تسبب ارتفاع أسعار طن الحديد في مصر الذي تجاوز 14 ألف جنيه، إلى لجوء الأهالي، خاصة في عدد من المناطق الشعبية الفقيرة، إلى شراء الحديد المستعمل الناتج من أعمال هدم المباني القديمة أو المنهارة، ما يهدد بكوارث انهيار العقارات لعدم قدرته على تحمل الأدوار المرتفعة.
وهناك الكثير من أسواق حديد التسليح المستعمل في محافظات مصر، ويتراوح سعر الطن بين 7500 (نحو 397.9 دولاراً) و9000 جنيه (نحو 511.6 دولاراً) حسب جودته، في حين تعدّ مدينة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية والقريبة من القاهرة، معقلاً لهذا النوع من الحديد، حيث يتردد يومياً عدد من المواطنين والمقاولين لشراء كميات من الحديد المستعمل.
وكشف أحد المقاولين لـ"العربي الجديد"، أن هناك بعض المقاولين يمزجون الحديد المستعمل مع الجديد في عدد من المشاريع الحكومية بالمحافظات، مثل إنشاء المدارس والوحدات الصحية، لافتاً إلى أنه "أحياناً يتم العمل ليلاً بعيداً عن الأنظار تحت حجة الانتهاء بسرعة من هذه المشاريع من خلال العمل على مدار اليوم، فضلاً على استخدام تلك الأنواع من الحديد في مشاريع إسكان الشباب منخفض التكاليف"، مشدداً على أن الميل والشروخ التي تحدث في أسقف المشاريع الحكومية ناتجة من استعمال الحديد المستعمل".
وأشار المقاول الذى رفض ذكر اسمه، إلى أن هناك الكثير من الأهالي والمقاولين في المناطق الشعبية بصفة خاصة والقرى بالمحافظات، يلجأون إلى الحديد المستعمل في بناء وحدات سكنية خاصة بهم، يصل فيها عدد الطوابق إلى أربعة وخمسة طوابق، معتبراً أن تلك العقارات لا تدوم وقد تنهار خلال عام أو أكثر.
وتعد محافظة الإسكندرية الأولى في استخدام أنواع حديد رديئة، ما يؤكده انهيار العقارات في تلك المحافظة وفقاً للمراقبين الذين شددوا على وجود 27 ألف عقار في عدد من أحياء الإسكندرية مهددة بالسقوط على رؤوس قاطنيها بسبب قلة الحديد داخل الأعمدة الخراسانية، وتطعيم عدد منها بحديد مستعمل، إضافة إلى قلة الإسمنت بهدف التوفير.
وشدد المراقبون على أن الإسكندرية التي تحتل المرتبة الأولى في عدد المباني المنهارة، تواجه كارثة محققة، إذا لم تتدخل السلطات عن طريق وضع خطة عاجلة لمواجهة آلاف العقارات المخالفة بالإسكندرية، وبارتفاعات شاهقة في عدد من المناطق.
وتأتي القاهرة في المرتبة الثانية في استخدام الحديد المستعمل، خاصة في مناطق الزاوية الحمرا وروض الفرج والشرابية والدرب الأحمر وبولاق أبو العلا وحدائق القبة.
ويرى محمود علي وهو أحد تجار الحديد الخردة، أن هذا النوع من الحديد متعب وشاق في عمله، إذ يستخرجه العمال من العقار المنهار أو الذي تم هدمه ليتم شحنه إلى ورش لإصلاحه وتعديله وفرده وتخليصه من الشوائب، ويتم تقسيمه بعد ذلك إلى حديد خردة أو حديد أسياخ.
وأوضح في حديث إلى "العربي الجديد" أن "الحديد المستعمل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: قديم ومتوسط وحديث، وكل نوع من تلك الأنواع له زبائنه"، لافتاً إلى أن هناك من يستشير في شراء أي نوع من الحديد والكمية التي يمكن أن يستخدمها حسب البناء، وشدد على أن الارتفاع الجنوني في أسعار مواد البناء، من حديد وإسمنت وراء الاتجاه إلى استخدام الحديد المستعمل.
بدوره، حذر خبير العقارات الإنشائية المهندس تهامي عبد الرحمن، من خطورة تلك المباني التي تستخدم أنواع غير صالحة في عمليات الإنشاءات، خاصة المباني الحكومية، مشيراً إلى أن ذلك سيؤدي إلى كوارث وأخطار جسيمة، واصفاً استخدام حديد مستعمل في البناء بأنه "خطر قاتل" على الأرواح والممتلكات، مطالباً الحكومة بالمزيد من الرقابة، متوقعاً الإقبال على الغش في مواد البناء خلال السنوات المقبلة في ظل ارتفاع الأسعار.
وشهدت أسعار الحديد في مصر ارتفاعات مستمرة هددت بركود سوق العقارات في مصر، والملايين من العمال الذين يعملون في قطاع البناء.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، حذر البرلماني المصري علاء والي، من تأثير الزيادات المتتالية في أسعار الحديد والإسمنت على الأيدي العاملة بالعديد من المهن والحرف، خاصة أن هناك حالة من التخبط تضرب السوق العقارية في مصر، من جراء اضطراب أسعار الحديد، وهو الأمر الذي يُهدد شركات المقاولات بالتوقف، بسبب اشتعال أسعار العقارات والوحدات السكنية، وعدم قدرة المواطنين على الشراء.
وتابع أن "الارتفاع في أسعار الحديد والإسمنت غير مبرر على الإطلاق، خاصة مع عدم وجود أي تغير في عناصر التكلفة، أو المدخلات، في صناعة حديد التسليح، قد تسفر عن هذه الزيادة"، مشيراً إلى تحرك الأسعار من 12.1 و12.3 ألف جنيه للطن في فبراير/ شباط الماضي، إلى 12.6 و12.9 ألف جنيه للطن في مارس/ آذار الفائت، حتى تجاوزت حاجز 13.5 ألف جنيه أخيراً كسعر بيع للمستهلك.