الحاج أبو محمد: ربما لا أزور بيت الله الحرام مجدداً

27 سبتمبر 2018
"حرماننا من أداء شعائرنا أمر خطير" (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يعرف الحاج أبو محمد وطنه المحتل قطّ. هو لم يتخطَّ بعد الخمسينيات من عمره، في حين أنّ عائلته تهجّرت من فلسطين، وتحديداً من مدينة صفد في الجليل، ولجأت إلى لبنان في خلال نكبة عام 1948. في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوبي لبنان، أبصر الحاج أبو محمد النور ونشأ قبل أن يستقرّ في منطقة سيروب شرقي مدينة صيدا (جنوب).

ربّما، في يوم من الأيام، يتمكّن الحاج أبو محمد من التعرّف إلى أرض أجداده المحتلة، أو ربّما يبقى ذلك حلماً مستحيلاً. والأحلام التي تبدو مستحيلة بالنسبة إلى أبو محمد، كثيرة. لعلّ أحدها زيارة بيت الله الحرام مرّة جديدة، وسط ما يجري تناقله من أخبار حول قرار اتخذته أخيراً السعودية يقضي بعدم منح تأشيرة سفر للفلسطينيين الذين يحملون فقط وثيقة سفر. وهذه حاله وحال كلّ اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

ثمّة ما يعزّي الحاج أبو محمد وهو أنّه أدّى فريضة الحج قبل مدّة قصيرة، في أغسطس/ آب الماضي. هو لم يكن ينوي ذلك في خلال هذا العام، على خلفية الظروف المعيشية الصعبة التي لا تسمح لاثنَين من الأسرة بالذهاب معاً إلى الحج. لكنّه رأى نفسه في النهاية، ملزماً بمرافقة زوجته التي كانت ترغب في إتمام تلك الفريضة. ويخبر أنّه حاول إرسال زوجته في حملة خاصة من دونه، غير أنّ طلبها رُفِض لضرورة أن يرافقها محرم. وهذا ما كان.

تجدر الإشارة إلى أنّ الحاج أبو محمد يعمل سائق سيارة أجرة، بالتالي فإنّ ما يجنيه متواضع جداً في مقابل متطلبات الحياة الباهظة، لا سيّما بالنسبة إلى ربّ أسرة. وقبل أن يبدأ عمله هذا، كان الحاج أبو محمد سائق شاحنة في إحدى الشركات التي تبيع الإسمنت والحديد، لكنّه صُرِف منها من دون أن يحصل على أيّ تعويض بحجة أنّه فلسطيني، بحسب قوله.




يشير الحاج أبو محمد إلى أنّ "رحلة الحجّ كانت ميسّرة، باستثناء الرفض الذي تعرّضت إليه زوجتي في البداية. وقد حججنا مستندين إلى وثيقة السفر الفلسطينية. وثيقتنا كانت صالحة لمرّة واحدة من أجل إتمام الحج. وعند عودتنا من السعودية إلى لبنان، سلّمناها إلى الأمن العام اللبناني في مطار بيروت". ويوضح الحاج أبو محمد أنّه "في حال كانت الوثيقة صالحة لمدة خمسة أعوام، فيحقّ لصاحبها الاحتفاظ بها".

بالنسبة إلى الحاج أبو محمد وإلى كثيرين غيره، فإنّ احتمال حرمانهم التوجّه إلى مكة المكرمة لأداء شعائرهم الدينية في المستقبل أمر خطير بالتأكيد، لا سيّما أنّ الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة فرضه الله على من يستطيع إليه سبيلاً من المؤمنين.
المساهمون