الحصار لم يترك لشركات السياحة بغزة سوى خرائط العالم

06 فبراير 2016
مواطنون في ساحل غزة الرملي (Getty)
+ الخط -

 

في الماضي كانت شركة الشرفا للسياحة والسفر في قطاع غزة، تكتظ بزبائن يطلبون حجز تذاكر طيران إلى لندن أو باريس أو نيويورك أو أي من مدن العالم العربي، أما الآن فالحظ حليف لها حين يدخلها عميل، إذ لا يستطيع مغادرة القطاع سوى قلة قليلة.

وتبدو الملصقات التي تحمل صور برج إيفل وتمثال الحرية وخريطة العالم المعلقة على جدران الشركة في غير موضعها وسط أجواء العزلة التي تغلف قطاع غزة الصغير.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مدير عام الشركة، نبيل الشرفا، الذي كان يتحدث بنبرة يشوبها الاستسلام من وراء مكتبه الذي يزينه مجسم بلاستيكي لطائرة ركاب إلى جوانب الهواتف الصامتة، أن: "نحن عملنا يتوقف إذا أغلقت المعابر".

وعندما افتتح والد الشرفا الشركة عام 1952 اكتسبت بسرعة سمعة طيبة كوكالة تقدم خدمات جيدة يعول عليها، وفي ذلك الوقت كانت مصر هي التي تحكم قطاع غزة ولم تكن هناك حدود تذكر. وكان أبناء القطاع يحجزون تذكرة الطائرة ويركبون القطار أو الحافلة في رحلة لأربع ساعات إلى القاهرة للحاق بطائرتهم.

وكانت الشركة مرتبطة بقوة بشركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار، وهي الشركة الوطنية التي كانت قائمة في بريطانيا قبل اندماج أسفر عن الخطوط الجوية البريطانية، كما ارتبطت بعلاقات عمل قوية مع شركة إير فرانس وكانت وكيلاً للشركتين، وهي ما زالت عضواً في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا).

وقال نبيل الشرفا (53 عاماً): "الفترة ما بين 1952 و1967 كانت بمثابة العصر الذهبي.. كان الناس يقصدون غزة أيضاً على الأقل حتى حرب 1967 عندما احتلت إسرائيل القطاع من مصر والضفة الغربية من الأردن".

وأضاف: "غزة كانت مثل السوق الحرة يأتي إليها الأخوة المصريون ليشتروا بضائع أحضرها التجار عبر البحر من لبنان".

وحين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 قصفت إسرائيل مدرج الطائرات وبرج المراقبة في المطار، وما زال الموقع مدمراً حتى الآن.

وتضيق سلطات الاحتلال على الفلسطينيين العبور من غزة، التي فرضت عليها حصاراً خانقاً منذ عام 2007.

وأبقت السلطات المصرية المعبر الحدودي مع غزة مغلقاً معظم الوقت في السنوات الخمس الأخيرة متعللة بالأسباب الأمنية، وتقول جماعات حقوقية إن 95% من سكان غزة البالغ عددهم 1.95 مليون نسمة لا يمكنهم الخروج منه.

اقرأ أيضاً: ركود السياحة يُطفئ أنوار الفنادق الفلسطينية

وحتى من يمكنه العبور إلى إسرائيل لا يمكنه السفر بسهولة من هناك، فهم بحاجة إلى تصريح خاص للخروج من مطار بن جوريون في تل أبيب أو للسفر إلى الضفة الغربية ومنها إلى الأردن للحاق برحلة جوية، وبدأ الأردن نفسه يفرض قيوداً على إصدار تأشيرات السفر لأبناء غزة.

ويقول مسؤولون فلسطينيون إن "15 ألفاً من أبناء غزة قدموا طلبات للسفر عبر رفح بينهم ثلاثة آلاف يقولون إنهم يحتاجون رعاية طبية".

ويقدر الشرفا عدد تذاكر الطيران التي باعتها شركته في الفترة بين 1994 و2000، أي بعد اتفاقات أوسلو وقبل الانتفاضة الثانية بحوالى ستة آلاف تذكرة، وفي العام الماضي باع 120 تذكرة.

وقد اضطرت الشركة إلى تسريح ثمانية عمال، وهو يعتمد الآن على أفراد العائلة في تشغيل الشركة تقليصاً للنفقات، ونادراً ما يغطي الإيراد الإيجار الشهري البالغ خمسة آلاف دولار والتكاليف الأخرى.

ويواجه محارب البرعي، الذي يدير شركة البتراء للسياحة والسفر مشاكل مماثلة، وتحول نشاط الشركة الأساسي من حجز تذاكر الطيران إلى جلب تأشيرات السفر إلى دبي وتركيا والصين.

وقال البرعي (64 عاماً): "في ظل إغلاق معبر رفح بصورة شبه دائمة فإن زبائننا هم من شريحة التجار ورجال الأعمال الذين يملكون تصاريح خروج من قطاع غزة إلى إسرائيل والسفر إلى الأردن".

وربما بدت ملصقات شركات الطيران على واجهة شركة الشرفا في غير مكانها، لكنه لم يفقد الأمل.

وأضاف: "قد يثير السخرية أن شركة سياحة وسفر موجودة في منطقة مثل قطاع غزة.. لكن على الإنسان أن يكون عنده أمل.. هذا تاريخ وعلاقات مع شركات عالمية ولا يستطيع الإنسان أن يتركها".

 

 

اقرأ أيضاً:
الأزمات تعصف باقتصاد غزة في 2015
أبو حصيرة: 2015 الأسوأ على القطاع السياحي في غزة