تلقّى الوسط السينمائي صدمة كبيرة بعد مع خبر وفاة مخرج الواقعية، محمد خان، عن عمر يناهز 74 عاماً، بعد أزمة صحيّة أنهت حياته وكان برفقته المخرج الكبير سعيد الشيمي، الذي أخبر الوسط الفني بنبأ الوفاة الحزين.
يعد خان من القلائل ممن انتهجوا الواقعية في أعمالهم، فقدم أفلاماً سينمائية ترصد الواقع بمره قبل حلوه. ويأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن حلم خان أن يكون مخرجاً، بل كان يرغب في أن يكون مهندساً معمارياً، لذا التحق بكلية الهندسة وقرر أن يكمل باقي حياته في هذا المجال الذي يحبه على أن تكون مشاهدة الأفلام المصرية والعالمية والبحث عن تفاصيلها من خلال المراجع السينمائية مجرد هواية. لم يكن خان يتخيّل يوماً أن تكون هي مهنته الأساسية ويترك الهندسة جانباً، ولكن وفي إحدى مراحله الدراسية بالهندسة خطفته السينما أثناء مقابلته مع أحد الشباب في إنكلترا ممن يدرسون السينما وجلس معه ليحكي تفاصيل عالمه السينمائي المبهر، فخطفت خان هذه الحكايات. وما بين ليلة وضحاها، قرر محمد خان أن يتخلى عن الهندسة التي أحبها من أجل السينما التي وجد نفسه سيبدع فيها. وبالفعل التحق بمعهد السينما في إنكلترا لتبدأ رحلته الدراسية مع عالمه الجديد، وبعد انتهاء دراسته سافر إلى لبنان الذي كان مهتما بالسينما في حقبة الستينيات وعمل مساعدا للمخرج يوسف معلوف الذي تعلم منه الكثير، ولكنه من جديد قرر العودة إلى إنكلترا ثم عاد إلى مصر بعد حوالي ثلاثة أعوام من سفره لتكون التجربة السينمائية الفعلية لخان على أرض مصر عام 1978 بفيلم "ضربة شمس"، الذي حقق نجاحا كبيرا فتح شهية محمد خان على مواصلة المشوار.
سرادق مواقع التواصل
وبمجرد معرفة نبأ وفاة محمد خان، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق للعزاء، وكثرت عبارات النعي والذكريات عن هذا المخرج الذي بالطبع ترك فراغاً كبيراً.
وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، قالت الفنانة هنا شيحة التي كان لها التجربة الأخيرة مع خان في فيلم "قبل زحمة الصيف" إنها حتى الآن لم تصدق خبر رحيل المخرج محمد خان، وأوضحت هنا أنها كانت تعتبره أباها الروحي، وتعتبر فيلمها معه نقطة تحول في حياتها، ويكفي أن يكتب في سيرتها الذاتية أنها مثّلت يوما مع هذا المخرج. وأوضحت هنا أنها خسرت أبا وإنسانا، وفقدت السينما كلها رجلا عشق السينما واحترمها.
وعن ذكرياتها معه بسبب صداقة زوجها السيناريست الراحل فايز غالي به، قالت الناقدة ماجدة موريس على فيسبوك: كأن أوراق الشجرة ترحل وراء بعضها البعض. منذ خمسة وثلاثين عاما، تقابل فايز غالي مع مخرج جديد قادم من إنكلترا التي عاش فيها سنوات بعد تركه مصر صغيرا مع أسرته. "كانت لديه أحلامه في صناعة أفلامه التي سجل قصص بعضها على لوحة ورقية عريضة، لكن كانت العقبة هي الإنتاج كالعادة، وحتى هذه اللحظة، المهم أن فايز غالي أعجب بقصة من قصص خان وكتب لها السيناريو والحوار، وجاء الإنقاذ على يد نور الشريف، الذي عرض عليه بطولة الفيلم، وأحب هو أن يقدم شخصية مصور متجول في "ضربة شمس". وحين علم منهما أنه لا يوجد منتج قرر أن ينتجه، رحمة الله على ثلاثتهم، وعزاء مصر كلها، بل العالم العربي، في رحيل فنان السينما الكبير محمد خان"، تقول شيحة.
