ولا يعتبر اللاجئون استثناء من المشهد العام في الحدود، خاصة بظل الظروف الراهنة مع تدني درجات الحرارة والخطر الناجم عن فيروس كورونا الذي قد يهدد حياة الآلاف هناك.
ويبدو أن آمال العالقين بالوصول إلى أوروبا قد تنتهي خلال الأيام المقبلة، حيث أكدت مصادر متطابقة في منطقة بازار كوليه أن كثيراً من العوائل السورية ستترك الحدود وستعود للمدن التركية التي كانت تقيم فيها، حيث يُقدر عدد السوريين هناك بما بين 800 و1000 لاجئ، وهم النسبة الأقل من بين الموجودين في المنطقة الحدودية بين تركيا واليونان.
أما عن مخاوف انتشار فيروس كورونا بين اللاجئين، فأوضحت المصادر أن الأمن التركي وزع كاميرات حرارية في أماكن تجمع اللاجئين للمساعدة في الكشف عن وجود أي إصابة بالفيروس، لكن لا يتم إجراء أي فحوصات للراغبين بالعودة لمناطقهم بواسطة الباصات المنتشرة في المنطقة، والتي يمكن للراغبين استقلالها للعودة إلى المدن التي كانوا يقيمون فيها قبل قدومهم.
ولجأ الجيش اليوناني وقوات الأمن لاستخدام القوة لإجبار اللاجئين الذين توافدوا للمنطقة منذ السابع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، على العودة إلى تركيا، حيث قضى الشاب السوري أحمد أبو عماد 18 عاماً برصاصة أطلقها الجيش اليوناني اخترقت حنجرته، وطوال الأيام الماضية أُجبر الكثير من اللاجئين الذين تمكنوا من دخول الأراضي اليونانية على خلع ملابسهم حيث جردوا من ممتلكاتهم وتعرضوا للضرب على يد قوات الأمن اليونانية.
وقال محمود: "اليوم يشتكي اللاجئون من قلة عدد الأغطية التي توزع عليهم فهي لا تكفي أفراد العائلة ولا تقيهم من برودة الطقس، حيث تصل درجات الحرارة لما دون درجة الصفر المئوية، وهناك حالة من العشوائية والفوضى بين السوريين.
وأضاف محمود: "اليوم كان هناك شح في الوجبات الغذائية الممنوحة من الجانب التركي للاجئين السوريين، ويبدو أن ذلك لإجبارهم على العودة، حيث وزعت الوجبات في الصباح على النساء والأطفال فقط أما الشبان فحرموا منها حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، والوجبة هي وجبة واحدة في اليوم عبارة عن نصف قطعة من خبز السمّون وبسكويت وقارورة مياه بحجم 500 ميليلتر وعبوة من العصير بحجم 100 مليليتر"
وتابع محمود "السعيد من يحصل على وجبة كاملة في اليوم، حيث تقدم هذه الوجبات من الهلال الأحمر التركي ومنظمة أسام، أما الرعاية الطبية فلا ينالها سوى الأطفال، ويتم إعطاؤهم الأدوية في مركز الهلال الأحمر التركي فقط، وتسري شائعات أن وجبات الطعام التي توزع على اللاجئين سيتم إيقافها.
وتم اليوم تسفير عدد من الشبان من مختلف الجنسيات، من بينهم سوريون بعد ضربهم من قبل قوات حرس الحدود التركي وحتى منعوا من أخذ حاجياتهم معهم. وجاءت سيارات للمنطقة تابعة للأمن وأجبرت بعض الشبان على المغادرة والذين حاولوا الهروب تعرضوا للضرب، كما تم منع أي شخص من الخروج إلى القرية المجاورة لشراء بعض الحاجيات كالطعام والشراب وحتى شحن أجهزة الهاتف المحمول، وقد أجبر الجوع عدداً من الأشخاص على الخروج بالباصات الموجودة، والمنطقة منع الدخول لها منذ أربعة أيام".
وكانت وكالة الأناضول أشارت اليوم، في تقرير، إلى أن اللاجئين عند الحدود اليونانية في ولاية أدرنة غربي تركيا يستحمون في مياه نهر "مريج" الفاصل بين البلدين، ويعمدون لإشعال النار بهدف تسخين المياه التي يجلبونها من النهر لتنظيف أنفسهم، إضافة لاستعمال المياه في غسل الملابس وتنظيف الأواني أيضا للحلاقة، حيث طالت ذقون الشبان المتواجدين هناك منذ نحو 19 يوما.
بدوره، قال الشاب علي، أحد المتواجدين في منطقة بازار كوليه لـ"العربي الجديد": "البارحة عند الساعة الثالثة ليلاً، سرت شائعات أن السلطات اليونانية فتحت المعبر بين البلدين وستسمح للاجئين بالدخول لأراضيها، وتوجهت مع شبان كثر إلى منطقة المعبر حيث بدأت القوات اليونانية في المنطقة بإطلاق الغاز المسيل للدموع علينا هناك، لنعود أدراجنا، وتبين أن الأمر عبارة عن شائعة لا أكثر".
وأضاف "لا أعلم إلى متى سنبقى على هذه الحال لكني حسمت أمري وسأغادر في أقرب فرصة لكن لا أريد المغامرة بأن يتم ترحيلي إلى سورية".
وفقد خليل (42 عاماً) الاتصال بقريبه عند منطقة بازار كوليه منذ أيام، وأوضح لـ"العربي الجديد" أنه كان قد توجه قبل نحو 10 أيام للمنطقة، ويشك أنه لم يتمكن من العبور مع أفراد عائلته إلى اليونان، لذلك لم يسلم البيت الذي كان يعيش فيه بمدينة أنطاكيا في إقليم هاتاي جنوب تركيا لصاحبه، وكان قد أخذ خيمة له ولأفراد عائلته تحسباً لتدهور الأوضاع، ولا أعتقد أنه عاد للمدينة، لأنه سيبلغنا مباشرة بذلك".
ويبدو أن المخاوف من فيروس كورونا ليست كبيرة لدى اللاجئين السوريين هناك، كونهم بمنطقة معزولة ولا يسمح للوافدين الجدد بدخولها، لكن ما يزيد صعوبة الوضع الإنساني انخفاض درجات الحرارة وانتشار الأمراض بين الأطفال.
وكانت أزمة اللاجئين عن الحدود اليونانية التركية بدأت في 27 من فبراير/ شباط الماضي، مع إعلان السلطات التركية أنها لن تعيق حركة اللاجئين باتجاه أوروبا، وذلك على خلفية تدفق النازحين السوريين نحو الحدود السورية التركية عقب العمليات العسكرية التي شنها النظام السوري بدعم وإسناد روسي، حيث أجبرت هذه العمليات نحو 1.7 مليون شخص على النزوح منذ التوصل لاتفاق المنطقة الآمنة في إدلب.