لم يقف الدمار الذي خلّفه الصراع الليبي الداخلي، عند حدود عمارة الأرض أو آبار الذهب الأسود الذي تتميز ليبيا بواحد من أجود أنواعه، لكنه تخطى إلى ذهب من نوع آخر غرسه الليبيون القدامى منذ مئات السنين، وعرفهم العالم به قبل أن يعرفهم بغيره، إنه التمر الليبي.
ويقول مدير هيئة الزيتون والنخيل التابعة لوزارة الزراعة الليبية، علي عزوم، إن زراعة النخيل في ليبيا تعاني تدنيَّ الإنتاج نتيجة الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، منذ اندلاع الثورة في فبراير/شباط 2011 وحتى الآن.
وأضاف، عزوم، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن إنتاج ليبيا من التمور تجاوز 80 ألف طن خلال العام الجاري، مقابل إنتاجية لا تقل عن 150 ألف طن من التمور قبل عام 2011.
وتمتلك ليبيا، ثروة هائلة من النخيل تتجاوز ثمانية ملايين شجرة، تستغل مساحة تتجاوز 23 ألف هكتار. وتُنتج ليبيا نحو 300 صنف من التمور المختلفة، وفق بيانات هيئة الزيتون والنخيل الليبية.
ويستهلك الليبيون نحو 65 ألف طن من التمور، ويتم توجيه الكميات الفائضة عن الحاجة المحلية للخارج.
ولا تُبدي اللهجة التي تحدث بها عزوم، أية آمال بنهاية قريبة لموجة التردي التي ضربت الزراعة الليبية منذ ثلاثة أعوام ونصف، ولا سيما النخيل. قائلا: "لن يتعافى إنتاج التمور قبل خمس سنوات، في حال تمكنت الحكومة من تنفيذ مشروعاتها المُخططة في هذا الصدد".
وتابع: "أكثر من نصف الإنتاج الحالي من التمور يعود للقطاع الخاص الذي بدأ يقوم بمشاريع في الجنوب وجالو وأوجلة والكفرة، لكن المشروعات الحكومية تبقى رهن الاستقرار".
وعزا المسؤول، انخفاض الإنتاجية إلى الأوضاع الأمنية بالدرجة الأولى، خاصة أن المشاريع الزراعية كانت تابعة للجنة العامة المؤقتة للدفاع في فترة نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، الذي أسقط الثوار نظامه في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، في حين تتبع المشروعات الزراعية لوزارة الزراعة شكلا لا فعلا.
وأضاف أن الحكومة التي أعقبت الثورة تداركت خطورة الأمر، وأسندت المشروعات الزراعية لوزارة الزرعة لكن الأمر يحتاج إمكانيات مادية، في وقت تعاني فيه الدولة تراجعا في إيراداتها نتيجة تراجع إنتاج النفط.
وقال منسق الزراعة، في وزارة الزراعة الليبية، بمدينة سبها (جنوب)، خميس سالم، إن المزارعين في منطقة الجنوب الليبي، يتكبدون خسائر ضخمة، جراء الصراعات المسلحة التي تدور في العاصمة الليبية طرابلس.
وأوضح سالم، أن المزارعين في الجنوب عادة ما ينقلون منتجاتهم، إلى العاصمة طرابلس وضواحيها لبيعها هناك، ولكن إغلاق الأسواق الرئيسية في المدينة نتيجة الاشتباكات المسلحة، وعلى رأسها سوق الكريمية المغلق منذ أسبوعين، أدى إلى توقف حركة نقل المنتجات الزراعية.
وقال مزارعون في مناطق الجنوب والواحات لـ "العربي الجديد" إن لديهم كميات ضخمة من التمور يصعب تسويقها في العاصمة طرابلس وكذلك بنغازي؛ نتيجة الأوضاع الأمنية المتردية.