الحدادي.. آخر المنضمين إلى قافلة اللاعبين العرب بمنتخبات أجنبية

06 سبتمبر 2014
لاعبون تم تجنيسهم في منتخبات غير بلادهم الاصلية (Getty)
+ الخط -

لطالما عانت الدول العربية على مدار العقود الماضية من أزمة تصاعد موجات هجرة المواهب العربية إلى دول أوروبا، الأمر الذي أفسح المجال أمام تفجر الكثير من المواهب والطاقات خارج حدود الوطن الأم، لتستفيد الدول المستقبلة من هذه المواهب.

المتتبع لرياضة كرة القدم، يلحظ أنها هي الأخرى لا تشذ عن هذه القاعدة، فغالباً ما تستفيد الدول المستقبلة للمهاجرين من مهارات اللاعبين العرب الذين يُولدون على أراضيها، مواطنين لها؛ إذ يدخل إمكانية تطوير الذات فنياً ومادياً ضمن أولويات حُلم أي لاعب كرة قدم يتطلع إلى المجد والارتقاء رياضياً.

ويجد اللاعب صاحب الأصول العربية نفسه بين مطرقة رفض تلبية نداء القلب والهوية الوطنية العربية، وسندان الإغراءات المادية العديدة المضمونة له في حال قرّر اللعب لمنتخبات أوروبية تتمتع بإمكانات ضخمة، سواء على الصعيد الفني أو حتى المادي.

لذلك، يُواجه مسؤولو كرة القدم في الدول العربية بدورهم، صعوبات جمة في إمكانية إقناع النجوم الصاعدين ذوي الجنسيات المزدوجة، والمنحدرين من أصول عربية، في اللعب وتعزيز صفوف منتخباتهم القومية على حساب منتخبات أخرى لها باع طويل في اللعبة الشعبية الأولى عالمياً.

الحدادي فجّرها!
ولعل واقعة مهاجم نادي برشلونة الإسباني، منير الحدادي، الأخيرة هي خير دليل على ذلك، حيث بات اللاعب صاحب الأصول المغربية، لاعباً في المنتخب الإسباني الأول لكرة القدم، وذلك بعدما استدعاه المدير الفني للمنتخب الإسباني ديل بوسكي، للانضمام إلى صفوف منتخب "لا فوريا روخا" لتعويض غياب المهاجم-البرازيلي الأصل أيضاً-دييجو كوستا.

وأغلق المدرب الإسباني الباب في وجه مدرب المنتخب المغربي، بادو الزاكي، الذي كان يُخطط لاستدعائه إلى صفوف منتخب أسود أطلس، لتمثيل المنتخب في مباراتيه أمام أفريقيا الوسطى وكينيا، استعداداً لخوض بطولة أمم أفريقيا 2015 التي ستقام على الأراضي المغربية مطلع العام الجديد.

زيدان مُلهم الأجيال
وتزخر ذاكرة كرة القدم بنخبة من اللاعبين أصحاب الأصول العربية، والذين فضلوا ارتداء قمصان منتخبات عالمية كبيرة على حساب منتخباتهم الوطنية العربية؛ لعل أبرزهم أسطورة كرة القدم الفرنسية واللاعب صاحب الأصول الجزائرية، زين الدين زيدان.

ووُلد أسطورة كرة القدم الفرنسية في الثالث والعشرين من شهر يونيو/حزيران في عام 1972 لأبوين جزائريين مهاجرين إلى فرنسا، وهما إسماعيل ومليكة اللذين يعودان إلى منطقة القبائل في شمال الجزائر.

وكان بوسع "زيدان" المفاضلة بين اللعب للمنتخب الفرنسي أو الجزائري، لكنه قرّر اللعب في ما بعد لمنتخب فرنسا بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة التي مر بها بلده الأم، وبالفعل فقد أصبح "زيدان" الرجل الأول في عاصمة الأنوار، بعدما قاد المنتخب الفرنسي للتتويج بلقب كأس العالم لكرة القدم 1998، وأتبعه بكأس أمم أوروبا ثم كأس القارات.

ولم يجد صانع ألعاب المنتخب الفرنسي ونادي ريال مدريد الإسباني السابق، أي حرج يُذكر في التعبير عن فخره بالانتماء لأصول جزائرية، وذلك خلال مقابلة صحافية أمام الملأ على هامش المباراة التاريخية التي جمعت المنتخب الفرنسي بمنتخب محاربي الصحراء، عام 2001 على ملعب سان دوني.

