لم يكد مزارعو الزهور في قطاع غزة، يحصدون خسائرهم الناتجة عن العدوان الإسرائيلي الأخير، صيف العام الماضي 2014، ويجاهدون من أجل إنعاش زراعتهم، حتى تلقوا ضربة ثانية، عندما تقلص الدعم الذي تقدمه بعض المؤسسات الأوروبية لهم، ما يعني توقف التصدير إلى الخارج، في ظل إغلاق الاحتلال للمعابر.
وأعلنت الحكومة الهولندية، خلال الشهور الماضية، تقليص الدعم، الذي كانت تقدمه لمزارعي
الزهور منذ عام 2006، من ثلاثة آلاف دولار لكل ألف متر مربع، إلى نحو 700 دولار، لذات المساحة السابقة.
ويصف المزارع الغزّي، غازي حجازي حال قطاع الزهور بـ"المدمر كلياً"، ويقول حجازي، الذي يتخذ من زراعة الزهور مهنة له منذ عقدين، إن قطاع الزهور تعرض لسلسة من الضربات على مدار السبع سنوات الماضية، نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، وإغلاق المعابر التجارية بشكل متكرر.
ويضيف حجازي لـ "العربي الجديد": "كنت أزرع قبل فرض الحصار على غزة، أكثر من 25 دونماً، تصدر غالبية المحصول إلى الأسواق الخارجية وخاصة الأوروبية، ولكن اليوم لا أكاد أزرع ثلاثة دونمات، مبيناً أنه تكبد خسائر مالية خلال موسم عام 2007 و2008 بنحو 250 ألف دولار.
واشتهر قطاع غزة، بزارعة الزهور منذ عام 1991، وكانت الأراضي المزروعة بالزهور، تتركز في بيت لاهيا في أقصى شمال القطاع، وفي مدينة رفح أقصى الجنوب، وتبلغ تكلفة زراعة دونم الزهور الواحد، نحو ثمانية آلاف دولار.
ويوضح حجازي أن هولندا كان تدعم المزارعين، بنحو 50% من إجمالي كلفة الإنتاج، ولكن خلال السنوات الثلاث الماضية تراجع الدعم لنحو 30%، ويتحمل المزارع باقي التكاليف، مبيناً أن الدعم كان يتركز في توفير الأشتال، ذات التكلفة العالية، والمبيدات الزراعية.
وتتميز الأسواق الهولندية، بتسويق الزهور بمختلف أصنافها عبر العالم، وكانت قد اتخذت من قطاع غزة بيئة خصبة لتحصيل أجود أنواع الزهور، الأمر الذي دفعها إلى تأسيس برامج خاصة لدعم مزارعي الزهور، وتسهيل مهمة التصدير إلى الخارج، التي تعتبر الركن الأساسي لاستمرار الزراعة.
من ناحيته، يشير رئيس جمعية بيت حانون الزراعية للزهور، غسان قاسم، إلى أنّ المساحة الكلية لمزارع الزهور تقلصت بشكل كبير وتدريجي على مدار السنوات الماضية، فكانت قبل عام 2000 تقدر بنحو 1200 دونم، ولكنها تراجعت إلى أن وصلت لنحو 120 دونما فقط.
ويقول قاسم لـ "العربي الجديد"، إنّ حجم صادرات قطاع الزهور انخفضت من 40 مليون زهرة سنوياً، قبل فرض الحصار الإسرائيلي عام 2007، إلى نحو 10 ملايين في العام 2012، إلى أن توقف التصدير بشكل شبه كامل خلال العام الماضي 2014.
ويلفت إلى أنّ زراعة الزهور خلال العام الماضي، توقفت نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي ألحق
أضراراً بمزارع الزهور، وحرم المزارعين من الوصول إلى أراضيهم لنحو شهرين، بجانب تراجع الدعم الهولندي بشكل حاد، مشيراً إلى أن عدد العمال الذين كان يعملون في قطاع الزهور 3500 عامل، بشكل مباشر وغير مباشر.
ويزرع في قطاع غزة نحو 50 صنفاً من الزهور، إلا أنّ زهرة القرنفل، هي التي يفضلها المزارع الغزي في أرضه، لأنها تتلاءم مع الأجواء المناخية للقطاع.
ويذكر قاسم أن العاملين في قطاع الزهور، يعانون من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة وتجريف أراضيهم الزراعية واستهدافها بالصواريخ والقذائف، الأمر الذي يؤدي إلى تدمير البيوت البلاستيكية وتخريب شبكات الري وتوزيع المياه.
ويشتكي مزارعو الزهور في القطاع من غياب دعم الجهات المسؤولة، رغم أهميته على الصعيد الداخلي القومي، وتوفير فرص العمل.