وتسببت هذه الحادثة في موجة غليان كبيرة وسط الشارع الجزائري، وتعالت الأصوات منادية بتنفيذ عقوبة الإعدام في حق الجناة، كما دعا الجزائريون خلال الأيام الأخيرة في مسيرات شعبية خرج فيها الآلاف عبر كل من ولايات "تيزي وزو" و"ووهران" و"قسنطينة" والعاصمة الجزائرية بتنفيذ هذه العقوبة في حق كل من تسبب في اغتيال الطفولة دون رحمة.
مقابل هذه الهبّة الشعبية التي أثارتها قضية الطفلة نهال، فإن الجهات الحكومية والرسمية في الجزائر لم تتحرك لحد الآن، ولم تبد أي موقف رسمي حيال هذه "الأزمة" و"الكارثة" بحسب المراقبين، حيث اعتبر المتتبعون بأن الجهات الرسمية تتعامل بما هو موجود من القوانين فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، والتزامات الجزائر الدولية في هذه النقطة بالذات، بالرغم من تعالي الأصوات بتنفيذها خلال الأعوام الممتدة من 2010 إلى 2014، وهي السنوات التي شهدت عشرات حالات الاختطاف في الجزائر واغتصاب البراءة.
ويعود اليوم الحديث عن العقوبة في انتظار ما ستسفر عنه مطالب نواب الشعب في البرلمان الذين يحضرون لتقرير مساءلة لوزيري الداخلية والعدل، وهو ما يساهم في تحميل الجهات الرسمية مسؤولية اجتماعية جد خطيرة.
وأوقفت الجزائر تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، ولكنها نفذت هذا الحكم مرتين في تاريخها حيث تم الأول ضد العقيد في الجيش محمد شعباني سنة 1964 الذي وجهت له تهم تتعلق بالتحضير لعملية انقلابية في الحكم، بالإضافة إلى اتصالاته مع أجهزة أمنية فرنسية من أجل فصل الصحراء عن الجزائر، فضلا عن عدم تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية آنذاك أحمد بن بلا، غير أن شعباني أنكر التهم الموجهة له إلا الأخيرة التي اعترف بها.
أما المرة الثانية، فنفذت فيها الحكم ضد أربعة إرهابيين لضلوعهم في تفجير مطار هواري بومدين الدولي وذلك في 26 أغسطس/ آب سنة 1992، من بين مجموعة من المتورطين في العملية وعددهم 28، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 118 آخرين.
وعزّزت بعض فعاليات المجتمع المدنية والجهات الحقوقية في الجزائر موقف إعادة تنفيذ عقوبة الإعدام في حالات معينة متعلقة باختطاف الأطفال واغتصابهم وقتلهم، حيث شدد رئيس اللجنة الجزائرية الاستشارية لحقوق الإنسان وحمايتها، المحامي فاروق قسنطيني، في تصريحات صحفية مؤخرا على ضرورة مناقشة الموضوع على أعلى مستوى وبمشاركة مختلف الأطياف السياسية ومنظمات المجتمع المدني، على اعتبار أن الظاهرة باتت تهدد المجتمع الجزائري وتخيف الأسر والأبناء.
ومازالت المحاكم الجزائرية تصدر عقوبة الإعدام ضد المتورطين في الأعمال الإرهابية، إلا أنها لا تنفذ في حقهم، وهو ما يعتبره عدد من رجال القانون من بين الثغرات التي لا تسعف في الحد من بعض الجرائم الكبرى في الجزائر.
ومن خلال تصاعد الدعوات لتنفيذ الإعدام، وظاهرة الاختطاف التي تطال الأطفال، شدد مراقبون في الجزائر على أهمية فتح نقاش واسع من أجل وضع إجراءات يمكن من خلالها الحد من ظاهرة الاختطاف، لأن تجميدها في رأي المحامي عبد النور براهيمي في تصريح لـ" العربي الجديد " في حد ذاته مشاركة في الجريمة وحماية غير مباشرة للمجرمين.
وأضاف المتحدث أن الجزائر اليوم تعرف ضغطا رهيبا فيما يتعلق بفقدان الثقة والأمان، وهي مخاوف تستدعي إجراءات "عاجلة" من أجل إعادة الطمأنينة إلى نفوس الجزائريين.