تجري أحزاب التحالف الرئاسي الجزائري الأربعة الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشاورات غير معلنة معه لعقد ندوة "إجماع وطني" في 10 يناير/ كانون الثاني المقبل، قبل أربعة أيام من استدعاء الهيئة الناخبة لانتخابات الرئاسة في إبريل/ نيسان المقبل، التي قد لا تتم في موعدها الدستوري.
في هذا السياق، أكد مصدر في الحكومة الجزائرية لـ"العربي الجديد"، أن "أحزاب التحالف الرئاسي الأربعة، جبهة التحرير الوطني برئاسة بوتفليقة، والتجمّع الوطني الديمقراطي بقيادة رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وتجمّع أمل الجزائر بزعامة وزير الأشغال العمومية السابق عمار غول، والحركة الشعبية الجزائرية بقيادة وزير التجارة السابق عمارة ين يونس، تدرس في الوقت الحالي فكرة الدعوة إلى عقد مؤتمر وفاق وإجماع وطني في 10 يناير/ كانون الثاني المقبل، تحت عنوان (الإجماع الوطني)، وتُدعى إليه قوى المعارضة والنقابات العمالية والنقابات المستقلة ورؤساء حكومات سابقون وشخصيات وطنية، وذلك بهدف التوصل إلى أرضية وفاق سياسي".
وأضاف أن "المتوخّى من هذه الندوة هو توفير المناخ السياسي الذي يسمح للرئيس بوتفليقة باتخاذ قرار في الغالب بإرجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية، بضمان أن تعقبها مشاورات موسعة لطرح إصلاحات سياسية جديدة، يرشح أن يقودها رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي، لتنظيم انتخابات رئاسية هادئة يترشح فيها بوتفليقة لولاية خامسة تحت نفس الضمانات".
وذكر المصدر أن "أحزاب التحالف الرئاسي ستتولّى في اجتماع لاحق الدعوة لعقد مؤتمر الوفاق والإجماع الوطني الذي ترعاه الرئاسة الجزائرية، بعد الانتهاء من صياغة أرضية سياسية تطرح في المؤتمر، تتضمّن خلاصات سياسية يجري النقاش بشأنها". وكشف أن "هناك جملة من الأفكار تطرح الآن للنقاش في الفضاءات السياسية الخاصة بشأن ندوة الوفاق الوطني وتجري حولها اتصالات ولقاءات غير معلنة في الوقت الحالي، بين شخصيات من الرئاسة وقادة أحزاب، بما فيها من صف المعارضة، تتعلّق بتوجه لإرجاء الانتخابات، وقد يسبقه تعديل الدستور لاحقاً عبر البرلمان، تحديداً المادة 110 التي تحدد حالات تأجيل الانتخابات (حالياً المادة تحصر ذلك في حالات الحرب فقط)، وإدراج حالات أخرى، كتقدير الرئيس لمخاطر داخلية، واستحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية، وترقية الهيئة المستقلة للانتخابات إلى هيئة مشرفة على الانتخابات بشكل كامل".
ويعدّ البند الأخير أحد أبرز مطالب أحزاب المعارضة السياسية، التي تتهم في الغالب الحكومة بتزوير الانتخابات، بسبب إشرافها الكامل على الانتخابات والترشيحات. وتطالب المعارضة بنقل هذه العهدة إلى اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي أصبحت هيئة دستورية منذ تعديل دستور 2016، على خلفية إصلاحات سياسية تعهّد بها بوتفليقة في إبريل/ نيسان 2011، وأجرى بشأنها جولتي مشاورات في عامي 2012 و2014.
وكان حزب تجمّع أمل الجزائر، العضو في التحالف الرئاسي، قد دعا الأسبوع الماضي إلى عقد مؤتمر إجماع ووفاق وطني، حتى وإن تطلّب ذلك إرجاء تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، تزامناً مع دعوة حركة مجتمع السلم (إخوان الجزائر) لعقد مؤتمر توافق وطني وتأجيل الانتخابات الرئاسية بشروط عدم استمرار بوتفليقة في الحكم وتشكيل حكومة وفاق وأجندة إصلاحات سياسية.
ويضغط عامل الوقت على الرئاسة الجزائرية وحزامها السياسي من الأحزاب الداعمة لها، إذ يبقى لبوتفليقة أقل من شهر قانونياً لاستدعاء الهيئة الناخبة، إذ تنصّ المادة 136 من نفس القانون على أنه "تُستدعى الهيئة الناخبة بموجب مرسوم دستوري في ظرف 90 يوماً قبل تاريخ الاقتراع". ما يعني أنه يستوجب استدعاؤها قبل 14 يناير/ كانون الثاني المقبل كأقصى حدّ دستورياً. كذلك تنصّ المادة 135 من قانون الانتخابات على أنه "تجرى الانتخابات الرئاسية في ظرف 30 يوماً السابقة لانقضاء عهدة رئيس الجمهورية"، وفي حالة بوتفليقة والانتخابات المقبلة، يفترض أن تجرى الانتخابات في الفترة بين 14 مارس/آذار إلى 14 إبريل/ نيسان المقبلين.
في هذا السياق، أرجأ قادة أحزاب التحالف الرئاسي في الجزائر اجتماعاً كان مقرراً أمس الأحد، في قصر الحكومة، مخصصاً لمناقشة مقترح عقد ندوة الإجماع الوطني وتحديد موقف من مسألة إرجاء الانتخابات الرئاسية المقبلة. وجاء إرجاء الاجتماع بناءً على طلب من المنسق العام لجبهة التحرير، معاذ بوشارب، حتى إجراء مزيد من المشاورات السياسية مع الفريق الرئاسي المحيط ببوتفليقة بشأن كيفية إخراج مقترح عقد ندوة وفاق وطني والمخرجات المتوقعة منها، إضافة إلى ارتباط رئيس الحكومة أحمد أويحيى باستقباله رئيس الحكومة الكورية الجنوبية، لي ناك ـ ييون، أمس الأحد.