الجزائر: حرب ضد تهريب المخدرات وعين على علاج المدمنين

26 مايو 2016
نشوة عنيفة وقاتلة (Getty)
+ الخط -
تشهد الجزائر تزايداً مقلقاً لتهريب المخدرات والمتاجرة بها، حيث كشفت مصالح الأمن عن تهريب وحجز أزيد من 167 طنّاً من المخدرات خلال عام 2015، أرقام تكشف مدى خطورة انتشار هذه السموم في المجتمع الجزائري.

وحسب أرقام الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات، فإن أكثر من 109 أطنان من القنب الهندي تم حجزها في مناطق غرب الجزائر القريبة من الحدود الجزائرية المغربية، مقابل ذلك نشرت السلطات 28 مركزاً حدودياً لمراقبة الحدود ومنع تهريب المخدرات.

هذا الوضع خلق حالة من الرعب داخل الأسر الجزائرية، الأمر الذي دفع إلى التحرك ودقّ ناقوس الخطر أمام الانتشار المهول للمخدرات في الأوساط الشبابية والمدارس والمؤسسات التربوية التي باتت سوقاً مفتوحة لترويج مختلف أنواع المهلوسات.

وفي السياق، قالت الاختصاصية النفسية، وهيبة حمداني من  ثانوية المقراني بالعاصمة الجزائرية لـ "العربي الجديد" إنّ مخاوف الأساتذة والأولياء على حد سواء تتزايد بسبب انتشار تعاطي المخدرات بين تلاميذ تتراوح أعمارهم ما بين 14 و 17 سنة  ذكوراً وإناثاً"،  وهو ما لمسته من خلال لقاءاتها الدورية مع التلاميذ، لافتة إلى أن الدافع وراء تعاطيهم المخدرات هو الفراغ العاطفي والأسري، حيث يقبلون على تعاطي المخدرات في بداية الأمر، كـ"تجربة" ، لتتحول اللعبة إلى "هواية يومية" ثم إلى متنفس لكل الهواجس اليومية، خصوصا في هذه المرحلة العمرية الحرجة".

من جهته، اعتبر الأستاذ المختص في علم النفس الاجتماعي بجامعة بوزريعة عبد القادر سماري، أنّ المجتمع الجزائر بات يواجه خطر المخدرات، وانتشارها في صفوف التلاميذ وطلبة الجامعات وبين الشباب العاطل عن العمل.



وأوضح في تصريح إلى "العربي الجديد" أن الفراغ عدو الشباب الكبير هو ما يدفعهم لاختيار المخدرات كمنقذ حقيقي من رتابة يومياتهم، كما أن رواجها في المجتمع يسهل تعاطيها من طرف الشباب، داعياً إلى ضرورة ايجاد صيغ لإنقاذ الشباب من آفة المخدرات التي تتحول مع مرور الزمن إلى إدمان يومي، لافتا إلى أهمية النشاطات اليومية للشباب والمنتديات والفعاليات الشبابية التي ترتكز على الترفيه والتوعية وتفعيل نشاطات الجمعيات في الأحياء.

وبرغم توفير الحكومة الجزائرية أزيد من 25 مركزاً لمكافحة الإدمان تشهد إقبالا كبيراً من المدمنين، إلا أن ذلك لا يعني الإقلاع النهائي عن المخدرات، حسب تصريح جمال مدني المتخصص في علاج المدمنين على المخدرات بمستشفى "فرانس فانون" بالبليدة غرب العاصمة.

وقال الطبيب مدني لـ"العربي الجديد" إن علاج المدمنين يتطلب مواكبة وطول صبر، ففي الأسابيع الثلاثة الأولى نشتغل على برنامج لتخفيف مفعول المخدرات، ثم بعد ذلك نحاول إبعاد المدمن عن المحفزات المغرية التي تعيده إليها، الأمر الذي يستدعي مواكبة نفسية وإرادة قوية من المريض ودعم ومساندة وسطه الأسري، والالتزام بمواعيد العلاج".

وهو الرأي الذي شاطرته إياه المختصة الاجتماعية الدكتورة سكينة لرادي، التي قالت لـ"العربي الجديد" إنّ المدمن يحتاج وقتاً طويلاً للإقلاع عن تعاطي المخدرات، ويمر بمرحلتين مفصليتين، المرحلة العضوية عبر "تخليصه من السموم المنتشرة في جسمه، ثم المرحلة الثانية من خلال مساعدته على فك ارتباطه بالسموم".

وشرحت الدكتورة لرادي طريقة العلاج قائلة إن المدمن إن تعافى جسمه من السموم سيستمر ارتباطه نفسيا بالإدمان، خصوصا إن كان الإدمان على أنواع متعددة من المخدرات، وهو ما يعني أن فترة العلاج قد تتواصل لأشهر، وقد تتجاوز السنة الكاملة، مؤكدة أن الرغبة في العلاج هي نصف طريق النهائي لهؤلاء.

من جانبه، شدّد الخبير الاجتماعي سعيد لخوص على أن المخدرات هي خطر يهدد الأمن الاجتماعي للجزائر، فكثيرة هي الجرائم التي يقوم بها المدمنون، مضيفا لـ "العربي الجديد" هي حقا نشوة عنيفة وقاتلة، تذيب الفرد جسدياً وتخرجه عن تحكمه العقلي في حياته اليومية ويصبح تأثيره في المجتمع أكبر، خصوصا إذا تحول الإدمان إلى وسيلة للقتل من أجل الحصول على مسكن للآلام النفسية التي يعانيها".

وتبذل الحكومة الجزائرية جهودا لمحاربة هذه الآفة التي تنخر المجتمع الجزائري، بداية من مكافحة تهريب والاتجار بهذه السموم، فضلا عن تضافر جهود الأسر وجمعيات المجتمع المدني لتقليص انتشار هذه الظاهرة وتزايد متعاطيها.