منتخب فرنسا.."نصيب الأسد"
وقد دفع تألق "زيدان" اللافت رفقة منتخب "الديوك" مسؤولي اتحاد الكرة الفرنسي لإغراء اللاعبين مزدوجي الجنسية وضمهم على غرار كريم بنزيمة وسمير نصري، اللذين ينحدران من أصول جزائرية، فضلاً عن حاتم بن عرفة التونسي الأصل، وعادل رامي صاحب الأصول المغربية.

ورغم أصول "بنزيمة" الجزائرية، إلا أن مهاجم نادي ريال مدريد الإسباني، فضل تمثيل فرنسا دولياً كحال غيره من مواطنيه، أمثال الأسطورة المعتزل زين الدين زيدان، وزميله  سمير نصري، نجم نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي.

وتألق "بنزيمة" بشكل لافت في بطولة كأس العالم الأخيرة ليُعيد للأذهان ذكريات تألق أسطورة كرة القدم الفرنسية، الجزائري الأصل زين الدين زيدان، الذي قاد المنتخب الفرنسي للفوز بلقب كأس العالم 1998، بعد أن سجّل هدفين برأسيتين متقنتين في المباراة النهائية أمام البرازيل ليتحول آنذاك إلى بطل شعبي في عاصمة النور.

أما سمير نصري، فقد فضل الدفاع عن ألوان المنتخب الفرنسي، وذلك لتعويض سنوات الحرمان التي عاشها في طفولته حيث نشأ في عائلة ذات أصول جزائرية، في أحد الأحياء الفقيرة في الضواحي الشمالية للمدينة، ووسط أجواء التشاؤم ضمن المنطقة المكتظة بالمباني الخرسانية المسلحة.

وسجّل "نصري" بدايته الدولية عام 2009 حينما كان في التاسعة عشرة من عمره وخاض منذ حينها 41 مباراة دولية، مُحرزاً 5 أهداف، لكن مسيرته مع المنتخب كانت مثيرة للجدل على غرار ما حصل في كأس أمم أوروبا 2008 حين دخل في مشادة مع زملائه المخضرمين، أو في الكأس القارية عام 2012 عندما تهجم على أحد الصحافيين بعد خروج بلاده، ما تسبب بإيقافه لثلاث مباريات.

وأعلن لاعب وسط نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، اعتزاله اللعب مع منتخب فرنسا "مُبكراً" وذلك بعد خلافات مع ديدييه ديشان مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم ووسائل الإعلام الفرنسية.

من جانبه، فضل لاعب وسط المنتخب الفرنسي من أصول تونسية، حاتم بن عرفة، اللعب لمنتخب الديوك، ورفض ارتداء قميص منتخب "نسور قرطاج" وذلك عندما تم استدعاؤه من جانب سامي الطرابلسي المدير الفني السابق لنسور قرطاج، حيث جاء ذلك بعدما تم استدعاؤه لتمثيل المنتخب الفرنسي الأول في بطولة أوروبا عام 2012.

أما اللاعب صاحب الأصول المغربية، عادل رامي، فقد أدار ظهره هو الآخر لمنتخب موطنه الأم، وقرّر الدفاع عن ألوان منتخب "الديوك" حيث رفض في عام 2008 الانضمام إلى صفوف منتخب المغرب مفضلا انتظار استدعائه للمشاركة مع منتخب فرنسا، وهو ما حدث تماماً بعد ذلك.

مروان فيلايني.. رفضوه فعاقبهم!
لم يكن عشاق كرة القدم العرب يعلمون أنّ آمالهم المعقودة على المنتخب الجزائري  في بطولة كأس العالم 2014 في البرازيل، ستتعقد في بداية مشوارهم على يد لاعب ينحدر من جذور عربية، لكن هذا قد حدث خلال مباراة منتخب "محاربي الصحراء" الأولى، فقد قاد البلجيكي صاحب الأصول المغربية، مروان فيلايني، منتخب بلجيكا للفوز على نظيره الجزائري.

وأحرز اللاعب صاحب الأصول المغربية "هدفاً" في مباراة منتخب بلاده البلجيكي، ليقوده لتحويل تأخره بهدف إلى فوز بهدفين على المنتخب الجزائري، ممثل العرب الوحيد، في المباراة التي أقيمت على ملعب "جوفيرنادور ماجاليس" في افتتاح مباريات المجموعة الثامنة من بطولة كأس العالم 2014.

