يتملّك الخوف الشقيقين مهند ورياض، وهما يجلسان في مقهى شعبي بالقرب من ضفاف نهر دجلة. يسمعان في تلك اللحظة دويّ انفجار. وعلى الرغم من أنّ جميع من في المقهى سمعه فقد واصل هؤلاء لعب الدومينو بحماس ولم يكترثوا أبداً. فكأنّ الشقيقين وحدهما من شعر بالخوف.
أحد الجالسين طلب منهما الجلوس بهدوء "فهذا أمر طبيعي في بغداد"، بعد طلب الشقيقين منه ومن غيره مغادرة المكان فوراً بسبب الخطر.
كان ذلك في صيف هذا العام بالذات. وكانت الزيارة الأولى للشقيقين مهند ورياض إلى بلدهما العراق، منذ مغادرته وهما مراهقان عام 1999. لكن، قبل عودتهما إلى الولايات المتحدة حيث يقيمان، تأقلما مع أصوات التفجيرات والرصاص، بل باتت أمراً معتاداً بالنسبة لهما.
يؤكد الشقيقان لـ"العربي الجديد" أنّهما سيعودان لزيارة العراق: "بالرغم من الخوف الذي عشناه. ربما سنعود بعد عامين". يقول رياض: "أمنيتي أن يكون العراق آمناً في زيارتنا المقبلة". يتفق معه مهند الذي يبدي حزنه على الناس: "العراقيون مظلومون، فهم بلا أمان وراحة واستقرار. هم يعيشون في حلقة يحيط بها الموت بكلّ صنوفه".
يعيش العراقيون، منذ غزو الولايات المتحدة وحلفائها بلادهم عام 2003 للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، في وضع أمني مرتبك، أدى إلى ظهور مليشيات طائفية، وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مناطق واسعة من البلاد ابتداء من عام 2014.
تشهد المدن العراقية، لا سيما العاصمة بغداد، أعمال عنف مستمرة، تؤدي إلى وقوع أعداد كبيرة من القتلى والمصابين بين المواطنين. عن ذلك، يقول ناظم السيد، الذي يملك متجراً لبيع الأجهزة الكهربائية في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد: "إنه أمر معتاد". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "من يسكن في بغداد يعتاد على رؤية الموت".
اقــرأ أيضاً
أحد الجالسين طلب منهما الجلوس بهدوء "فهذا أمر طبيعي في بغداد"، بعد طلب الشقيقين منه ومن غيره مغادرة المكان فوراً بسبب الخطر.
كان ذلك في صيف هذا العام بالذات. وكانت الزيارة الأولى للشقيقين مهند ورياض إلى بلدهما العراق، منذ مغادرته وهما مراهقان عام 1999. لكن، قبل عودتهما إلى الولايات المتحدة حيث يقيمان، تأقلما مع أصوات التفجيرات والرصاص، بل باتت أمراً معتاداً بالنسبة لهما.
يؤكد الشقيقان لـ"العربي الجديد" أنّهما سيعودان لزيارة العراق: "بالرغم من الخوف الذي عشناه. ربما سنعود بعد عامين". يقول رياض: "أمنيتي أن يكون العراق آمناً في زيارتنا المقبلة". يتفق معه مهند الذي يبدي حزنه على الناس: "العراقيون مظلومون، فهم بلا أمان وراحة واستقرار. هم يعيشون في حلقة يحيط بها الموت بكلّ صنوفه".
يعيش العراقيون، منذ غزو الولايات المتحدة وحلفائها بلادهم عام 2003 للإطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين، في وضع أمني مرتبك، أدى إلى ظهور مليشيات طائفية، وسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مناطق واسعة من البلاد ابتداء من عام 2014.
تشهد المدن العراقية، لا سيما العاصمة بغداد، أعمال عنف مستمرة، تؤدي إلى وقوع أعداد كبيرة من القتلى والمصابين بين المواطنين. عن ذلك، يقول ناظم السيد، الذي يملك متجراً لبيع الأجهزة الكهربائية في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد: "إنه أمر معتاد". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "من يسكن في بغداد يعتاد على رؤية الموت".
يتابع وهو يشير إلى متجره: "نسيت عدد المرات التي أصلحته فيها لكثرتها، ربما هي سبع مرات. كلّها بسبب التفجيرات والرصاص وأعمال العنف المختلفة بالقرب منه". يضيف: "أرأيت؟ نحن شعب اعتاد رؤية الموت. لا سبيل أمامنا سوى الصبر، وهذا ما لا يعرفه من يزور بلدنا. رأيت الكثير من الزائرين، بعضهم من دول أوروبية، تساءلوا باستغراب: كيف تعيشون وسط هذا الرعب؟". يجيبهم السيد مع ضحكة طويلة عادة. يعلّق: "لا أعرف لماذا تنتابني هستيريا من الضحك حين يطرح عليّ مثل هذا السؤال. أقول لهم ليس أمامنا سوى مواجهة الموت بالحياة نفسها".
