسات الغربية إلى تقديم المنح وإنفاق الأموال على الكفاءات وعلى عمليات التنقيب، في حين ما زالت هذه الأعمال تتعثر إن كانت رسمية وطنية. غياب الدولة المصرية عن الاهتمام بأن يكون لها الأولوية والصدارة في عمليات التنقيب يجعل الباب مفتوحاً للكفاءات الغربية وبعثاتها وجمعياتها لمتابعة الدور الذي تقوم به منذ أكثر من قرنين، فيحقق الآثاريون الغربيون النجاح تلو الآخر، ويكتفي الآثاري المصري والعربي بالعموم بدور المساعد أو الناقل لهذا الاكتشاف أو ذاك.
الأمر يفتح أيضاً على مشكلات نظام تعليم الآثار، فما زالت كليات الآثار تحتاج حتى اليوم إلى الخبرات الأجنبية وإلى إرسال طلابها للتعلم في بعثات وورش عمل قصيرة وطويلة إلى أوروبا وكأن الزمن لم يمر، وكأننا لم نتعلم شيئاً وكأننا عاجزين عن تقديم منظومة تعليمية متكاملة في علم الآثار إلى اليوم.