وقالت الفنانة غادة عادل عن محمد خان، لـ"العربي الجديد"، إنها سبق وعملت معه في فيلم "شقة مصر الجديدة"، هذا الفيلم الذي كان بالنسبة لها حالة فريدة وعاشت من خلاله مرحلة نفسية غريبة، "لأنه يعتمد على التمثيل فقط من الألف إلى الياء، من دون اتكال ولو واحد في المائة على ملامح أو ملابس وما شابه ذلك".
وأشارت إلى أنه كان يهتم حتى بتفصيلة تسريحة شعرها، فلم يكن يتهاون أبداً مع أي ثغرة موجودة في العمل، لذا فالفيلم حقق نجاحا جماهيريا كبيرا، وعلى الرغم من قول الكثيرين في بداية عرض الفيلم إنه فيلم مهرجانات إلا أن نجاحه الجماهيري كسر النظرية وحقق حتى بعد عرضه على القنوات الفضائية نجاحا مبهرا، مشيرة إلى أن هذا الفيلم جعلها تشعر بالمسؤولية أكثر في اختياراتها، لذا رفضت عددًا كبيرًا من الأعمال التي لولا تواجدها في "شقة مصر الجديدة" كانت قبلت العمل بها.
اقــرأ أيضاً
أزمة أوراق الجنسية
وعلى الرغم من أن المخرج محمد خان عاش في حارة طه السيوفي، وهي إحدى الحارات الشعبية في منطقة حي غمرة وقدم أفلاماً سردت الواقع المصري بتفاصيله، إلا أنه بقي يحمل الجنسية الباكستانية، فقط هو الذي عاش في الحارات الشعبية وأبدع في تقديم الواقع المصري من خلال سلسلة أفلامه، حيث ظل يجمع أوراقه ليحصل على الجنسية ولم ييأس أبداً. وبعد أن كافح لسنوات وتضامن مع مطلبه عدد كبير من محبيه في الوسط السينمائي، حصل على الجنسية أخيرا في عام 2014 أثناء تقديمه فيلم "فتاة المصنع" للفنانة الشابة ياسمين رئيس. وأشار خان في السياق نفسه إلى أن أول مدرسة دخلها كانت مدرسة أجنبية تدعى فيكتوريا كوليديج، فأصر والده على أن يخرجه منها بعد عام واحد فقط من دراسته فيها وألحقه بمدرسة "النقراشي" الموجودة في حي حدائق القبة الشعبية، وبرر له والده تصرفه قائلاً: "دي مدرسة بلدك مصر ولازم تدرس فيها".
وسبق وصرح خان في أحد البرامج بأنها لم تكن أزمة لديه من قبل، موضحا أنه من مواليد غمرة وتتلمذ في مدرسة حكومية، ولكن بعد أن كبر أصبحت الأزمة تتسع أثناء قيامه ببعض الإجراءات الخاصة به كدراسة أبنائه مثلا، موضحا أن انتماءه للأرض وليس الوطن، وأن أفلامه هي التي أتت له بالجنسية، مشيرا إلى أنه لم يشعر أبدا باغتراب في مصر، فهو واحد من أبنائها.
أحمد زكي ونقطة تحول
كانت مرحلة عمل محمد خان مع الفنان الراحل أحمد زكي على مدار ستة أفلام، نقطة تحول كبيرة في حياة الاثنين، وعلى الرغم من كثرة خلافاتهما المهنية، إلا أن صداقتهما تكون لها الكلمة الفصل في النهاية.
اقــرأ أيضاً
قدم الاثنان معا ستة أفلام هي "أحلام هند وكاميليا "وكاراتيه" و"موعد على العشاء" و"زوجة رجل مهم" و"طائر على الطريق" و"أيام السادات"، وكان خان ينادي على أحمد زكي في الكواليس قائلا له "يا ريس".. وهذا يعود إلى تقمص زكي شخصية السادات حتى في الكواليس أثناء تناوله الطعام وفي شكل خطوته وهو يسير، وكل التفاصيل الأخرى.