التفجيرات ومشاهد العنف ومخلفات الحروب التي تُشاهد في العراق لا تمرّ من دون تأثير على أهل البلاد وزائريها، أكانوا في مناطق المعارك والمواجهات أم بعيدين عنها. لكنّها في المقابل، وللغرابة، تثير في بعضهم مشاعر مختلفة. يقول المصور الفوتوغرافي محمد النعيمي: "لها تأثير السحر المنشط والمحفّز على الإبداع".
يؤكد النعيمي لـ"العربي الجديد" أنّ "أعمالاً إبداعية ما كان لها أن ترى النور لولا تعرض أصحابها لصدمة مشاهدة ومعايشة مخلفات المآسي التي تسحق العراقيين". يلفت إلى أنه وعدد من الشباب من خريجي كلية الفنون الجميلة، أسسوا مجموعة شبابية تعنى بتقديم الدعم النفسي للأطفال المرضى بالسرطان والأيتام، من خلال برامج فنية تضم عروضاً مسرحية وتعليم الرسم والموسيقى والغناء.
ويشير النعيمي إلى أنّه لولا معايشة أصدقائه العنف لما أنجزوا مثل هذه الأعمال الإنسانية، مبيناً أنّ "الكثير من المواقف الصعبة كالتفجيرات، وتشييع قتلى المعارك وضحايا العنف، وصور إنسانية كثيرة أثرت في مشاعر زملائي الفنانين. وبذلك، أنتجوا أعمالاً فنية رائعة ومبادرات إنسانية".
يتابع: "من قال إننا استسلمنا للقتل والرعب والموت والظلم فهو مخطئ. لقد حولنا كلّ ذلك إلى صناعة إنسانية، وغيّرناه من موت إلى حياة، ومن رعب إلى اطمئنان، ومن خوف إلى أمان، ومن كره إلى حب. لذلك من يزر بلادنا يتفاجأ كيف نعيش حياتنا بشكل طبيعي، كيف نبتسم ونضحك ونروي الطرائف بالرغم من عيشنا في دوامة عنف يومي".
اقــرأ أيضاً
التفجيرات ومشاهد العنف ومخلفات الحروب التي تُشاهد في العراق لا تمرّ من دون تأثير على أهل البلاد وزائريها، أكانوا في مناطق المعارك والمواجهات أم بعيدين عنها. لكنّها في المقابل، وللغرابة، تثير في بعضهم مشاعر مختلفة. يقول المصور الفوتوغرافي محمد النعيمي: "لها تأثير السحر المنشط والمحفّز على الإبداع".
يؤكد النعيمي لـ"العربي الجديد" أنّ "أعمالاً إبداعية ما كان لها أن ترى النور لولا تعرض أصحابها لصدمة مشاهدة ومعايشة مخلفات المآسي التي تسحق العراقيين". يلفت إلى أنه وعدد من الشباب من خريجي كلية الفنون الجميلة، أسسوا مجموعة شبابية تعنى بتقديم الدعم النفسي للأطفال المرضى بالسرطان والأيتام، من خلال برامج فنية تضم عروضاً مسرحية وتعليم الرسم والموسيقى والغناء.
ويشير النعيمي إلى أنّه لولا معايشة أصدقائه العنف لما أنجزوا مثل هذه الأعمال الإنسانية، مبيناً أنّ "الكثير من المواقف الصعبة كالتفجيرات، وتشييع قتلى المعارك وضحايا العنف، وصور إنسانية كثيرة أثرت في مشاعر زملائي الفنانين. وبذلك، أنتجوا أعمالاً فنية رائعة ومبادرات إنسانية".
يتابع: "من قال إننا استسلمنا للقتل والرعب والموت والظلم فهو مخطئ. لقد حولنا كلّ ذلك إلى صناعة إنسانية، وغيّرناه من موت إلى حياة، ومن رعب إلى اطمئنان، ومن خوف إلى أمان، ومن كره إلى حب. لذلك من يزر بلادنا يتفاجأ كيف نعيش حياتنا بشكل طبيعي، كيف نبتسم ونضحك ونروي الطرائف بالرغم من عيشنا في دوامة عنف يومي".