عرض رئيس هيئة المفاوضات العليا التابعة للمعارضة السورية، نصر الحريري، اليوم الثلاثاء في لندن، مطالب المعارضة السورية على "داعميها الغربيين"، معتمداً على "التوجه الجديد لدى الإدارة الأميركية بمباشرة الحل السياسي بعد التخلص من النظرة العسكرية للقضية السورية المبنية على التعامل مع إرهاب تنظيم "داعش".
وقال الحريري، في لقاء عقد في البرلمان البريطاني قبيل لقائه بوزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إن المعارضة السورية تسعى من خلال مشاركتها بمفاوضات جنيف إلى "الوصول إلى حل يشمل الانتقال السياسي"، مطالبا المملكة المتحدة بـ"أربع نقاط أساسية تساهم في المضي قدماً باتجاه الحل".
ودعت المعارضة السورية بريطانيا، في مطلبها الأول، إلى "استخدام أوراقها، بالتعاون مع حلفائها، وبالأخص الولايات المتحدة، في الضغط على نظام بشار الأسد للدخول في مفاوضات سياسية جدية"، إذ انتقد الحريري تصرّف النظام السوري في مفاوضات جنيف الأخيرة في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مؤكدا أنه "لم يخضها بجدية، بل حاول تعطيلها متذرعاً بذرائع واهية".
أما المطلب الثاني فتمثل في "التأكيد على أولوية ومحورية العملية التفاوضية التي تشرف عليها الأمم المتحدة، والتي تدار في جنيف، والالتزام بالقرارات التي تخرج عنها، وأهمها قرار مجلس الأمن 2254، والذي ينص على أن الحل السياسي يبدأ بمرحلة انتقالية، يتبعها تعديل الدستور، ومن ثم إجراء انتخابات حرة ديمقراطية بإشراف من الأمم المتحدة".
ويصرّ الحريري، في ثالث المطالب، على "دعم المجتمع الدولي للعملية التفاوضية القائمة في جنيف، ورفض الانحراف عنها لتسويات أخرى تحرف العملية السلمية عن مسارها".
وفي المطلب الرابع، دعا رئيس "هيئة المفاوضات العليا" الدول الغربية، ومنها بريطانيا، إلى "ضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية ليد النظام ومليشياته".
وعن مؤتمر سوتشي، الذي تنوي روسيا عقده نهاية الشهر الجاري، أشار الحريري إلى أن "هيئة التفاوض تتعرض للضغوط من منظمات المجتمع المدني السورية، والعديد من المجالس المحلية، وغيرها من ممثلي الشعب السوري، للدفع في اتجاه عدم حضور المؤتمر". ورأى أن "الروس يسعون من وراء عقد مؤتمر سوتشي إلى تفريغ العملية التفاوضية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف من محتواها، وفرض الحل السياسي الروسي على الجميع"، عدا عن أن الهيئة التفاوضية التي انبثقت عن مؤتمر الرياض 2، وضمت أيضاً منصتي القاهرة وموسكو، في أوسع تمثيل للمعارضة السورية حتى الآن، "لم توجه لها الدعوة رسمياً لحضور المؤتمر".
ولفت الحريري إلى أن "هيئة التفاوض ستؤجل قرارها بشأن حضور سوتشي حتى توضح روسيا أهدافه، وحتى يتم التشاور مع حلفاء المعارضة السورية إقليمياً ودولياً"، مرجحا احتمال تأجيل المؤتمر لأسبوعين عن الموعد المقترح.
وشدد على أهمية "التأكد من نوايا روسيا في الدفع في عملية التفاوض، من خلال اختبار مدى تأثيرها على النظام السوري في الجولة القادمة من المفاوضات، والتي ستعقد في فيينا بدلاً من جنيف يومي 23-24 من الشهر الحالي، رغم أن الرسائل السلبية القادمة من الطرف الروسي غير مشجعة، سواء أكان من خلال تصعيد العمل العسكري على الأرض، أم التصريحات برفض التفاوض مع الراغبين برحيل الأسد".
وفي معرض تعليقه على الجولة الحالية التي يقوم بها إلى جانب وفد مصغر عن المعارضة السورية، قال الحريري إنهم تلقوا دعوة من الطرف الأميركي للتشاور حول إمكانية تفعيل المسار التفاوضي في جنيف، وفي السياق التقوا بأعضاء من إدارة دونالد ترامب، وبوزير الخارجية الأميركي ريك تيلرسون، والذي سيلقي هذا الأسبوع كلمة يحدد فيها الخطوط العريضة للرؤية الأميركية للحل السياسي في سورية.
وفي السياق، أكد الحريري "رفض المسؤولين الأميركيين لمسار مؤتمر سوتشي خارج إطار الشرعية الدولية"، مشيراً إلى أن "الأميركيين يرون أن مسار محادثات أستانة قد وصل إلى نهايته".
كما اعتبر أنه "يمكن كسب روسيا إلى صف المحور الدولي الراغب في الوصول إلى انتقال سياسي في سورية، يضمن استقرار سورية"، وهو ما يتم العمل عليه حالياً، حيث صرح مسؤول بريطاني بأن اللقاء الذي جرى، الجمعة الماضي، في واشنطن، شمل وضع نقاط تفاوضية حول كيفية الإصلاح السياسي والمؤسساتي في سورية، لوضعها على طاولة التفاوض مع الطرف الروسي".
أما بشأن الدور الإيراني، فوصفه الحريري بأنه سلبي، وأنه "يقوّض الوصول إلى حل سياسي في سورية".
وفي معرض إجابته عن الأوراق التي لا يزال يملكها الغرب ضد النظام السوري وداعميه، قال إن "أموال إعادة الإعمار أساسية في الضغط على الأسد، إذ لا يجب منحها لمؤسساته، لأنه سيستغلها لفرض حله السياسي على السوريين"، متحدثا عن طرق أخرى تشمل "فرض العقوبات، والمحاسبة القانونية بسبب جرائم الحرب، وسحب الشرعية من النظام ومؤسساته، وغيرها". وشدد على أن "القضاء على الإرهاب سيتم بالتخلص من جذوره، والتي تكمن في العنف الذي يمارسه النظام الأسدي، والذي يدفع السوريين نحو التطرف".
وفي سياق المشاركة بمؤتمر سوتشي، أكد عضو هيئة التفاوض، أحمد العسراوي، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أنّ الهيئة "لا تزال تنتظر توضيحات حول ماهية المؤتمر والمطلوب منه، وما إذا كان تحت رعاية أممية، وهل هو داعم لمسار جنيف أم أنّه يعد خروجاً على قرارات دولية تنظّم العملية التفاوضية مع النظام في جنيف".
وتأتي جولة الحريري في إطار تحرّك المعارضة السورية على أكثر من مستوى سياسي أخيراً، من أجل مواجهة استحقاقات مهمة في شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، وفي مقدمتها جولة جديدة من المفاوضات، على الرغم من يقينها بأنها وصلت "إلى طريق مسدود"، فضلاً عن مؤتمر سوتشي، مع سعي المعارضة إلى محاصرته لعدم حرف القضية السورية عن مسار جنيف الأممي مع محاولة النظام وحلفائه تحييده وإفراغه من مضامينه.