ثمة تنافس كبير، غير معلن، يشبه السباق، بين القوات العراقية النظامية ومليشيات "الحشد الشعبي"، على غنائم تنظيم "داعش" ومخلفاته الحربية التي تقدّر بعشرات الأطنان من الأسلحة والمتفجرات والذخائر، التي لا تزال تغصّ بها المدن العراقية المحررة ومناطق زراعية وصحراوية شمال وغرب البلاد. دفن التنظيم الإرهابي غالبية هذه الأسلحة في مخابئ تحت الأرض، قبل فراره من المناطق التي كان يحتلّها
وتحاول فصائل "الحشد الشعبي" رفع قدراتها العسكرية، من خلال الاستعانة بمخازن الأسلحة تلك، التي تضم صواريخ وأسلحة متوسطة ومدافع وقذائف هاون وكميات كبيرة ومتنوعة من الذخائر الحربية الأخرى، في الوقت الذي يقوم فيه الجيش والشرطة العراقيان بجمعها وتفجيرها في مناطق بعيدة عن المدن، بشكل تستحيل معه الاستفادة منها، وخاصة من العبوات الناسفة والألغام التي يثير استيلاء "الحشد" عليها مخاوف كبيرة لدى الحكومة، فضلاً عن تخوف مكونات سياسية عراقية من ولادة كيان طائفي موازٍ للجيش العراقي، أو تكرار السيناريو اللبناني، وبشكلٍ أوسع وأقوى.
ويقول ضابط في وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحشد الشعبي يبدو كأنه في سباق وتنافس مع القوات العراقية على عمليات تفتيش معسكرات "داعش"، ومناطق وجوده، فمنذ انتهاء العمليات العسكرية، يوزع "الحشد" فصائله في محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين وكركوك، حيث ينفذ عمليات عسكرية يومية، للبحث عن مخازن السلاح بهدف الاستيلاء عليها ونقلها الى مقراته، رافضاً إدخالها ضمن الموقف اليومي للعمليات".
ويعتبر الضابط الرفيع أنّ "تلك العمليات لا تهدف إلى القضاء على جيوب وبقايا "داعش"، بقدر ما هي سعي للحصول على كميات الأسلحة والعتاد التي تركها التنظيم"، مبيناً أنّ "الحشد لا ينسحب من مناطق "داعش" التي تم تحريرها، حتى ينفذ عمليات بحث وتقصٍ عن مخازن سلاحه، وهو استطاع اكتشاف مخازن كبيرة تحت الأرض، واستولى على الأسلحة التي بداخلها".
ويشير المصدر العسكري العراقي إلى أنّ "عمل الحشد وتحركاته منذ انتهاء العمليات العسكرية، يتم بمعزل عن القوات العراقية الأخرى، فلا يوجد أي تنسيق بين الطرفين، خصوصاً أنّ وجود القوات العراقية يؤثر على حصول الحشد على مخازن السلاح"، مؤكداً "تضخم ترسانة "الحشد الشعبي" اليوم بمعدل الضعف منذ انتهاء المرحلة العسكرية المباشرة مع "داعش"، إذ بات يملك مخازن كبيرة في بغداد ومحافظات أخرى، تحوي كميات متنوعة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة تعجز الحكومة العراقية عن وضع يدها عليها".
ويؤكد مسولون قريبون من "الحشد" أنّ أكبر مخازن سلاحه موجودة في المحافظات الجنوبية، وفي المناطق التي تمّ تحريرها من "داعش".
بدوره، يقول مسؤول سياسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "منطقة جرف الصخر في محافظة بابل، التي يسيطر عليها الحشد منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومنع أهلها من العودة إليها، تضم مخازن كبيرة جداً للسلاح والعتاد، تخضع لحراسة مشددة".
ويؤكد أنّ "كافة المناطق المحررة التي يوجد فيها الحشد، تضم مخازن كبيرة جداً، وكميات أسلحة لا توجد لدى وزارة الدفاع"، داعياً الحكومة إلى "جرد تلك المخازن ومعرفة مدى الجدوى من وجود هذه الكميات الكبيرة من الأسلحة" لدى هذه المليشيات.
إلى ذلك، يحذر أمنيون من خطورة وجود تلك الأسلحة لدى "الحشد"، التي لا يجوز أن تمتلكها إلا قوات الجيش.
ويرى الخبير الأمني غزوان العزاوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وجود تلك الأسلحة لدى الحشد يشكل خطراً كبيراً على الشارع العراقي، خصوصاً في ظلّ الظروف السياسية المرتبكة التي تمرّ بها البلاد"، معتبراً أنه "لا يمكن لفصائل مسلحة أن تخزن كل هذه الكميات الكبيرة من السلاح".
كذلك يدعو الحكومة إلى "ضرورة التحرك لأجل حصر السلاح بيد الدولة، وعدم بقائه بيد فصائل مسلحة ومليشيات لا يمكن ضبطها".
وكان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي قد دعا، أمس السبت، إلى ضرورة الحفاظ على حيادية ومهنية القوات المسلحة العراقية، محذراً من خطورة وسلطة الأحزاب على عملها، وداعياً إلى حصر السلاح بيد الدولة.