عادةً ما يتعهّد المجتمع الدولي بدعم جهود المصالحة بعد انتهاء الحروب الأهلية، من دون أن يعرف إذا كانت هذه البرامج سوف تنجح في تحقيق أهدافها أم لا. وتشير دراسة نُشرت أخيراً في مجلّة "ساينس" إلى أنّ برامج المصالحة تساهم في التئام المجتمع. لكنّها قد تُفاقم حالات الاكتئاب والقلق والصدمة في الوقت نفسه. وتقول الأستاذة المساعدة في السياسة والاقتصاد في جامعة "نيويورك"، والمشاركة في إعداد الدراسة، أويندريلا دوبي، إنّ الحديث عن فظائع الحرب قد يثبّت الصدمة النفسية لدى الضحايا، مضيفة أنّ برنامج المصالحة الذي درسناه أظهر القدرة على تحسين العلاقات في المجتمعات التي قسّمتها الحروب.
إحدى منظّمات المجتمع المدني في سيراليون، "الحوار العائلي"، عملت على تنفيذ برنامج للمصالحة. جمعت عدداً من ضحايا الحرب الأهلية مع الجناة، وتحدّث الضحايا عن الفظائع التي ارتكبت بحقهم، فيما اعترف الجناة بما ارتكبوه وطالبوا بالصفح عنهم، من دون تعويض الضحايا مادياً أو حتى معاقبة الجناة. حدثت هذه اللقاءات في عامَي 2011 و2012، بعد مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب الأهلية في البلاد.
عمد الباحثون جاكوبس سيليرز من جامعة "جورج تاون"، وأويندريلا دوبي، بالإضافة إلى بلال صديقي الخبير الاقتصادي في مجموعة أبحاث التنمية التابعة للبنك الدولي، إلى تقييم البرنامج. التقوا 2383 شخصاً في هذه القرى، وراقبوا تعاملهم مع المقاتلين السابقين وحالاتهم النفسية وعلاقاتهم الاجتماعية. أظهرت النتائج أنّ المصالحة كانت سلبيّة وإيجابيّة في آن.
من جهة، فإنّ مسامحة مرتكبي الجرائم السابقين ساهمت في الحدّ من المشاكل في القرى، وزادت الثقة في المقاتلين بنسبة 22,2%، والمهاجرين (الذين يُظنّ أنهم مقاتلون سابقون) بنسبة 6,7%. كذلك، زاد التكافل الاجتماعي بنسبة 11%.
من جهة أخرى، أدّى البرنامج إلى زيادة نسب الاكتئاب والقلق والصدمة. على سبيل المثال، رصد الباحثون معاناة البعض من صدمات، وكانت نسبتهم أعلى بـ 36% في القرى التي طبق فيها البرنامج بالمقارنة مع تلك التي لم يطبّق فيها، فيما وصلت نسبة الذين عانوا من اضطراب ما بعد الصدمة إلى 8%.
يقول المدير التنفيذي لمؤسّسة "ابتكارات من أجل مكافحة الفقر"، آني دوفلو، إنّ هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، وتقدّم دليلاً حول المناهج المستخدمة لمساعدة وعلاج المجتمعات التي عانت أو تعاني بسبب الحرب في جميع أنحاء العالم. يضيف أنّ هذه الدراسة تشير إلى الحاجة إلى إعادة هيكلة عمليات المصالحة حتى لا تتفاقم الأمراض النفسية.
اقــرأ أيضاً
إحدى منظّمات المجتمع المدني في سيراليون، "الحوار العائلي"، عملت على تنفيذ برنامج للمصالحة. جمعت عدداً من ضحايا الحرب الأهلية مع الجناة، وتحدّث الضحايا عن الفظائع التي ارتكبت بحقهم، فيما اعترف الجناة بما ارتكبوه وطالبوا بالصفح عنهم، من دون تعويض الضحايا مادياً أو حتى معاقبة الجناة. حدثت هذه اللقاءات في عامَي 2011 و2012، بعد مرور عشر سنوات على انتهاء الحرب الأهلية في البلاد.
عمد الباحثون جاكوبس سيليرز من جامعة "جورج تاون"، وأويندريلا دوبي، بالإضافة إلى بلال صديقي الخبير الاقتصادي في مجموعة أبحاث التنمية التابعة للبنك الدولي، إلى تقييم البرنامج. التقوا 2383 شخصاً في هذه القرى، وراقبوا تعاملهم مع المقاتلين السابقين وحالاتهم النفسية وعلاقاتهم الاجتماعية. أظهرت النتائج أنّ المصالحة كانت سلبيّة وإيجابيّة في آن.
من جهة، فإنّ مسامحة مرتكبي الجرائم السابقين ساهمت في الحدّ من المشاكل في القرى، وزادت الثقة في المقاتلين بنسبة 22,2%، والمهاجرين (الذين يُظنّ أنهم مقاتلون سابقون) بنسبة 6,7%. كذلك، زاد التكافل الاجتماعي بنسبة 11%.
من جهة أخرى، أدّى البرنامج إلى زيادة نسب الاكتئاب والقلق والصدمة. على سبيل المثال، رصد الباحثون معاناة البعض من صدمات، وكانت نسبتهم أعلى بـ 36% في القرى التي طبق فيها البرنامج بالمقارنة مع تلك التي لم يطبّق فيها، فيما وصلت نسبة الذين عانوا من اضطراب ما بعد الصدمة إلى 8%.
يقول المدير التنفيذي لمؤسّسة "ابتكارات من أجل مكافحة الفقر"، آني دوفلو، إنّ هذه الدراسة هي الأولى من نوعها، وتقدّم دليلاً حول المناهج المستخدمة لمساعدة وعلاج المجتمعات التي عانت أو تعاني بسبب الحرب في جميع أنحاء العالم. يضيف أنّ هذه الدراسة تشير إلى الحاجة إلى إعادة هيكلة عمليات المصالحة حتى لا تتفاقم الأمراض النفسية.