يعد خان من القلائل ممن انتهجوا الواقعية في أعمالهم، فقدم أفلاماً سينمائية ترصد الواقع بمره قبل حلوه. ويأتي ذلك في الوقت الذي لم يكن حلم خان أن يكون مخرجاً، بل كان يرغب في أن يكون مهندساً معمارياً، لذا التحق بكلية الهندسة وقرر أن يكمل باقي حياته في هذا المجال الذي يحبه على أن تكون مشاهدة الأفلام المصرية والعالمية والبحث عن تفاصيلها من خلال المراجع السينمائية مجرد هواية. لم يكن خان يتخيّل يوماً أن تكون هي مهنته الأساسية ويترك الهندسة جانباً، ولكن وفي إحدى مراحله الدراسية بالهندسة خطفته السينما أثناء مقابلته مع أحد الشباب في إنكلترا ممن يدرسون السينما وجلس معه ليحكي تفاصيل عالمه السينمائي المبهر، فخطفت خان هذه الحكايات. وما بين ليلة وضحاها، قرر محمد خان أن يتخلى عن الهندسة التي أحبها من أجل السينما التي وجد نفسه سيبدع فيها. وبالفعل التحق بمعهد السينما في إنكلترا لتبدأ رحلته الدراسية مع عالمه الجديد، وبعد انتهاء دراسته سافر إلى لبنان الذي كان مهتما بالسينما في حقبة الستينيات وعمل مساعدا للمخرج يوسف معلوف الذي تعلم منه الكثير، ولكنه من جديد قرر العودة إلى إنكلترا ثم عاد إلى مصر بعد حوالي ثلاثة أعوام من سفره لتكون التجربة السينمائية الفعلية لخان على أرض مصر عام 1978 بفيلم "ضربة شمس"، الذي حقق نجاحا كبيرا فتح شهية محمد خان على مواصلة المشوار.
سرادق مواقع التواصل
وبمجرد معرفة نبأ وفاة محمد خان، تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى سرادق للعزاء، وكثرت عبارات النعي والذكريات عن هذا المخرج الذي بالطبع ترك فراغاً كبيراً.
وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، قالت الفنانة هنا شيحة التي كان لها التجربة الأخيرة مع خان في فيلم "قبل زحمة الصيف" إنها حتى الآن لم تصدق خبر رحيل المخرج محمد خان، وأوضحت هنا أنها كانت تعتبره أباها الروحي، وتعتبر فيلمها معه نقطة تحول في حياتها، ويكفي أن يكتب في سيرتها الذاتية أنها مثّلت يوما مع هذا المخرج. وأوضحت هنا أنها خسرت أبا وإنسانا، وفقدت السينما كلها رجلا عشق السينما واحترمها.
وعن ذكرياتها معه بسبب صداقة زوجها السيناريست الراحل فايز غالي به، قالت الناقدة ماجدة موريس على فيسبوك: كأن أوراق الشجرة ترحل وراء بعضها البعض. منذ خمسة وثلاثين عاما، تقابل فايز غالي مع مخرج جديد قادم من إنكلترا التي عاش فيها سنوات بعد تركه مصر صغيرا مع أسرته. "كانت لديه أحلامه في صناعة أفلامه التي سجل قصص بعضها على لوحة ورقية عريضة، لكن كانت العقبة هي الإنتاج كالعادة، وحتى هذه اللحظة، المهم أن فايز غالي أعجب بقصة من قصص خان وكتب لها السيناريو والحوار، وجاء الإنقاذ على يد نور الشريف، الذي عرض عليه بطولة الفيلم، وأحب هو أن يقدم شخصية مصور متجول في "ضربة شمس". وحين علم منهما أنه لا يوجد منتج قرر أن ينتجه، رحمة الله على ثلاثتهم، وعزاء مصر كلها، بل العالم العربي، في رحيل فنان السينما الكبير محمد خان"، تقول شيحة.
