يبدو أن المنتجين الدوليين داخل منظمة "الأوبك"، يتسابقون مع الزمن لإدارة تسعير النفط والحفاظ على الأسواق العالمية، والحصص داخل هذه الأسواق. ونجد أن هناك أكثر من توجه في الواقع العملي والأداء البراغماتي لإدارة سياسات إنتاج وتسعير للنفط، والتكييف مع الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية، وخصوصاً في خام برنت.
ويسعى المنتجون للنفط بشتى الوسائل والسبل، إلى العمل على استقراء السوق من جهة، وإجراء "الخصومات" المالية للأسواق وفقاً لمستوى النمو الاقتصادي من جهة ثانية، ووفقاً لواقع أسواق الطاقة في العقود الآجلة من جهة ثالثة. وهذا ما سيدفع الجميع من الدول المنتجة للنفط إلى التفكير المُركز باتجاه هكذا سلوك تسويقي لإنتاجه النفطي.
فلنطلع هنا على تجربة المملكة العربية السعودية والعراق في مجال النفط، وكيف تتعامل الدولتان مع قضية التسعير للأسواق الخارجية. إذ إن التطلع إلى وحدات العمل الاقتصادية ومراقبتها لأداء الأسواق العالمية من حيث معادلة العرض والطلب من جهة، ومن حيث العمل على تطوير أنماط أسعار العقود الآجلة من جهة أخرى، وذلك من ناحية الرؤية والتسويق لمزيج الخامات المباعة في الأسواق العالمية الرئيسية (أسواق المستهلكين الكبار)، كالسوق الأوروبية والآسيوية والأميركية.
ولذلك نجد أن شركة أرامكو السعودية نشرت في البيانات الرسمية الخاصة بها، بأنها عملت على زيادة "الخصومات" السعرية، وذلك عبر تخفيضها لسعر البيع الرسمي لخاماتها في شباط/ فبراير في شمال غربي أوروبا من 1.50 دولار إلى 1.70 دولار. وبذلك سيحصل كل مشترٍ للخام العربي الخفيف في السوق الأوروبية على النفط بسعر برنت منقوصاً منه 4.65 دولارات للبرميل الواحد.
في حين نشر عن شركة تسويق النفط العراقية، "سومو"، في قائمة الأسعار المعلنة الخاص بها لشهر شباط، بأنها عملت على زيادة أسعار "الخصومات" على خام البصرة الخفيف إلى السوق الاوربية بواقع 1.6 دولار لكل برميل، مقارنة بأسعار كانون الثاني/ يناير 2015، بينما سترتفع أسعار نفط كركوك الخام بنحو 1.9 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها.
وبناءً على هذه التخفيضات، سيبيع العراق خام البصرة في عقود شهر شباط إلى السوق الأوروبية بسعر خام برنت الفوري ناقصاً منه 5.95 دولارات للبرميل، بعد أن كان يبيعه في كانون الثاني 2015 الحالي بسعر برنت ناقصاً 4.35 دولارات للبرميل.
وأظهرت قائمة أسعار شركة تسويق النفط العراقية، "سومو"، بأنها قد رفعت أسعار السوق الآسيوية بواقع 30 سنتاً، أي 0.3 دولار للبرميل في شهر شباط مقارنة بشهر كانون الثاني، وبذلك سيحصل مستهلكو السوق الآسيوية على نفط البصرة الخفيف بسعر يعادل متوسط أسعار خامي دبي وعمان ناقصاً منه 3.70 دولارات للبرميل.
ورفعت المملكة العربية السعودية سعر البيع الرسمي لشحنات الخامات إلى السوق الآسيوية بين 55 سنتاً للعربي الخفيف السوبر، وهو أجود أنوع النفط الذي تبيعه شركة "أرامكو" السعودية، و70 سنتاً للعربي الثقيل، وهو أقل الأنواع السعودية جودة من حيث نفوطها المنتجة.
ومنه، فإننا نجد المنتجين الكبار، وخصوصاً في المنطقة العربية، قد عملوا على المنافسة في التخفيض والتبادل في الأدوار، وذلك للمحافظة على أسواق الخام العربي والتي بدأت تفقد قيمتها لصالح النفوط المنتجة خارج الأوبك، حيث أصبحت روسيا المنتج المنافس الأكبر الذي يسعى للاستحواذ على الأسواق العالمية.
إضافة إلى ذلك، بدأت الدول الصناعية الكبرى تعمل في مجال الصناعة الاستخراجية بصورة عميقة، لا بل إنها أصبحت تزج بنفسها لحل الصراع على إدارة الثروات، كما يحدث الآن من التدخل الصيني في الصراع بين دولة جنوب السودان وشماله، وهذا مؤشر كبير في نمط التفكير الاستراتيجي الجديد للصين لبناء استراتيجية أمن طاقة خاصة بها، حيث تسعى الصين إلى اتباع استراتيجية الذهاب إلى العمل في منابع الموارد، وهو ما مكّنها من إحداث تطور كبير في عمليات الاستخراج في حقول دول منطقة الشرق الأوسط النفطية، ومنها العراق والمملكة العربية السعودية.
