ووفق المصادر ذاتها، فإنّ القوات المسلحة المغربية حركت بعض قواتها العسكرية نحو العيون بالصحراء، في أول ردّ فعل ميداني أعقب التحرك السياسي والحكومي والبرلماني الذي دشّنته الرباط يوم أمس، من خلال اجتماعات البرلمان ورسالة ممثل المغرب في الأمم المتحدة، عمر هلال، إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي.
وبهذه الخطوة الجديدة المتعلقة بتحريك بعض القوات العسكرية إلى المدن الصحراوية الكبرى، يسير المغرب في اتجاه تنفيذ تلويحه بالحرب ضد "البوليساريو"، جراء اتهامه لها بالقيام بتحركات استفزازية في المناطق العازلة المشمولة باتفاق نزع السلاح منذ 1991.
بالمقابل لم تقف "جبهة البوليساريو" مكتوفة اليدين أمام الخطوات المغربية الرسمية، إذ صرح امحمد أخداد المنسق مع بعثة "مينورسو" الأممية، بأن "الجبهة بقدر ما هي ملتزمة بالاتفاقية العسكرية التي تحكم وقف إطلاق النار، فهي أيضا في منتهى الجاهزية والاستعداد والصرامة للرد على أي تحرك مغربي".
وأوضح القيادي في "البوليساريو" أن ما سماه "جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي قاد الميدان وخبر كيف يدير المعارك ويحسمها، سيكون بالمرصاد لأية محاولة من الجيش المغربي"، متابعا أن "المغرب اليوم لا خيار أمامه غير الخضوع للشرعية الدولية والقانون الدولي".
ويرى مراقبون أن الخطوات المغربية المتسارعة، والحديث عن تعبئة وطنية في المغرب حيال ملف الوضع في الصحراء، إنما تروم أحد ثلاثة أهداف رئيسية، أولها، وهو الأقرب إلى التحقق، من الناحية الزمنية والدبلوماسية، إرغام مجلس الأمن على استصدار قرار يأمر "البوليساريو" بسحب معداته وعساكره من المنطقة العازلة في بئر الحلو والمحبس وتيفاريتي.
أما الهدف الثاني من المواقف المغربية المتسارعة، فيبدو أنه يسير باتجاه مواجهة عسكرية محدودة جغرافياً في الصحراء، خاصة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي الذي أقامه الجيش المغربي في الصحراء، وهي حرب ممكن وقوعها، بحسب مراقبين، لكنها لن تحدث إلا في حال لم يتضمن تقرير مجلس الأمن المرتقب، أواخر إبريل/نيسان، أي إشارة تنتقد تحركات "البوليساريو".
ويتجسد الهدف الثالث من هذه التحركات المغربية في تسجيل نقطة في ملف نزاع الصحراء، وإظهار أن الرباط بدأت تفقد صبرها إزاء ما تقوم به "البوليساريو"، خاصة عند نقل معداتها إلى منطقة بئر الحلو، واعتزام نقل "وزارة الدفاع" إلى هناك، فضلاً عن إرغام القوى الدولية، لاسيما الولايات المتحدة، على اتخاذ موقف الحياد الواجب في الملف، خصوصاً بعد زيارة السفير الأميركي لدى الجزائر، جون ديدروشر، مخيمات تندوف قبل أيام قليلة.