في عدد حمل عنوان "تحمّس القصيدة" صدر من مجلة "أوروب" الثقافية الفرنسية سنة 2002، وكان قد مضى على تأسيسها ثمانين عاماً آنذاك، كتب شعراء من شرق وغرب وشمال وجنوب العالم شهادات، حاولوا فيها تقديم إجابات عن سؤال: ما هو الشعر؟
كان الشاعر الإسباني أنطونيو غامونيدا، أحد الذين كتبوا شهادة إشكالية حول معنى الشعر وكانت بعنوان "شعر، وجود، موت".
كانت أسئلة غامونيدا حول علاقة التاريخ الشعري بالتاريخ السياسي والأدوار الاجتماعية أحد أكثر الوقفات جدّة حول دور ومكان الشعر الآن وهنا، معتبراً أنه وأمام البراغماتية والنظام العالمي المعمّم بشكله الراهن، يكون الشعر الغريب عن قيم السوق ومداراته شكلاً من أشكال المقاومة. يكون "ثورة بلا أمل لكنها حاضرة بقوّة".
يذهب غامونيدا إلى فكرة أكثر راديكالية، فيعلن أن الشعر ليس أدباً، ذلك أن الأدب خيال والشعر واقع، وليس هذا مجرد مجاز شعري يريد به الشاعر أن يفاجئ ويدهش القارئ، بل إنه يعني أن الشعر وعي حاد بالعالم ومقاومة حثيثة ضد فقدان المعنى.
ويعني أيضاً أن الأدب سيشق طريقاً لن يسلكه الشعر، سيتعولم الأول ويخضع لقيم السوق الكبرى، سيتغيّر مع التبدل من نظام سياسي إلى آخر، ستبحث الرواية في قضايا تجد من يشتريها، والقصص ستحاول أن تجاري التلفزيون، لكن الشعر، منطقة "الحرية المؤلمة"، بتعبير غامونيدا، سيظل لغة اليائسين.