وقالت الفنانة غادة عادل عن محمد خان، لـ"العربي الجديد"، إنها سبق وعملت معه في فيلم "شقة مصر الجديدة"، هذا الفيلم الذي كان بالنسبة لها حالة فريدة وعاشت من خلاله مرحلة نفسية غريبة، "لأنه يعتمد على التمثيل فقط من الألف إلى الياء، من دون اتكال ولو واحد في المائة على ملامح أو ملابس وما شابه ذلك".
وأشارت إلى أنه كان يهتم حتى بتفصيلة تسريحة شعرها، فلم يكن يتهاون أبداً مع أي ثغرة موجودة في العمل، لذا فالفيلم حقق نجاحا جماهيريا كبيرا، وعلى الرغم من قول الكثيرين في بداية عرض الفيلم إنه فيلم مهرجانات إلا أن نجاحه الجماهيري كسر النظرية وحقق حتى بعد عرضه على القنوات الفضائية نجاحا مبهرا، مشيرة إلى أن هذا الفيلم جعلها تشعر بالمسؤولية أكثر في اختياراتها، لذا رفضت عددًا كبيرًا من الأعمال التي لولا تواجدها في "شقة مصر الجديدة" كانت قبلت العمل بها.
أزمة أوراق الجنسية
وعلى الرغم من أن المخرج محمد خان عاش في حارة طه السيوفي، وهي إحدى الحارات الشعبية في منطقة حي غمرة وقدم أفلاماً سردت الواقع المصري بتفاصيله، إلا أنه بقي يحمل الجنسية الباكستانية، فقط هو الذي عاش في الحارات الشعبية وأبدع في تقديم الواقع المصري من خلال سلسلة أفلامه، حيث ظل يجمع أوراقه ليحصل على الجنسية ولم ييأس أبداً. وبعد أن كافح لسنوات وتضامن مع مطلبه عدد كبير من محبيه في الوسط السينمائي، حصل على الجنسية أخيرا في عام 2014 أثناء تقديمه فيلم "فتاة المصنع" للفنانة الشابة ياسمين رئيس. وأشار خان في السياق نفسه إلى أن أول مدرسة دخلها كانت مدرسة أجنبية تدعى فيكتوريا كوليديج، فأصر والده على أن يخرجه منها بعد عام واحد فقط من دراسته فيها وألحقه بمدرسة "النقراشي" الموجودة في حي حدائق القبة الشعبية، وبرر له والده تصرفه قائلاً: "دي مدرسة بلدك مصر ولازم تدرس فيها".
وسبق وصرح خان في أحد البرامج بأنها لم تكن أزمة لديه من قبل، موضحا أنه من مواليد غمرة وتتلمذ في مدرسة حكومية، ولكن بعد أن كبر أصبحت الأزمة تتسع أثناء قيامه ببعض الإجراءات الخاصة به كدراسة أبنائه مثلا، موضحا أن انتماءه للأرض وليس الوطن، وأن أفلامه هي التي أتت له بالجنسية، مشيرا إلى أنه لم يشعر أبدا باغتراب في مصر، فهو واحد من أبنائها.
أحمد زكي ونقطة تحول
كانت مرحلة عمل محمد خان مع الفنان الراحل أحمد زكي على مدار ستة أفلام، نقطة تحول كبيرة في حياة الاثنين، وعلى الرغم من كثرة خلافاتهما المهنية، إلا أن صداقتهما تكون لها الكلمة الفصل في النهاية.
قدم الاثنان معا ستة أفلام هي "أحلام هند وكاميليا "وكاراتيه" و"موعد على العشاء" و"زوجة رجل مهم" و"طائر على الطريق" و"أيام السادات"، وكان خان ينادي على أحمد زكي في الكواليس قائلا له "يا ريس".. وهذا يعود إلى تقمص زكي شخصية السادات حتى في الكواليس أثناء تناوله الطعام وفي شكل خطوته وهو يسير، وكل التفاصيل الأخرى.