ولنجم المنتخب البلجيكي قصة مع كرة القدم تبدو عصية على التصديق من فرط غرابتها، فاللاعب الذي اشتراه نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي في الساعات الأخيرة من الانتقالات الصيفية في الموسم الماضي (2013/2014) بمبلغ قدر بـ27.5 مليون جنيه إسترليني لعب لمنتخب بلجيكا بالصدفة، بعدما تم رفضه في المنتخبين المغربي والجزائري.

وبحسب تقارير مغربية، فإنّ "فيلايني" قد عرض نفسه على الاتحاد المغربي لكرة القدم قبل سنوات، إلا أن فتحي جمال – المدير الفني السابق للمنتخب المغربي للشباب ــ لم يُقنعه أداء فيلايني آنذاك، وطلب منه الرحيل.

وأصيب اللاعب "آنذاك" بخيبة أمل كبيرة لدرجة أنه كان ينتظر أيضاً استدعاء من محمد روراوة، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، من أجل الانضمام إلى "الخضر" على غرار سفير تايدر الذي ينحدر هو أيضاً من أم جزائرية وأب تونسي، لكن ذلك لم يحدث، ومن المفارقات أن المنتخب الجزائري قد دفع ثمن خطأ المسؤولين حين ساهم فيلايني في فوز منتخبه بلجيكا بهدفين مقابل هدف.

وليس ببعيد عن فيلايني، فإن المنتخب البلجيكي يضم في صفوفه لاعباً من أصول مغربية، وهو ناصر الشاذلي، المولود في عام 1989 بمدينة لوتيش البلجيكية ويحمل جنسية البلدين.

ورغم أنّ "الشاذلي" قد دافع عن ألوان المنتخب المغربي الأول لكرة القدم في مباراة ودية، واستطاع إحراز هدف المغرب الوحيد في المباراة أمام أيرلندا الشمالية التي انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1، واختير رجل المباراة، إلا أنّه قد قرر اللعب لصالح منتخب بلجيكا.

وأثار قرار اختيار "الشاذلي" للعب ضمن صفوف المنتخب المغربي جدلاً كبيراً في الشارع الرياضي البلجيكي، لدرجة أن وسائل الإعلام البلجيكية انتقدت مدرب منتخب المغرب إيريك غيريتس ووصفته بـ"الخائن" بعد ضمه الشاذلي لتشكيلة المغرب الذي كان "غيريتس" يُشرف على تدريبه، لكن اللاعب المغربي الأصل قد حسم موقفه في ما بعد، وقرّر رسمياً اللعب لمنتخب بلجيكا بعد طول انتظار.

خضيرة مع المانيا

وجه المنتخب الألماني بوصلته تجاه اللاعبين العرب، ونجح في إقناع اللاعب التونسي الأصل سامي خضيرة لاعب ريال مدريد الإسباني الذي رفض في 2007 تعزيز منتخب تونس، في الانضمام إلى صفوف "الناسيونال مانشافت".

وبات "خضيرة" المولود في مدينة شتوتجارت لأب تونسي وأم ألمانية، من رموز التشكيلة الألمانية المتعددة الثقافات، والتي نجحت في الفوز ببطولة كأس العالم 2014، والتي اختتمت مؤخراً في البرازيل.

وسبق للاعب التونسي أن أطلق تصريحاً لموقع "سي.أن.أن" الأميركي قال فيه:- "لم تتأهل تونس إلى كأس العالم، لذلك أنا ممثلهم الوحيد هنا، بإمكاني إسعاد دولتين. لكن عائلتي في تونس تدرك أن سامي ألماني ويريد الفوز في كأس العالم مع ألمانيا".

الشعراوي يعتذر للمنتخب المصري
أما مهاجم نادي ميلان الإيطالي، ستيفان الشعراوي، فقد تلقى هو الآخر طلباً من الاتحاد المصري لكرة القدم للانضمام إلى صفوف منتخب الشباب، إلا أنه اعتذر عن الطلب لرغبته في الدفاع عن ألوان المنتخب الإيطالي الأول لكرة القدم.

واعترف نجم النادي اللومباردي الشاب ذو الأصول المصرية، بأن عائق اللغة وإصرار والدته كانا سببين كافيين لتفضيله اللعب مع المنتخب الإيطالي بدلاً من المصري.

المساهمون