إن فلسفة الحفاظ على الأسواق الدائمة مهمة شائكة، وتجعل من الدول المنتجة للنفط تسعى إلى تشغيل كل الفعاليات المشروعة للإبقاء على حصتها داخل المناطق الاقتصادية الحيوية، وخصوصاً الآسيوية والأوروبية.
(خبير نفطي عراقي)
فلنطلع هنا على تجربة المملكة العربية السعودية والعراق في مجال النفط، وكيف تتعامل الدولتان مع قضية التسعير للأسواق الخارجية. إذ إن التطلع إلى وحدات العمل الاقتصادية ومراقبتها لأداء الأسواق العالمية من حيث معادلة العرض والطلب من جهة، ومن حيث العمل على تطوير أنماط أسعار العقود الآجلة من جهة أخرى، وذلك من ناحية الرؤية والتسويق لمزيج الخامات المباعة في الأسواق العالمية الرئيسية (أسواق المستهلكين الكبار)، كالسوق الأوروبية والآسيوية والأميركية.
ولذلك نجد أن شركة أرامكو السعودية نشرت في البيانات الرسمية الخاصة بها، بأنها عملت على زيادة "الخصومات" السعرية، وذلك عبر تخفيضها لسعر البيع الرسمي لخاماتها في شباط/ فبراير في شمال غربي أوروبا من 1.50 دولار إلى 1.70 دولار. وبذلك سيحصل كل مشترٍ للخام العربي الخفيف في السوق الأوروبية على النفط بسعر برنت منقوصاً منه 4.65 دولارات للبرميل الواحد.
في حين نشر عن شركة تسويق النفط العراقية، "سومو"، في قائمة الأسعار المعلنة الخاص بها لشهر شباط، بأنها عملت على زيادة أسعار "الخصومات" على خام البصرة الخفيف إلى السوق الاوربية بواقع 1.6 دولار لكل برميل، مقارنة بأسعار كانون الثاني/ يناير 2015، بينما سترتفع أسعار نفط كركوك الخام بنحو 1.9 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها.
وبناءً على هذه التخفيضات، سيبيع العراق خام البصرة في عقود شهر شباط إلى السوق الأوروبية بسعر خام برنت الفوري ناقصاً منه 5.95 دولارات للبرميل، بعد أن كان يبيعه في كانون الثاني 2015 الحالي بسعر برنت ناقصاً 4.35 دولارات للبرميل.
وأظهرت قائمة أسعار شركة تسويق النفط العراقية، "سومو"، بأنها قد رفعت أسعار السوق الآسيوية بواقع 30 سنتاً، أي 0.3 دولار للبرميل في شهر شباط مقارنة بشهر كانون الثاني، وبذلك سيحصل مستهلكو السوق الآسيوية على نفط البصرة الخفيف بسعر يعادل متوسط أسعار خامي دبي وعمان ناقصاً منه 3.70 دولارات للبرميل.
ورفعت المملكة العربية السعودية سعر البيع الرسمي لشحنات الخامات إلى السوق الآسيوية بين 55 سنتاً للعربي الخفيف السوبر، وهو أجود أنوع النفط الذي تبيعه شركة "أرامكو" السعودية، و70 سنتاً للعربي الثقيل، وهو أقل الأنواع السعودية جودة من حيث نفوطها المنتجة.
ومنه، فإننا نجد المنتجين الكبار، وخصوصاً في المنطقة العربية، قد عملوا على المنافسة في التخفيض والتبادل في الأدوار، وذلك للمحافظة على أسواق الخام العربي والتي بدأت تفقد قيمتها لصالح النفوط المنتجة خارج الأوبك، حيث أصبحت روسيا المنتج المنافس الأكبر الذي يسعى للاستحواذ على الأسواق العالمية.
إضافة إلى ذلك، بدأت الدول الصناعية الكبرى تعمل في مجال الصناعة الاستخراجية بصورة عميقة، لا بل إنها أصبحت تزج بنفسها لحل الصراع على إدارة الثروات، كما يحدث الآن من التدخل الصيني في الصراع بين دولة جنوب السودان وشماله، وهذا مؤشر كبير في نمط التفكير الاستراتيجي الجديد للصين لبناء استراتيجية أمن طاقة خاصة بها، حيث تسعى الصين إلى اتباع استراتيجية الذهاب إلى العمل في منابع الموارد، وهو ما مكّنها من إحداث تطور كبير في عمليات الاستخراج في حقول دول منطقة الشرق الأوسط النفطية، ومنها العراق والمملكة العربية السعودية.
إن فلسفة الحفاظ على الأسواق الدائمة مهمة شائكة، وتجعل من الدول المنتجة للنفط تسعى إلى تشغيل كل الفعاليات المشروعة للإبقاء على حصتها داخل المناطق الاقتصادية الحيوية، وخصوصاً الآسيوية والأوروبية.
(خبير نفطي عراقي)