الجيش المصري يحاول إنهاء سيطرة "داعش" في محيط بئر العبد

12 اغسطس 2020
لم يحرز الجيش تقدماً في المواجهة البرية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت الأيام القليلة الماضية محاولات حثيثة للجيش المصري لإنهاء سيطرة تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش"، على خمس قرى في نطاق مدينة بئر العبد في محافظة شمال سيناء شرقي البلاد، باستخدام القصف المدفعي، وشن الغارات الجوية التي استهدفت القرى وأدت إلى تدمير عشرات المنازل والمحال التجارية والمؤسسات الحيوية، لتستمر سيطرة التنظيم على القرى للأسبوع الرابع على التوالي، فيما ينتظر آلاف النازحين عودتهم إلى قراهم، في حال تمكّن الجيش من بسط سيطرته عليها خلال الفترة المقبلة.
وعن تفاصيل الوضع الميداني، قالت مصادر قبلية، لـ"العربي الجديد"، إن الجيش المصري يعمل منذ أيام على مخطط الدخول إلى القرى التي يسيطر عليها "داعش" من عدة محاور بشكل متزامن، بغطاء جوي وقصف مدفعي مكثف على المناطق المستهدفة، في حين أنه لم يحرز تقدماً في المواجهة البرية، في ظل تعرّض القوات لهجمات دموية من قبل مقاتلي التنظيم، الذين بنوا خلال الفترة الماضية تحصينات دفاعية وبشرية، برفد حدود القرى المُسيطر عليها بعشرات المقاتلين المدججين بأسلحة خفيفة ومتوسطة.

يعتمد التنظيم في بسط سيطرته الميدانية على عدة قرى على حدود مفتوحة من كل الجهات

وأضافت المصادر أن الطيران الحربي شنّ عشرات الغارات خلال الأيام الماضية على قرى رابعة وقاطية واقطية والجناين والمريح والمناطق الصحراوية المحيطة بها، إلا أن "ولاية سيناء" لم يعلن عن أي خسائر لديه، وكذلك قوات الجيش المصري لم تفد بخسائر لديها أو في صفوف التنظيم، مشيرةً إلى خشية من تدمير المنازل والبنى التحتية بشكل كامل، وهذه كارثة حقيقية إن اتجه الجيش إليها، في ظل وجود عدد من المدنيين في القرى لم يتمكنوا من مغادرتها في بداية الأحداث، وآخرين يرفضون الخروج من منازلهم لعدم وجود مسكن بديل خارج قراهم، علاوة على معاناة مئات الأسر التي باتت في العراء لعدم وجود اهتمام حكومي بهم، ومأساتهم المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على التوالي.

وفي سياق متصل، وتخوفاً من استمرار سيطرة "داعش" على القرى لفترة أطول، قرر محافظ شمال سيناء اللواء محمد شوشة منح الموظفين العاملين في الوحدات المحلية والصحية في القرى، إجازة استثنائية مفتوحة حتى انتهاء سيطرة "داعش" عليها، فيما اضطر المحافظ إلى صرف 1000 جنيه (نحو 63 دولارا أميركيا) لكل أسرة نازحة من القرى بشكل شهري، وتوفير معونات عينية لهم، بعد موجة الاستياء التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي وأوساط النازحين، إثر قرار المحافظة صرف 500 جنيه فقط كمساعدة للنازحين، بدلاً من توفير كافة المستلزمات التي يحتاجونها، وفي مقدمتها المسكن الجيد بدلاً من المبيت في العراء أو لدى مواطنين آخرين.

محاولات الجيش لإعادة السيطرة على القرى قد تنجح في حال غيّر من تكتيكات الحرب التقليدية

وتعقيباً على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار سيطرة التنظيم على القرى بعد مرور ثلاثة أسابيع كاملة، ودخول السيطرة أسبوعها الرابع، أي شهرا كاملا، يشير إلى عدة أمور، أهمها اعتماد التنظيم المسلح على خطط حرب العصابات التي يرتكز عليها في تحركاته وهجماته في سيناء منذ سبع سنوات، وثانيها اعتماد التنظيم الإرهابي في بسط سيطرته الميدانية على عدة قرى بمساحة واسعة، على حدود مفتوحة من كل الجهات، لتسهل له إمداد مجموعاته المنتشرة في هذه القرى بالأفراد والسلاح والعتاد والطعام طيلة الفترة الماضية، على الرغم من انتشار الجيش المصري على الطريق الدولي ومحيط القرى. واعتبر أن من شأن ذلك أن يزيد أطماع التنظيم في مرحلة لاحقة، بينما لم تستخدم قيادة عمليات الجيش المصري، كافة أوراق القوة في مواجهة "ولاية سيناء" منذ اللحظة الأولى لوقوع هجوم معسكر رابعة والذي مهد لسيطرة التنظيم على القرى الخمس.
ورأى الباحث أن محاولات الجيش لإعادة السيطرة على القرى قد تنجح في حال غيّر من تكتيكات الحرب التقليدية التي ما زال يستخدمها في مواجهة التنظيم، وكذلك استخدام أوراقه العسكرية كافة في المواجهة، لما تمثله خطوة السيطرة على الأرض من خطورة على الحاضر والمستقبل في سيناء ومحيطها، وذلك كله يتأتى بالتزامن مع دعم النازحين واحتضانهم، في ظل رفضهم للبقاء في منازلهم مع وجود التنظيم الإرهابي في قراهم، ليفسحوا المجال أمام عمليات الجيش المصري، من دون إيذاء المدنيين.
يشار إلى أن التنظيم الإرهابي سيطر على القرى الخمس في 21 يوليو/تموز الماضي، في أعقاب هجوم دموي استهدف المعسكر 118 في قرية رابعة، وكمائن أخرى للجيش والشرطة في المنطقة نفسها، أدت لمقتل وإصابة العشرات من العسكريين، وعدد من المدنيين. وهو لا يزال يسيطر على القرى، بعد نزوح غالبية سكانها إلى القرى المجاورة ومركز مدينة بئر العبد، في حين يحاول الجيش إعادة سيطرته عليها، بقيامه بحملات عسكرية وأمنية في محيطها منذ أيام، إلا أنها لم تحسم بعد الموقف على الأرض، فيما وقعت خسائر مادية وبشرية في صفوف المدنيين، كان آخرها مقتل طالب وإصابة آخرين بإطلاق النار من الجيش المصري على "ميكرو باص"(حافلة صغيرة) لطلاب قرب القرى المسيطر عليها من "داعش".

المساهمون