الحصار يعرقل زواج الغزيّين

01 مايو 2014
عدد العاطلين من العمل في غزة 170 ألف شخص
+ الخط -




يحاول الغزيون جاهدين التغلب على تداعيات الحصار، وهي كثيرة. لكن يبدو أن الوضع يزداد سوءاً، حتى أن العديد من الشباب باتوا عاجزين عن الزواج، ورسم مستقبل حياتهم.
عقد الغزي أيهم العالول، (25 عاماً) قرانه على ابنة عمّه قبل نحو عام. كان يعتزم إتمام مراسم الزواج بعد الانتهاء من تشييد شقته التي تبلغ مساحتها 160 متراً مربعاً. لكن ذلك لم يتحقق "لانقطاع مواد البناء بفعل الحصار"، على حدّ قوله. يضيف "قلّصت مساحة شقتي مكتفياً بغرفة وحمام ومطبخ وصالة، على أن أنهيها في وقت لاحق لتقليل التكلفة"، لافتاً إلى أن "طلب مواد البناء في غزة بات يشبه طلب الممنوعات، وتحديداً الحديد والاسمنت والحصمة. وتباع في السوق السوداء بأسعار مرتفعة للغاية، إذ بات سعر طن الاسمنت 520 دولاراً، في حين يجب ألا يتجاوز 173 دولاراً. 

ويتطرق العالول، إلى الضغوط التي يخضع لها من قبل عائلته وعائلة ابنة عمه لتسريع الزواج، ما قد يضطره الى استئجار شقة مؤقتاً.

من جهته، لم يعد خالد الجاروشة، (30 عاماً) يجرؤ على التفكير في الزواج وتكوين أسرة للفقر وتحمله مسؤولية أشقائه بعد وفاة والده قبل أحد عشر عاماً. يقول: إن مصاريف تكوين أسرة تبدأ ولا تنتهي حتى مع انتهاء العمر. ويضيف "ارتبطت قبل عامين بفتاة، وكنت أعد لتجهيز غرفة بمستلزماتها على سطح منزل العائلة. لكن مصنع الألبان الذي كنت أعمل فيه أعلن إفلاسه بفعل الحصار، فأصبحت عاطلاً عن العمل ما اضطرني إلى الانفصال عن زوجتي بسبب إلحاح أهلها".

مبادرات شعبية

في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، يحث بعض الوجهاء الأهالي على التخفيف من متطلبات العروس، بهدف مساعدة الشباب وتشجيعهم على  الزواج إذا استطاعوا تأمين غرفة للزوجة حتى وإن كانت في منزل العائلة. في المقابل، يتساءل كمال أبو النجا: من هي الفتاة التي تقبل العيش في بيت قديم من "الزينكو" أكلت جدرانه الرطوبة، مع سبعة أفراد جلهم شباب"؟

وتجدر الإشارة إلى أن بعض العائلات بات يقيم حفلات الزفاف داخل المنازل، بسبب ارتفاع كلفة استئجار صالات الفنادق. فيما يلجأ آخرون إلى تقليص تكاليف الولائم أو إلغائها.

الحد الأدنى

يقول الخبير الاقتصادي، علي أبو شهلا، لـ"العربي الجديد": إن الزواج في غزة مشروط بوجود شقة سكنية، ومهر محدد وراتب، إضافة إلى تكاليف حفل الزفاف. لذلك، فمن الطبيعي أن تنخفض نسبة الزواج في ظل نقص مواد البناء، وتردي الأوضاع الاقتصادية، حيث يعيش أكثر من 85 في المئة من سكان القطاع تحت خط الفقر". ويشير إلى أن "ارتفاع نسبة البطالة والفقر دفعت البعض إلى تفضيل الزواج من القريبات اللواتي، غالباً، لا يطالبن بشقة كاملة ومهر مرتفع قد يصل إلى 8000 دولار أميركي".   

ويؤكد أبو شهلا، أن "الوضع الاقتصادي في القطاع وصل إلى حد الانهيار، ما أدى إلى زيادة نسبة الطلاق لأن رب العائلة بات غير قادر على تلبية متطلبات أسرته". ويشير إلى "ضرورة تكاتف الشعب الفلسطيني من أجل الخروج من هذه الأزمة وإلغاء التقاليد المتداولة في مراسم الزواج"، واصفاً إياها بـ"الوحش الذي يرعب الشباب الغزي".  

وبلغ عدد العاطلين عن العمل في غزة 170 ألف شخص، حسب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، سامي العمصي. فيما تقدر وزارة الاقتصاد التابعة لحكومة "حماس" معدلات البطالة والفقر بـ 39 في المئة.

وتخضع غزة لحصار إسرائيلي منذ عام 2006، يشمل منع وتقنين إدخال البضائع والاحتياجات الأساسية للفلسطينيين. كما تغلق مصر معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لغزة على العالم الخارجي بشكل شبه كامل، منذ يوليو/تموز الماضي.

المساهمون